أنا نفسي أعيش.. هذه الكلمات رددتها صهيبة خلال إعلان تليفزيوني تم عرضه من أجل حملة للتبرع لمؤسسة مجدي يعقوب للقلب.. ورغم أن هذا الإعلان أبكي ملايين من المصريين طوال شهر رمضان إلا أنه أثار استنكار الملايين أيضا. تقول منال ربة منزل: صهيبة أبكتني طوال رمضان وتأثرت بحالتها جدا وتعاطفت معها وبها, مما جعلني أوجه كل ذكاتي هذا العام لهذه المؤسسة لعلاج صهيبة وكل طفل يعاني من هذا المرض. وأيدت منال هذا النوع من الإعلانات لأن ظهور الأطفال بهذا الشكل يوثر في الناس ويستثير عطفهم ويدفعهم لتوجيه تبرعاتهم لهذا المكان والمشاركة في مساعدة الأطفال غير القادرين علي الإنفاق في مجال الصحة. وعلي النقيض تماما أبدي محمود مصطفي استنكاره من هذه الإعلانات قائلا: ان هذه النوعية من الإعلانات التي ملأت الشاشة طوال شهر رمضان ما هي إلا إهدار لكرامة صهيبة وغيرها من الأطفال التي تم استغلال براءتهم والتشهير بهم وبمرضهم وفقرهم, وتعد هذه الإعلانات نوع من أنواع التسول اللا إنساني, وتساءل ماذا عن صهيبة بعد أن تكبر وتري هذا الإعلان؟! وطالب محمود بضرورة منع إعلانات التبرعات بكافة أشكالها سواء للمرضي أو للأشخاص ذوي الإعاقة من شاشة التليفزيون, ويري أنه علي كل من يريد التبرع أن يتأكد من جدية المكان الذي سيتبرع له وأن ذكاته سوف تصل للفقراء والمرضي وليس مرتبات العاملين بهذا المكان. يعد الاستغلال الاقتصادي للأطفال واحدة من أسوأ أشكال الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل في مصر والعالم.. هكذا بدأ هاني هلال, أمين عام الائتلاف المصري لحقوق الأطفال كلامه, وقال: لقد تبنت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في المادة32, حق الطفل في الحماية من الاستغلال الاقتصادي للطفل, فشرعت دول العالم في وضع التشريعات التي تحمي الطفل وتجرم الأشكال التقليدية للاستغلال الاقتصادي والتجاري للأطفال وعلي رأسها عمالة الأطفال واستئجارهم في التسول, دون مراعاة الحق في الخصوصية وعدم التشهير بهم وبأحوالهم المعيشية أو مرضهم!! وقد جرم هذا قانون الطفل المصري126 لسنة.2008 وأضاف هاني. أننا اليوم أمام شكل جديد من أشكال الاستغلال الاقتصادي للطفل, وهو ما ظهر جليا في وسائل الإعلام المختلفة وخاصة أثناء شهر رمضان الكريم, حيث غزت القنوات المختلفة أشكال من الدعاية الابتزازية لتمويل العديد من المشروعات, مستغلين ومتاجرين بأطفالنا ولا سيما الأطفال المرضي ومن في ظروف صعبة, في محاولة لإبتزاز المشاهدين عاطفيا للتبرع والمساهمة في هذه المشروعات, التي وإن كانت في مضمونها مصلحة وإفادة لأبناء الشعب المصري, إلا أنها في الأساس مسئولية الدولة في توفير تلك الخدمات الأساسية التي يحتاجها المجتمع قبل الشروع في جمع التبرعات لها, وأن عملية جمع التبرعات يجب أن تكون من خلال حملة علي المستوي الوطني تتبناها جهات رسمية في الدولة. فإن التعرض لحياة الطفل الخاصة سواء أصحاب المرض أو الظروف الصعبة, يعد شكلا من أشكال الإنتهاك لخصوصيتهم بالإضافة إلي استغلالهم اقتصاديا, بغرض جمع الأموال, ولهذا طالب هاني هلال بالآتي: 1- الوقف الفوري لكافة الإعلانات الدعائية التي تستخدم الأطفال وتتاجر بأوضاعهم الصحية والاجتماعية والمادية, وملاحقة المسئولين عن هذه الدعاية الابتزازية للجمهور والمجتمع قضائيا. 2-رفع الوعي العام بثقافة حقوق الطفل وخاصة حقه في الحماية من كافة أشكال العنف والاستغلال الاقتصادي والتجاري. 3- إلتزام وسائل الإعلام المختلفة بنصوص الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة وكذلك ميثاق الشرف الإعلامي والذي يمنع التعرض لسمعة أو خصوصية الإنسان ولا سيما الطفل. ورأت د.عزة العشماوي رئيس وحدة الاتجار بالبشر بالمجلس القومي للطفولة والأمومة أن ظهور الأطفال بهذا الشكل هو نوع من أنواع استغلال الأطفال من قبل ذويهم من أجل الحصول علي المال وعدم وعيهم بقانون الطفل الذي يجرم عمالة واستغلال الأطفال, بالإضافة إلي أن هذه الإعلانات قد تعرض الطفل للتعالي علي أصدقائه من قبل أنه أصبح مشهورا وأيضا يمكن أن تعرضه للسخرية من قبل أصدقائه, ويمكن أن تظل راسخة في ذاكرته حتي الكبر فيتخذها وسيلة لكسب المال, بصرف النظر عن كرامته. وتحذر د. عزة من هذا الاستغلال غير المبرر للأطفال لأنه سوف يخلق جيلا وأنماطا من الأطفال تستطيع أن تتاجر بالمرض كوسيلة لكسب المال أو أن يتم استغلالهم في أشكال أخري مثل الانتخابات كما رأينا من قبل, وبيع دمالأطفال مقابلقليل من المال.. وأخيرا يمكن الاتجار بهم وبأعضائهم مما يعرضهم لمخاطر صحية ونفسية وأخلاقية أيضا.