إذا جاز لأي فئة في المجتمع أن تضرب عن العمل, فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون فئة الأطباء, فليس لملائكة الرحمة أن يكونوا سببا في عذاب مرضاهم, هذه الكلمات تلخص مشاعر كثيرين ممن تابعوا الإضراب الجزئي أمس.. صحيح من حقهم أن يعيشوا عيشة كريمة وأن يعاد النظر في رواتبهم ومزاياهم لتأتي مناسبة لحجم الأعباء والمخاطر التي يواجهونها لكن ما ذنب المرضي ومعظمهم غير قادرين علي تكاليف العلاج بالمستشفيات الخاصة؟ رصدت تحقيقات الأهرام مظاهر الإضراب في عدد من المستشفيات. فبمجرد دخولنا مستشفي بولاق العام تهافت علينا المرضي يبثون شكواهم من رفض الأطباء للكشف عليهم وهم يعانون من الألام والأوجاع فتقول أم إبراهيم وهي تصطحب ابنها الذي جاءت به إلي المستشفي في حالة إعياء شديد مع ارتفاع في درجة حرارته تطلب المساعدة من أحد الأطباء للكشف علي ابنها المريض فرفض قائلا: نحن في حالة إضراب, وهي تستغيث تطلب إنقاذ ابنها وتتساءل ماذا نفعل في حالة إضراب الأطباء وقد تركونا بلا رحمة. وتقول نهاد عبد الواحد جئت للمستشفي أعاني من كسر في ضروسي التي منعتني آلامها من النوم طوال الليل وتوسلت إلي الطبيب لكي يقوم حتي بخلعه بعد الكشف علي, لكنه رفض وأنا من البسطاء لا أقدر علي سداد قيمة كشف طبيب في عيادته, أو في مستشفي خاص, فالتذكرة في المستشفي الحكومي قيمتها نحو جنية ونصف, في حين أي طبيب آخر كشفه يصل إلي100 جنيه, وهو ليس في مقدرتي وأضافت احنا ذنبنا إيه حرام عليهم اللي بيعملوه فينا ده ولأن التمريض لا ينفصل عن الطب فعندما علم عدد من الممرضات بوجودنا لتغطية الإضراب توافدت أعداد كبيرة منهن لعرض شكاواهن التي تمثلت في عدم صرف الحوافز منذ سبعة أشهر وتأخر جميع مستحقاتهم منها كادر لعام2013, الذي من المفترض صرفه هذا العام, وخصم40% من مستحقاتهن, ويطالبن بزيادة راتب التمريض وتثبيت من يعملن بالعقود. الصيدلية مغلقة وبسؤال أحد الجراحين بالمستشفي رفض ذكر اسمه عن قسوة هذا الإضراب علي المرضي قال إن النقابة سمحت لنا بهذا الإضراب ونحن نقوم بعملنا فالطوارئ والرعاية المركزية والعمليات تعمل, بل كل ما يحدث هو إضراب جزئي لا يشمل العيادات الخارجية, والعلاج علي نفقة الدولة وصرف الأدوية. وعندما توجهنا للصيدلية للتأكد وجدناها مغلقة لأن الصيادلة شاركوا في الإضراب, كما التقينا بمريضة اسمها نجوي جمال الدين سيدة مسنة تقول حضرت لأحصل علي دواء لأني مريضة بالسكر ووجدت الصيدلية مغلقة شكوانا لله وحده. وبسؤال د.سوزان فتحي رئيس قسم الصيادلة في المستشفي قالت: شاركنا في الإضراب وأغلقنا لأن هناك قرارا, من النقابة بإلغاء عهدة الصيدلي وألا يتساوي بأمين المخزن وتطبيق الكادر والتدرج في المناصب القيادية وصرف مستحقاتنا المالية من شهر يونيو الماضي, ونطالب بتأمين المستشفي خاصة القسم الخارجي لأننا نتعرض للضرب والإهانة من المرضي لو لم يجدوا الأدوية. رواتب هزيلة د.