قد يكون وجه المقارنة بين المشهد السياسي في فرنسا مختلفا في السياق والأحداث عن تطورات المشهد في مصر حاليا, إلا أن هناك وجها للشبه والمقارنة بين رئيسي البلدين فرانسوا هولاند ومحمد مرسي, وطريقة التعامل مع المعارضة. حيث إن كلا منهما اعتلي كرسي الحكم والقرار في وقت متزامن ومتقارب لا يفصل بينهما سوي أيام قليلة. وتكاد تتطابق نفس الحملة التي يتعرضان لها من الداخل وجردة حساب المائة يوم الأولي متشابهة, فبمجرد وصولي الي باريس في الأيام الماضية للمشاركة في مؤتمر تحديات العالم العربي بعد ثورات الربيع, وجدت المعارضة والصحافة الفرنسية تنصب شراك الافخاخ والاستهداف الشخصي للرئيس هولاند, حيث بدأت وقفات ومؤتمرات الحساب المفتوح للرئيس, ولا يخلو الأمر هناك يوميا من مقالات لاذعة ورسوم كاريكاتورية في الصحافة تسخر من الرئيس, ولم يجرؤ الرجل أو حزبه علي النيل من أصحاب تلك الاتهامات, عكس الموقف عندنا حاليا في مصر حيث الوثنية السياسية والأذي واللدد في الخصومة, حيث نري أنصار التيار الديني لا يتورعون عن تحويل القوي الوطنية المناوئة لهم الي منصات اطلاق واستهداف شخصي بأقذع الشتائم من عينة الفلول والخوارج والانتهازيين, بل يصل الأمر في بعض الأحيان الي تكفير البعض والمطالبة بصلبه وتعليقه من خلاف. قارن بين ممارسة ونهج التيار الاسلامي والقوي الوطنية حاليا في مصر, بشأن معركة الجمعية التأسيسية واعداد الدستور الجديد ورغبة الطرف الأول في الاستحواذ والسيطرة وأسلمة الدستور, ودعوات الفريق الثاني الي الرفض بتحضر, والانسحاب والدعوة الي التجييش والتعبئة والاحتشاد في الساحات والميادين لرفض سيطرة التيار الديني علي الدستور الذي من وجهة نظري معركة فاصلة حاسمة لا تقل خطورة وأهمية عن معركة خلع مبارك, ستجد الافتراء وخلط الأوراق للتيار الديني حيث تشتم صياغات ومطالب تكرس وتجذر العودة الي عصور الاستبداد والحكم التسلطي وكأن الشعب لم يقم بثورة للتخلص من حكم الفرعون والحزب الوطني, فنغير يافطة الحزب الجديد فقط. تصحيح المسار لمعركة الدستور الجديد وتكريس التجربة الديمقراطية الناشئة في مصر في يد الرئيس مرسي وحده دون غيره, لذا وجب عليه التدخل باتخاذ قرارات جريئة لانقاذ دستور توافقي, وفض الاشتباك السياسي القادم بشأنه بدلا من معارك التأزيم وحمامات الدم ومواجهات الساحات وفتن متنقلة. فمع بدء معركة الحساب المفتوح للرئيس بعد تجربة المائة يوم, الأسبوع المقبل, لابد للرئيس وأنصاره في جماعة الاخوان أن يتسع صدره ويعترف بالاخفاق والنكوص عن الوعود بعيدا عن لغة التشويه والإلغاء والاقصاء للتيار الآخر, فإخوانك لايمكن أن يصبحوا أعداءك. المزيد من أعمدة أشرف العشري