فى الأسبوع الماضي كنت قد كتبت عن محاولات ترزية التاريخ تفصيل مجريات التاريخ حسب أهواء السياسة وأصحابها وقد نبهني السيد محمود الأمبركابي فى تعليقه على ما كتبت إلى إغفال الحقبة القبطية والنوبية. ومعه كل الحق لذا وجدتنى مدفوعة إلى الكتابة عن تلك الفترة التى تعد حلقة الوصل بين ماضي مصر الفرعونى ومستقبلها التالى للحقبة القبطية ، فالعصر الفرعونى حافظ على بقايا التراث الفرعونى بدءا من اللغة وترنيمات الكنيسة المصرية شاهد على ذلك وأذكر أن أستاذ فى كلية التربية الموسيقية كان قد قام منذ بضعة سنوات بمشروع لإحياء الموسيقي الفرعونية من خلال دراسة الترنيمات الكنسية . كما أن الكثير من العادات والفولكلور المصري حفظته لنا الحقبة القبطية حتى صورة السيدة العذراء والسيد المسيح عليهما السلام يقول لنا أساتذة الفولكلور أنها امتداد لصورة ايزيس وهى تحتضن ولدها وأيضا صورة القديس مار جرجس فوق صهوة جواده وهو يقتل التنين برمحه هى صورة مستنسخة من مشهد الإله حورس لدى المصريين وهو يحارب فرس النهر .وإذا انتقلنا إلى عالم الوشم لوجدنا أن وشم السمكة الأشهر لدى مسيحيي الصعيد هو امتداد لأسطورة إيزيس وأوزوريس ، فعندما قام إله الشر ست بتقطيع جسد ه قام بإلقاء عضوه الذكرى فى النهر فالتقطته سمكة ومن هنا صارت السمكة فى يقين المصريين عنوان للخصوبة وفأل حسن يساعد على الإنجاب .وقد قرأت للدكتور باهر لبيب فى كتابه " الفن القبطي " أن الآثار القبطية لها أهمية كبري فى تاريخنا القومى كأسلوب ربط بين الفن المصري فى الحقبة الفرعونية والفترات الرومانية اليونانية من جهة والعصر الإسلامي العربي من جهة أخرى . وإذا نظرنا إلى الأديرة الأثرية لاكتشفنا إلى أى مدى انتقلت ملامح الفن الفرعونى إلى الفن القبطي، ففى الأيقونات نجد الكثير من الزخارف الفرعونية كعلامة "عنخ" أو "مفتاح الحياه". وبعد الفتح العربي تبادل الفنان المسلم ونظيره القبطي الكثير من الفنون فدخلت على الأيقونة الكتابة العربية مثل " عوض عبدك يا رب " ونقل الفنان القبطى إلى الأيقونة بعض الزخارف الإسلامية مثل شجرة السرو وهى وحدة زخرفية ظهرت فى العصر العثماني .كما رسم الفنان القبطي بعض القديسين وهم يرتدون العمامة لكن وزارة التعليم كعادتها اكتشفت متأخرا أن هناك حقبة تاريخية بأكملها سقطت سهوا من مناهجنا التعليمية وهو أمر لا ينبغي إدراجه فى إطار الاضطهاد الديني بل فى إطار عدم الوعي فالمصريون مغيبون عن تاريخهم القريب فما بالنا بتاريخهم البعيد وهى خطة سياسية محكمة تستهدف تغييب إحساس المصري بذاته وامتداده الحضاري ليبقى خانعا خاضعا، والدليل على عدم وعى المصريين بتاريخهم أن المصريين بعد عرض المسلسل الملك فاروق اكتشفوا فجأة أنهم لا يعرفون شيئا عن تاريخ أسرة محمد على الذى تم تشويهه رغم أنه لايفصلهم عن هذا التاريخ سوى نصف قرن وهذا يأخذنى إلى تاكيد الستاذ ماهر رزيق فى تعليقه على مقالى السابق أننا شعب يجهل تاريخه الذي خصصت له جامعات العالم تخصصا دراسيا هو الإيجبتولوجى .لذا أرجو من وزراة التربية والتعليم وهى تعيد صياغة مناهج التاريخ ان تلتفت إلى تاريخنا المنسي وتنفض عنا التراب وأحلف لهم ميت يمين أننا كلنا حفظنا ان عرابي قاد ثورة ضد الخديو وأن خوفو بنى الهرم الأكبر وأن عمرو بن العاص فتح مصر ....ليس هذا هو كل تاريخنا وليس الغرض من دراسة التاريخ حفظ الأسماء والتواريخ ...ارحمونا يرحمكم الله [email protected] المزيد من مقالات سهير عبد الحميد