نسرين أحمد جراحة أسنان بالمستشفي قالت: ينقسم الراتب إلي شقين, أساسي وحوافز, فالأول يتم التعامل به لحساب المعاش وهو ما لا يزيد علي700 جنيه وهذا بعد أن يكون الطبيب قضي نحو أربعين عاما في الخدمة.. ليس لنا مظلة تأمينية تحمينا ونحن علي المعاش, نحن نقوم بسداد الجزء الأكبر من التأمينات من النقابة.. منذ عام2009 كان هناك مشروع كادر أطباء يتم تنفيذه علي ثلاث سنوات, ولكن في عام2011 قامت الثورة فلم يستفد منه أطباء الأسنان, هذه المرة نريد خطوات تنفيذية لكل الفئات أطباء وتمريض وموظفين وعاملين. انعدام الأمن وأضافت د.نسرين: منذ خمس سنوات لا يوجد أمن بالمستشفي ومن المفترض أن هناك رجال أمن معينين ولا نراهم نهائيا ونحن نفتقد الأمن فقد تم الهجوم علينا عدة مرات وخطف أحد الأطباء إلي منزل مريض للكشف عليه تحت تهديد السلاح الأبيض( المطواة) ونحن نطالب بهذا الإضراب لتأمين المستشفيات. د.عبد الحميد عواد علي أخصائي جراحة يقول: لا يوجد أمن بالمستشفي والأطباء يخشون الوجود بالاستقبال لأنه يطل علي الشارع مباشرة, ولقد تعرضت للضرب من بلطجي بالمطواة في جنبي لأني رفضت التوجه مع أهالي أحد المرضي للكشف عليه في منزله, كما نعاني من التجاوزات والضرب الذي يقوم به بعض أهالي المرضي إذا رفضنا كتابة تقارير طبية أكثر من21 يوما بدون وجه حق, ويتساءل هل علي كل طبيب أن يعين حارسا خاصا يحميه؟ ويضيف قائلا لم نحصل علي حوافزنا ولا بدل للورديات ولا حوافز للماجستير منذ ثلاثة أشهر وأرسلت شكوي منذ شهر ونصف لديوان المظالم برقم20761 دون جدوي. ويقول أحد الأطباء: لا يوجد أمن بالمستشفيات ومن الممكن لأي بلطجي أن يخترق المستشفي في أي وقت خاصة أن المستشفي ليس لها سور لتهالكه وتهالك المباني, وأري أن من حق الأطباء المطالبة بحقوقهم وتحسين أحوالهم. د.أسامة أنيس يونان رئيس قسم الرمد بالمستشفي يقول: عملنا علي تحسين مستوانا داخل المستشفي وأدخلنا مبالغ في العيادات عن طريق بعض الكشوفات والعمليات البسيطة في القسم فوجئنا بتعليمات من الوزارة بخصم20% منها لصالح وزارة المالية ونتساءل بأي حق تستقطع منا هذه النسبة؟ وفي مستشفي دمنهور التعليمي يقول د.حمدي زهران إخصائي باطنة وكلي إن الإضراب مفتوح ومستمر طوال الأيام من الصباح الباكر حتي الثانية بعض الظهر ويشمل جميع العيادات الخارجية عدا الطوارئ والاستقبال ووحدة غسيل الكلي, ولن يتم وقف الإضراب إلا في حالة من إثنيتن إما تحقيق المطالب, أو يصدر قرار من الجمعية العمومية بتعليق الإضراب. د.مني مينا عضو مجلس النقابة العامة للأطباء تقول: أول مطلب هو تحسين نسبة الصحة في الموزانة حتي تصل15% خلال مدة تتراوح من ثلاث إلي خمس سنوات وهي المعايير الدولية التي وقعت عليها مصر عام2001 في اتفاقية أبوجا, ونصيب المريض في مصر حاليا123 دولارا في العام في حين أن المريض في مالطا نصيبه من العلاج يصل إلي ألف وسبعمائة دولار في السنة, أما المريض الإسرائيلي فنصيبه نحو ألفين ومائتي دولار, والأمريكي ثمانية آلاف وربعمائة دولار, وهذا يوضح مدي ضألة نصيب المريض المصري من العلاج, والمطلب الثاني هو التأمين الجدي والفعال للمستشفيات, والثالث هو زيادة الكادر المالي والإداري. وتشير إلي أن هذا الإضراب سيعود بالنفع علي المريض وليس الطبيب فقط لأن الإثنين جزء لا يتجزأ وسيعود بالنفع علي الطبيب والمستشفيات ودعمها بالمستلزمات الطبية والأدوية لا شك أن المريض سوف يستفيد منه أيضا.