قال الإمام يحيى هندى، إمام الجمعية الإسلامية فى فريدريك، بولاية ميريلاند الأمريكية وهو أول رجل دين مسلم يعمل فى جامعة جورجتاون الأمريكية رداً على سؤال "محيط" المتعلق برأيه حول وصول تيار الإسلام السياسي إلى سدة الحكم بمصر ، قال أن الشعارات لا تكفي والتجربة التاريخية خير دليل . وضرب هندي المثل بالنموذج الإيراني في السبعينيات والذي ادعى أنه يمثل الحضارة الإسلامية لكننا رأينا ظلماً للمرأة وللآخر، لافتاً إلى أن الآخر هنا لا يعني السنة بل أيضاً داخل الشيعة فالمعارض منهم يقتل، كذلك الممارسة السودانية العشرين سنة الماضية لم تقدم نموذجاً طيباً للإسلام السياسي.
وقال هندي أن هذا لا يعني أن نغضب بل يعني ضرورة التعلم من الآخر، وأشاد الإمام بالنموذج التركي وصفه بأنه ناجح سياسياً واقتصادياً، ويحقق العدالة وعزة النفس والكرامة لأفراده، فهو مشروع حضاري إسلامي على المسلم أن يفتخر به، مؤكداً ان النموذج التركي يتفوق على النموذج الماليزي في ذلك، لكنهما على أية حال مثالان ناجحان للمشروع الحضاري الإسلامي.
ووجه هندي خطابه إلى الإسلاميين الذين تبوأوا الحكم في مصر قائلاً: "..انتخبكم الشعب ووثق بكمن أصبحتم تقودن الدولة، فكونوا خير من انتخب وحققوا آمال الشعب لأنكم إذا حققتم آماله سيعيدون انتخابكم، وإن خسرتم سيخسر المشروع الإسلامي معكم"، ونصحهم بأن يتقوا الله في أنفسهم وفي الشعب، حتى ينجح المشروع الإسلامي ورهن نجاحه بأن يستوعب الجميع فيشعر المسيحي أنه جزء من هذا المشروع، وهكذا تشعر المرأة والجيل الجديد والعلمانيين، وألا يصبح أحد مضطهد بسبب دينه أو فكره أو انتمائه السياسي، مؤكداً أن وصولهم للحكم في مصر محنة وامتحان للإسلاميين عليهم اجتيازه.
وأوضح هندي أن توقيت زيارته إلى مصر لا يتعلق بأزمة الفيلم المسئ إلى النبي صل الله عليه وسلم، فالزيارة مرتب لها منذ فبراير الماضي، وكان من المفترض ان تتم في إبريل ثم أجلت إلى يونيو، ثم تم الاتفاق على أن يزور مصر في الاسبوع الأول من أكتوبر هو ما حدث.
وعن الفرق بين الرئيس بوش الذي التقاه الإمام يحيى هندي بعد أحداث 11 سبتمبر عدة مرات، وبين الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما قال الإمام في تصريحات خاصة ل"محيط" أن أوجه الاختلاف بين الرئيسين واضحة جدا، فالرئيس أوباما منذ البداية كان يريد أن يفتح طريقاً للحوار مع العالم العربي والإسلامي، كجزء من سياسته المحلية والعالمية، ولم يتأثر بأحداث ما بعد 11 سبتمبرعلى عكس الإدارة الأمريكية السابقة التي تأثرت بهذا الحادث وأثر ذلك على طريقتها في العمل وفي ألفاظها، لذلك في إدارة أوباما وجدنا تغيراً في الألفاظ والمصطلحات، فلم تذكر كلمات مثل جهاد وجهاديون في عهد اوباما ولو مرة واحدة، كذلك ركز اوباما على مسألة احترام الآخر، فخرج بعد أزمة الفيلم المسئ بعد دقائق وتحدث عن رفض امريكا له وأنه لا يمثل الحكومة، كذلك تحدثت هيلاري كلينتون بعد ثوانٍ، في رد فعل سريع واضح، أما الإدارة السابقة فقد كانت أكثر بطئاً في التعامل مع مثل هذه القضايا.
رداً على سؤال "محيط" إلى أي مدى يتحمل المسلمون مسئولية تشويه صورتهم أمام الغرب، قال أن المسلمين يميلون إلى لوم الآخر ويبتعدون عن نقد أنفسهم، رغم أن النبي في حديث روته ام سلمة نهى عن ان نمنع الناس حقهم، وفي الوقت ذاته نطالبهم بحقوقنا.
