رسالة برلين: مازن حسان : عندما ادلت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بشكل مفاجئ منذ يومين بأول تصريح لها جرئ من هذا النوع بأن المسلمين جزء من المانيا وأن الغالبية العظمي من بين أكثر من ثلاثة ملايين مسلم يعيشون في المجتمع الألماني ينبذون العنف ويرفضونه. كان أحد أهدافها مكافأة مسلمي المانيا علي ردود فعلهم الهادئة والمتزنة تجاه الاستفزازات المستمرة منذ ظهور الفيلم المسيء مرورا برسوم الكاريكاتير الفرنسية ثم إصرار اليمين المتطرف علي عرض الفيلم المسيء في برلين واخيرا غلاف مجلة تيتانيك الألمانية الساخرة بعنوان بتينا فولف زوجة الرئيس الألماني السابق تصور فيلما عن محمد! غير ان ميركل ارادت ايضا بتصريحها التفرقة بشكل واضح بين الإسلام المعتدل والإسلام المتشدد المتطرف, وتحذير مواطنيها من وضع جميع المسلمين في سلة واحدة وفي الوقت نفسه التأكيد علي أنه لا مكان في المانيا للمتشددين الذين يهددون المجتمع الألماني. هذه الدعوة لتقبل المسلمين المعتدلين والتصدي لأصحاب الفكر المتطرف المتشدد رصدتها مراكز البحوث الألمانية في تصريحات كبار المسئولين الألمان في الأشهر الأخيرة وفسرتها بأنها تعكس سياسة المانيا الحالية تجاه وصول التيار الإسلامي للحكم في مصر وتونس وليبيا, وهي سياسة تقوم لو جاز التبسيط علي تقبل الإسلام المعتدل والتعامل معه الإخوان المسلمين ورفض الإسلام المتشدد السلفيين ومحاربته في المانيا علي الأقل. وتعكس تصريحات كبار المسئولين الأمنيين وفي مقدمتهم وزير الداخلية هانس بيتر فريدريش قلقا متناميا من انتشار التيار السلفي في المانيا الذي يوصف انصاره هنا بأنهم متشددون يريدون فرض الشريعة الإسلامية علي المجتمع الألماني. واتخذت وزارة الداخلية الالمانية بالفعل إجراءات عديدة للتصدي لهذا التيار منها حملة دعائية في المدن الألمانية ذات الكثافة المرتفعة من المواطنين المسلمين تدعوهم للانتباه من وقوع ابنائهم في براثن التطرف الديني وانعكاس ذلك علي سلوكهمم وملابسه إلخ وتطالب بالإتصال فورا بمركز لمكافحة التطرف الإسلامي, هذا غير شراكة امنية تم إبرامها مع الاتحادات الإسلامية في المانيا وغيرها من الإجراءات ليس اقلها وضع الإتحادات السلفية تحت المراقبة. وجاءت الإحتجاجات العنيفة علي الفيلم المسئ في الدول العربية وما صاحبها من إعتدءات علي البعثات الأمريكية والألمانية ايضا لتزيد من الهاجس الأمني والمخاوف من التعرض لهجمات أو اعتداءات إرهابية إنتقامية يقوم بها متطرفون ومتشددون إسلاميون سواء داخل ألمانيا أو ضد المصالح الألمانية في الدول العربية. وظهرت تلك المخاوف بشكل واضح في تأجيل زيارة المستشارة انجيلا ميركل التي كانت مقررة إلي تونس في الإسبوع المقبل بسبب المخاوف الأمنية والأجواء المعادية للغرب,كما انعكست في تشديد الإجراءات الأمنية في سفارات المانيا في العديد من الدول العربية والإسلامية. غير ان المخاوف الأمنية الألمانية تركز علي مصر خصيصا وبشكل ربما يبدو مبالغا فيه للمصريين, ولكن التحذيرات المتكررة للمسئولين الألمان من أن تتحول مصر إلي مركز ومحور للإرهاب ينطلق منه الجهاديون إلي ليبيا وسوريا خصيصا ويحرضون منه علي اعتداءات في المانيا, لهو امر يدعو للقلق! وقد شددت المانيا من إجراءات الأمن في سفارتها في مصر بعد القبض علي شخص حاول الإعتداء علي السفارة في أغسطس الماضي وعثر بحوزته علي خبر صحفي حول قرار محمكة المانية يسمح بحمل الرسوم المسيئة امام المساجد. كما ارسلت المانيا في الاسبوع الماضي وفدا من ستة خبراء امنيين رفيعي المستوي للتشاور مع الجهات الأمنية المصرية. ووفقا لصحيفة تاجسشبيجل ضم الوفد اثنين من رؤساء الأقسام في مكتب مكافحة الجريمة واثنين آخرين من إدارة حماية الدستور وإثنين من المخابرات العامة وان الهدف من الزيارة هو تحسين الاتصالات والتنسيق مع الجهات الأمنية المصرية بعد أن تأثرت الإتصالات بين الجانبين بالظروف الانتقالية التي تمر بها مصر بعد الثورة. وكان هانس جيورج ماسن الرئيس الجديد لإدارة حماية الدستور قد حذر في ذكري اعتداءات سبتمبر من تحول مصر إلي محور للفكر السلفي والإرهابي يلاحظ هنا ان السلفي إرهابي, مشيرا إلي سفر23 متشددا إسلاميا إلي مصر من يناير حتي أغسطس العام الجاري وان هناك غيرهم يستعدون لمغادرة المانيا إلي القاهرة. ومما زاد من المخاوف الألمانية في الايام الأخيرة كانت رسالة تهديد باللغة الألمانية رصدتها الأجهزة الأمنية هنا علي الإنترنت كتبها شخص يدعي أبو أسعد الألماني ويدعو فيها لتنفيذ إعتداءات في المانيا ضد سياسيين وفنانين وكل من يدافع عن الفيلم الأمريكي المسيء. ووفقا لتحليل الخبراء الألمان فإن رسالة التهديد خرجت من مصر وأن من كتبها هو احد المتشددين الإسلاميين الذين غادروا المانيا إلي مصر مؤخرا ويحاول الآن حض المتشددين في المانيا علي تنفيذ الإعتداءات فيها, وهو سيناريو يمثل كابوسا للألمان وحدث من قبل. ففي مارس عام2011 اطلق الكوسوفي اريد يو النار علي جنود امريكيين في فرانكفورت وقتل اثنين منهم انتقاما لمقطع فيديو شاهده في الإنترنت ويقول انه لجنود امريكيين يغتصبون امرأة مسلمة. وأخيرا صرح مسؤل امني رفيع أن الساحة الإعلامية وشبكة الإنترنت تشهدان حالة من الغليان والمشاعر المعادية للغرب بسبب الفيلم المسيء وكثيرا ما تدور نقاشات حول كيفية الرد بأعمال انتقامية عنيفة لذا فنحن في حالة تأهب وهناك خطر قائم مصدره نحو900 متشدد إسلامي في المانيا يميلون للعنف وفقا للتصنيف الألماني.