كنت دائما اتساءل وأنا في طريقي الي العاصمة العمانية مسقط, هل كان اختيارها عاصمة للسياحة العربية2012 وسط تطورات الوضع العربي وانعكاساته السلبية علي صناعة السياحة العربية بشكل عام, هو التوقيت الذي يمنح هذا البلد الفرصة لكي يتحدث عن إمكاناته السياحية التي لاغني عنها لفهم سياساته في محيطه الإقليمي والدولي. كانت محطات الاختبار عديدة في مسقط, هذا العام, ومنذ بدايته, فكان مهرجان مسقط2012 الذي انطلق في26 يناير الماضي واستمر إلي23 فبراير الماضي. ثم معرض مسقط الدولي للكتاب في مارس الماضي. وفعاليات عديد تلت ذلك التاريخ ربما كان أشهرها مهرجان خريف صلالة في الصيف الماضي. وتزخرمدينة مسقط بمناطق سياحية غنية ذات قيمة أثرية كبيرة بجانب الحركة العمرانية المنتشرة في مختلف أرجائها. ولها تاريخ عريق يرجع إلي عصور قديمة لا تزال أحياؤها القديمة تحتفظ بطابعه, وشواهده من العمارة الإسلامية والمباني العتيقة والحارات والأزقة والطرقات الضيقة التي تميزها كعاصمة إسلامية, وإن لم يفتها في الوقت نفسه ركب الحضارة حيث توجد بها المباني الحديثة. فهي مدينة أخاذة, سرعان ما يكتشفه زائرها في دروبها و وجوهها التاريخية والتراثية والمعاصرة. تاريخها ربما يشتاق الكثيرون لمعرفته, فهي مدينة ممتدة في تاريخها عبر أقدم العصور, وتحوي في داخلها الكثير مما يروي عن تاريخ هذه المدينة.. منذ عدة عقود, كانت مجرد ميناء, لكنها الآن عاصمة كبيرة الجميع فيها يعمل.. يعيش فيها ليس فقط مواطنوها, بل أيضا المقيمون من جنسيات مختلفة.. الذين يغريهم كثيرا الاستمتاع بسحر المدينة الذي لا نهاية له. نبض التنمية في مسقط متسارع, تلتقي فيها أساليب عديدة, فيها الطابع الشرقي الأصيل والغربي المعاصر, تماشيا مع حركة السياحة, ومتطلبات الجذب الأوروبي الذي تحظي به, تري فيها ما لا يحصي من الفنادق, وتيرة ربما هي المناسبة لمدينة سياحية بمواصفات عالمية ترضي السائح وتجذب المستثمر وكبار الساسة. أخذني مرافقي شاب نشط من وزارة الإعلام العمانية في جولة في مسقط, شاهدت خلالها مواقع البناء في مختلف الأرجاء, فنادق عديدة و جديدة في كل مكان طرقا ومباني حديثة.تم الانتهاء من بعضها والآخر قيد الإنشاء.. يقول مرافقي: إنهم يشقون الطرق في أدغال الجبال.. عملية شاقة ومكلفه لكنها مسار مهم في عملية التنمية والبنية التحتية في مسقط. تلك هي الصورة التي اكتشفتها.. الجميع هنا يري في المستقبل ما يبعث علي الفخر في حجم النمو الذي شهدته والاستثمارات, لكنهم في النهاية يجمعون علي أن التراث والتاريخ لا ينبغي أن يضيعا, فهما ولا شك يظلان دائما وأبدا أساسا قويا لأي مجتمع, ويبقي الحفاظ عليهما وعدم إهمالهما هو المحك في الحكم علي أي استراتيجية لبناء نموذج يدوم ويتطور...هكذا هي الصورة قرأتها خلال لقاء جمعني مع وزير إعلام عمان.. د عبدالمنعم بن منصور الحسني أكاديمي متخصص في مجاله.. عمل أستاذا للإعلام بجامعة السلطان قابوس, ولديه من الرؤية المستقبلية ما يجعل للإعلام دوره المهم في استراتيجيه التنمية والبناء التي تسير عليها عمان. وقد اكتسبت مسقط أهمية استراتيجية في الخليج العربي والمحيط الهندي, جعلت منها محورا للكثير من الفعاليات السياسية التي ربطت موقع عمان وسياستها الانفتاحية علي مختلف دول المحيط الإقليمي لها وجعل منها فاعلا أساسيا في السياسات الخليجية والعربية والعالمية ولا يمكنك أن تفصل بين معالمها السياحية وتاريخها السياسي وواقع سياساتها التي انتهجتها في عهد السلطان قابوس بن سعيد دون خلفية تاريخية فالقلاع التاريخية تحكي قصص كثيرة عن صد الغزاه والمستعمرين والأسواق القديمة تؤكد علي انفتاح علي مختلف الشعوب المجاورة..والموقع الساحلي يؤكد علي التفاعل مع المحيط الأقليمي والدولي.. اذ تشكل عمان واحدة من أهم دول منطقة الخليج العربي علي خلفية عدة معطيات جعلت منها دولة صاحبة دورا في الكثير من المواقف الخليجية وربما أيضا العربية.. فهي تمثل في علاقاتها الوثيقة مع إيران عامل استقرار وتوازن بل وعنصر تفاعلات إقليمية تتعدي حدود الخليج.