وقعت مصر كلها في قبضة القرنص وأعوانه والقرنص لمن لا يعرفه هم مجموعة تخصصت في الاستيلاء علي حمولة القطار الحربي للاحتلال الإنجليزي في خط القناة من سلع وأسلحة وذخائر إبان الاحتلال ثم يبيعونها ويحققون ثروات هائلة ويبدو أن القرنص عاد من جديد ولكن هذه المره لنهب ثروات البلاد والعباد. وللقصة بداية كانت مصر خارجة لتوها من حرب أكتوبر المجيدة منتصرة مزهوة ثم دخلت بعدها إلي مرحلة جديده شكلت مستقبلها كانت سماتها البارزة انفتاحا إقتصاديا إستهلاكيا قاده مجموعة من المغامرين من ناحية و تحولات سياسية في المنطقة من معاهدة سلام مع إسرائيل ومقاطعة عربيه لمصر من ناحية أخري, وبدا كلا العنصرين غريبا في جسد المجتمع المصري فكان بداية الفساد علي نطاق واسع لا سيما أن التحول الانفتاحي كان يؤسس لقطاع خاص غاب طويلا عن البلاد ومن ثم غضت الدولة بصرها عن البعض الذي قام بتجريف الثروة بطرق غير مشروعة لتكوين الثروات لتكون بداية لقطاع خاص جديد, لكنه استمرأ واستمر في طريق الابتزاز. عاشت مصر أزهي عصور الفساد خاصة السنوات العشر الأخيرة التي شهدت بشكل مثير فساد القمة وفساد القاع وعمد النظام علي توسيع دائرة الفساد وتسهيلا للفساد كان لابد أن يحدث التزاوج بين السلطة ورأس المال المبني علي قاعدة كبيرة من المصالح المتبادلة من خلال السيطرة علي إصدار القوانين في مجلس الشعب وإنشاء المنظمات التي في ظاهرها حماية المجتمع, ولكن في باطنها كل آليات حماية الفساد, ومن بين ذلك جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والذي غلت يده تماما بصدور قانون الاحتكار وتعديلاته فوقف عاجزا عن مواجهة فساد الاحتكارات بل أكثر من هذا تم تجميد نشاط أكثر من جهاز رقابي ووضعت ملفات الفساد التي كشفت عنها في الأدراج, ومن بينها جهاز الرقابة الإدارية الذي راحت جهوده وأحبط عمله وعاملوه و أيضا جهاز المحاسبات والذي ضاع إلي ما هو أبعد من ذلك حينما نال التقريظ والذم تحت قبة مجلس الشعب. ظاهرة الفساد في مصر تناولها بشكل علمي دقيق عبد الخالق فاروق في كتابه اقتصاديات الفساد في مصر, والذي ميز بين نوعين من الفساد الأول فساد الكبار الذين علي قمة الهرم الاجتماعي والسياسي والأمني, أما الثاني فهو فساد الصغار في قطاعات الحكومة ورصدت الدراسة العلمية الرصينة16 مجالا لفساد كبار رجالات الدولة وأبنائهم منها: المقاولات وعمولات السلاح ونقله والمحمول والخصخصة والاقتراض بلا ضمانات من البنوك, وتهريب الأموال للخارج وتجارة العملات الأجنبية وديون مصر واختراق الأجهزة الأمنية والمؤسسات السياسية وطرق توزيع المعونة الأمريكية وإفساد النظام التعليمي والصحي والتلاعب في البورصة, وتوزيع الأراضي الذي أضاع وحده علي الدولة150 مليار جنيه. وتتسع مجالات الفساد عند القاع لتشمل إفشال التعليم الرسمي لمصلحة الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية وعدم فاعلية نظام الأمن الرسمي لمصلحة تفشي الوساطة والمحسوبية والإكراميات والهدايا والمجاملات من الورش والمحال والعيادات داخله, ناهيك أيضا علي فرض الإتاوات علي أصحاب السيارات والمخالفين, وأيضا داخل أقلام المحضرين بالمحاكم وفي المستشفيات الحكومية, وفي مختلف الخدمات التي تقدمها الإدارات الحكومية المختلفة(627 خدمة) خاصة في المحليات كتراخيص البناء والتعلية وتراخيص الأنشطة المختلفة و اختراع الصناديق الخاصة غير الخاضعة لجهاز المحاسبات. يبدو واضحا أن النظام أراد أن يقع غالبية أبناء الشعب في دائرة الفساد حتي لا يتحدث أحدهم عن فساد الكبار, ويغطي علي مأساة تدني الأجور التي ألحقت الذل والمهانة بالمصري والحل ليس مستحيلا: هيئة وطنية لمواجهة الفساد, ورد الأموال من الداخل والخارج. المزيد من مقالات عصام رفعت