بحكم بدايتها المبكرة في الغناء وهي لم تزل طفلة صغيرة أصبحت مع مرور الأيام والسنين واحدة من الأسرة المصرية بمثابة الابنة أو الأخت التي عاشرت أجيالا مختلفة. فهي تحمل في أعماقها طيبة الطفولة ونضج الصبا كما يبدو في إجاباتها ورغم عفويتها الواضحة فإنها لا تعرف الاختباء وراء التلميحات حتي أمام المحرج من الأسئلة,فالثقة تملأ نفسها,والابتسامة الوادعة البريئة عنوانها. إنها غادة رجب التي كان آخر ألبوم لها السبب في ابتعادها عن سوق الكاسيت لمدة ثمانية سنوات,ربما فشل هذا الألبوم والجحود والنكران كان سببا في إحساسها بالألم وشعورها بأن أحلامها الغنائية تتبخرفي الهواء,ومستقبلها كمطربة أصبح علي حافة الخطر, لكن رب ضارة نافعة, فلم يكن فشل الألبوم سوي قنبلة انفجرت شظاياها داخل أعماقها فقررت أن تحول الهزيمة إلي نجاح, وعادت غادة لقواعدها الغنائية سالمة,عادت بعد أن تمردت علي حالة السكون التي عاشت فيها باختيارها,وبعد أن كاد الناس ينسون عناوين أغانيها الجميلة التي صنعت منها موهبة حقيقية في عالم الغناء, ومؤخرا طرحت غادة ألبومها الغنائي الجديد' صورتي',والذي جاء في طبعة غنائية جديدة, متطورة,مختلفة, تبدو فيه متحمسة وكأنها تغني لأول مرة. غادة: في البداية يهمنا معرفة كيف جاءت فكرة تقديم ألبوم صورتي بكلماته المصرية وألحانه وتوزيعاته التركيه؟ بعد مروري بحالة من اليأس والإحباط بسبب مافعلته معي شركة روتانا منتجة ألبومي الأخير' أوقات بحن' التي قصرت في حقي وحق الألبوم, وأصابتي بحالة من الحزن والضيق من بعض الشعراء والملحنيين الذين ساندتهم في بداية مشوارهم ووقفت بجوارهم, لكنهم تنكروا لي بحجة أنني في هذا الوقت لم أكن' منورة',أوفي دائرة الضوء بقوة,في هذه الفترة وبالتحديد في2010 تلقيت عرضا من قناةTRT لإحياء حفل إطلاقها باللغة العربية في تركيا بمشاركة المطرب والملحن الشهير سلامي شاهين, وفي هذه الفترة كنت أتابع إعادة مسلسل' سنوات الضياع',وكنت مبهورة بالتتر الخاص به,وانتظره كل يوم,وقررت أن أحفظ كلماته دون أن أفهم معانيها وقمت بغنائها في الحفل الذي حضره رئيس الوزراء التركي' رجب طيب أردوغان',وفوجئت بردود أفعال قوية وبعد حضوري للقاهرة تلقيت في اليوم الثاني لوصولي عرضا من القناة لإحياء13 حفلا في شكل برنامج موسيقي مع' سلامي شاهين' استضفنا فيه كل المطربين والموسيقيين الأتراك, وبعدها تم تكريمي في السفارة التركية, ثم أحييت حفلا في مهرجان الموسيقي العربية واستضفت عازف الكلارينت التركي العالمي حسنو علي نفقتي الخاصة, بعد أن رفضت الأوبرا تحمل نفقاته, وخلال هذه الفترة ولدت فكرة الألبوم في ذهني وقررت أن أخوض تجربة الغناء بالتركي من خلال ألبوم مستقل وبدأت الطريق حيث درست اللغة التركية وأصبحت متفوقة فيها عكس أيام الدراسة, واتقنت اللغة وأدركت معاني الكلمات. ما الذي كنت تريدين تقديمه في ألبومك الجديد' صورتي',بعد ثمانية سنوات من الابتعاد عن سوق الكاسيت؟ كنت أريد تقديم عمل فني قوي يعوض سنوات غيابي عن سوق الكاسيت,أخاطب من خلاله بنات جيلي,ويكشف- في ذات الوقت- الوجه الآخر في شخصيتي,الذي يتميز بالشقاوة وخفة الظل والدلع والتمرد والخجل بعيدا عن الرومانسية والرصانة والوقار والتي أشتهرت بهم جميعا. قمت بتقديم نسختين من ألبوم' صورتي' نسخة بكلمات مصرية,و آخري بكلمات تركية لماذا لم يطرح الألبوم التركي في السوق المصري؟ خفت من عدم فهم الناس للغة التركية,لكني وجدت من خلال غنائي لبعض المقاطع باللغة التركية في الألبوم المصري أن كثيرا من الجمهور أحب التجربة وبعضهم عندما يقابلني اليوم يسألني عن النسخة التركية,التي ستطرح في تركيا قريبا جدا. قلة عدد الأغنيات في الألبوم لم يكن كافيا لإرضاء نهم المعجبين بفنك بعد سنوات من الغياب؟ قرأت هذا التعليق علي بعض مواقع تحميل الأغاني,وأسعدني ولم يضايقني, والحقيقة أنني بعد انتهائي من تسجيل أغنيات الألبوم الست وجدتهم كافيين جدا لإيصال الرسالة التي أريد الوصول بها لجمهوري,خاصة أن كل أغنية مختلفة تماما عن الأخري من حيث الكلمات والألحان والتوزيع وطريقة الغناء. هل قلة عدد الأغنيات راجع إلي كونك منتجة الألبوم؟ ضاحكة:هذا أحد الأسباب لأنني تحملت تكلفة مادية باهظة,فضلا عن التعب الشديد في التسجيل,حيث تم تسجيل الألبوم بكامله باستثناء أغنيتين في تركيا,وبعيدا عن الماديات والتعب وجدت أن الست أغنيات جرعة مركزة من الرومانسية والشقاوة وخفة الظل والدلع. ما أقرب الأغنيات الست إلي قلبك؟ لأغنية' صورتي' معزة خاصة,حيث كانت' وش السعد' علي,وأحب الاستماع إليها بعزف' حسنو' أكثر مما أحب سماعها بصوتي. ما أكثر أغنية أخذت وقت منك؟ `'ياما زن' حيث أخذت وقتا طويلا في كتاباتها,وكل مرة أتصل بشاعرها بهاء الدين محمد كان يقول لي مازحا:' أصبري ياغاغة',وبعد انتهائه من كتاباتها جننت بها. البعض ردد أنك انتهزتي موضة نجاح المسلسلات التركية وحب وشغف الشعب المصري بهذا الفن وقدمت ألبومك؟ ضاحكة إطلاقا لأن هذا ليس من طبيعتي ولا في شخصيتي,' عمري ما جريت وراء موضة في الفن ولا حتي في الملابس. طرح ألبومك تزامن مع عدد كبير من المطربين مثل أصالة وحماقي وعبدالمجيد عبدالله وغيرهم ألم تخشي من المنافسة؟ بالعكس: سعدت جدا بهذا,فالمنافسة تقويني, لأنني أفضل أن أكون' منورة' وناجحة وسط مجموعة من المطربين بدلا من النجاح بمفردي,وأكثر شيء أسعدني هو فرحة الناس بي. في فترة الابتعاد الطويلة ألم تفكري في طرق أبواب جديدة في الفن مثل التمثيل أو تكثيف غنائك في تترات المسلسلات؟ لا أحبذ فكرة التواجد من أجل التواجد دون إضافة حقيقية,فليس لدي عقد نفسية,أو هوس بالشهرة,أنا فنانة عندي موهبة احترمها وأحبها,وأضعها في مكانها الصحيح,وفي فترة ابتعادي كنت أقدم حفلات ناجحة, لكن أشترك بالتمثيل في مسلسل أوأطلق علي نفسي شائعات وأرجع أنفيها,أو أغني شيء غير مقتنع به كل هذه أشياء ضد قناعاتي ومرفوضة تماما. ألم تشعري بالحزن والألم في فترة الابتعاد؟ أبدا أبدا لأنني مؤمنة بقضاء الله,خاصة أنني كنت أجلس في منزلي' بمزاجي'!لأنني أريد تقديم شيء مختلف إلي أن' نور لي ربنا الطريق' ودخلت منطقة جديدة علي وعلي الأغنية المصرية والعربية. هل تخشين علي فنك من صعود التيارات الدينية خلال الفترة الماضية ووصولها للحكم؟ لا تخيفني هذه التيارات الدينية لأننا كفنانين كتلة كبيرة لا يستهان بها,لكن لا أكذب عليك في البداية كنت خائفة وقلقة,خاصة بعد قضية الفنان الكبير عادل إمام,لكن براءته أعطتني أملا وتفاؤلا,لأن مصر لن تكون مصر بغير الفن والفنانين, وأيضا من غير رموزها في كل المجالات الآخري,فمثلا عندما يذكر إسم مصر يذكر علي الفور الأهرامات والنيل وأبوالهول وبالطبع يذكر اسم أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب,نجيب الريحاني, وفاتن حمامه, سعاد حسني, وعمر الشريف,عادل إمام وغيرهم من رموزنا الفنية. في الفترة المقبلة هل ستكثفين تواجدك التركي أم ستطرقين أبوابا جديدة ؟ الجملة اللحنية الحلوة هي التي ستأخذني حتي لو كانت في آخر الدنيا,وكذلك الكلمة المعبرة الجديدة المختلفة.