يواصل: أنا كإنسان يعيش في الغرب ويعطي محاضرات عن الإسلام ليل نهار في الكنائس والمعابد، وكإنسان رأى عشرات الآلاف يدخلون الإسلام أقول أنه لو أحسن المسلمون حياة الإسلام بكل ما فيها من أخلاقيات لتغير موقف الغرب بما فيه السياسة تجاه الإسلام والمسلمون، نحن منقسمون في العالم العربي والإسلامي على أنفسنا متناحرون فيما بيننا سواء سياسياً أو دينياً، المرأة كذلك تهضم حقوقها، ونحقر من شأنها، ولا نعطيها حقوقها في المحاكم الشرعية، فلازالت تزوج عن غير إذنها، علينا أن نغير ممارساتنا لأننا بالفعل مسئولون عن موقف الغرب تجاهنا.
جاء ذلك على هامش محاضرة الإمام يحيى هندي التي استضافتها ساقية الصاوي أمس الثلاثاء، تحت عنوان " الإسلام ودوره فى السياسة والحكم"، أكد فيها أن الأمة الإسلامية في حاجة إلى اتباع التراث دون تقليد، واجتهاد دون تسيب. وأوضح هندي أن الله تعالى أشار في كتابه العزيز إلى فكرة تدافع الناس، وهو مقومات إنجاح الشعوب، فلو حكم العالم حزب واحد أو دولة واحدة لخرب. وفيما يتعلق بالقضايا الدولية في المشروع الإسلامي يجب ترسيخ مبدأ الإخاء البشري والمساواة الإنسانية، على أن يكفل المجتمع من داخله حرية العقيدة والحياة بمختلف صورها، في دولة تحقق الرعاية والحرية والعلم والنهوض بالزراعة والتجارة وتحقيق الأمن والأمان لكل المواطنين.
وأشار هندي إلى أن الإمام الأفغاني ومحمد عبده رفعا شعار الدولة المدنية لا الدينية، والتف حولهما اليهود والمسيحيون أيضا.
وحول خطة ال100 يوم أكد هندي أن الرئيس مرسي وضع نفسه في ورطة حين أعلن أن مصر ستتغير في مئة يوم، ولا يمكن للمصريين أن يتوقعوا ذلك، فعلى المصريين ألا يتعجلوا اقتطاف الثمر.
وحول أزمة الفيلم المسئ قال أنه فيلم انتجه رجل واحد هدفه إثارة حفيظة المسلمين لكي يثبت لأمريكا أن المسلمين غير قادرين على الخطاب العقلي البناء وأنهم "همج"، ونصحت حينها المسلمين الذين سألوني عن كيفية الرد على هذه الإساءة بأن قلت أن الرد الأبلغ هو عدم الرد، سيموت الفيلم وصاحبه حينها وسيذهب معه غيظه، لكن المسلمون شاهدوا الفيلم ودعوا إليه وانتشر.
في أمريكا – يواصل – كان ردنا عقلي بدلاً من إلقاء السفارات بالحجارة وزعنا ما يقرب من 25 ألف سي دي عن النبي الكريم، ودعيت لإلقاء موعظة يوم الأحد في كنيسة أمريكية لألف مسيحي، وخصصتها للحديث عن الإسلام، ونقوم بإعداد فيلم وثائقي عن النبي وسنضعه على اليوتيوب وبهذا يكون دفاعنا عن النبي بطريقة يمكننا خلالها الوصول إلى الطرف الآخر، بأن نكون خير سفراء لدين يملؤه الحب والرحمة.
وختم محاضرته قائلاً إذا أردنا بناء علاقة مع الآخر علينا أن نفتح قلوبنا وآذاننا وعيوننا عليه، وهكذا يفعل معنا الغرب، لأننا نعيش في عالم يحتاج بعضه البعض، على العرب أن يكفوا عن تعليق أخطائهم على شماعة أمريكا، فإذا كان لدينا حكام متعفنون كاذبون نلوم أمريكا لأنها تقف ورائهم، لماذا لا نلوم أنفسنا لأننا رضينا بهم حكام علينا، مؤكداً أن الأمة الإسلامية فشلت حين علقت أخطائها على شماعة الآخرين.
يذكر أن الإمام يحيى هندى يشغل منصب عضو فى مجلس الفقه الإسلامى فى أمريكا الشمالية، وقد شغل منصب عضو هيئة تدريس مساعد لكرسى زانفيل كريجر فى كلية الآداب والعلوم، وفى قطاع التعليم المستمر فى معهد أوشير بجامعة جون هوبكنز، وكذلك فى جامعة فوردهام وفى هارتفورد، وحصل على الماجستير والدكتوراه وتخصص فى مجال الأديان المقارنة مع التركيز على المسيحية واليهودية والحوار والعلاقات بين الأديان.
ويقوم كذلك بالتدريس فى حلقات دراسية لها درجة شعبية عالية جداً فى جامعة جورج تاون تحت مسمى: "لقاء بين الأديان". وكتب عديد من الأعمال المنشورة حول عديد من المواضيع، بما فى ذلك النساء فى الإسلام، والمرأة والعلاقات بين الجنسين فى الإسلام، والمجىء الثانى للمسيح، وأخلاقيات الطب الحيوى، والدين والإسلام فى الولاياتالمتحدة.