أما وإن حكمت المحكمة الإدارية العليا بانعدام وجود مجلس الشعب يوم السبت الماضي فأعتقد أن قضية يوم15 أكتوبر المقبل هيتحصيل حاصل, وأن الحكم فيها لن يخرج عن حكم السبت الماضي, خاصة أن هناك حكما من المحكمة الدستورية ببطلان المجلس نتيجة العوار الذي أصاب قانون الانتخابات وعدم المساواة بين المستقلين والحزبيين. الآن نحن أمام تحدي إعداد الدستور وبعده الانتخابات البرلمانية بشقيها(الشعب والشوري), وقبل تلك الانتخابات لابد من إعداد قانون انتخابات جديد يراعي عدم الوقوع في نقيصه عدم الدستورية بالتفرقة بين المستقلين والحزبيين. في تصوري أن الحل هو العودة الي الانتخابات الفردية في الدوائر القديمة أو بتعديلات بسيطة عليها, لأن الانتخابات الفردية هي الأقرب الي طبيعة الشعب المصري والمقبولة أكثر من المواطنين, خاصة في ظل ارتفاع نسبة الأمية بين المواطنين, وانخفاض نسبة الانضمام للأحزاب, وعدم دراية أغلبية المواطنين باسماء وبرامج معظم هذه الأحزاب, ومن غير المعقول أن يختار المواطن بين أحزاب لايعرف برامجها, ولايعرف عنها إلا القشور, وليس له بها علاقة من قريب أو بعيد إلا من خلال بعض المنضمين الي تلك الأحزاب, أو من خلال فائدة مباشرة تعود اليه أيام الانتخابات. وقد يقول قائل إن الانتخابات الفردية لها عيوب أيضا خاصة مايتعلق بالعصبيات العائلية أو المكانية, أو النفوذ المالي, والبلطجة, إلا أن إعادة قراءة نتائج الانتخابات السابقة يمكن أن يكون مفيدا في هذا الاطار, حيث أوضحت انتخابات2000 و2005, والتي أشرف عليها القضاء أنه لولا التدخلات الأمنية الفظة لانقلبت النتائج رأسا علي عقب, وفي انتخابات2005 استطاعت المعارضة حصد مايقرب من120 مقعدا, بالاضافة الي أن أغلبية المقاعد حصدها المستقلون بغض النظر عما حدث بعد ذلك وانضمامهم للحزب الوطني بالضغوط والإغراء. خلاصة القول أن الناخب واع بما فيه الكفاية, وهو يستطيع اختيار الأنسب والأفضل بالنسبة له ممن يستطيع تلبية خدماته وقضاء مصالحه وحل مشاكله ومشاكل دائرته. الانتخابات الفردية مطبقة في معظم دول العالم بما فيها أعرق الديمقراطيات( أمريكا وانجلترا), فهي ليست سبة أو عيبا نتنكر له, وقد حدث أن حاولت بعض القوي السياسية في بريطانيا تغيير النظام الانتخابي من الفردي الي القائمة بدعوي عدم ملاءمة النظام الفردي للوضع العام هناك, واحتكار حزبي المحافظين والعمال للحياة السياسية, وضرورة كسر هذا الاحتكار من خلال قانون انتخابات جديد يتم من خلاله تغيير النظام الانتخابي من القوائم الي الفردي, ولأنه نظام يخص المواطنين وهم أصحاب الشأن, فقد لجأت الحكومة البريطانية آنذاك الي الاستفتاء ليختار الشعب البريطاني النظام الانتخابي الأمثل بالنسبة له, وانحاز البريطانيون الي النظام الفردي, وظل النظام الفردي هو المعمول به هناك حتي الآن. هذه القصة أهديها الي الجمعية التأسيسية حتي لاتفرض نظاما انتخابيا علي غير هوي المواطنين أو رغبتهم, فهم أي المواطنين المعنيون بالأمر, وأصحاب الشأن في المقام الأول والأخير, وأتمني ألا ينص الدستور علي طريقة معينة للانتخاب, ثم بعدها يتم تنظيم استفتاء عام ليختار المواطنون النظام الانتخابي الذي يرغبونه بكامل ارادتهم, فاذا اختاروا نظام القوائم فليكن, وان اختاروا النظام الفردي فهذا حقهم. شخصيا أميل الي النظام الفردي لأنه الأقرب الي طبيعة الناخب المصري, والأكثر معرفة ودراية بمشاكله وهمومه الحياتية اليومية, حيث تختلف مشاكل كل منطقة عن الأخري, ونائب الشعب لايعيبه أن يكون نائبا لدائرته وللشعب كله, فدائرته جزء من كل, واذا تحسن الكل تحسن الجزء والعكس صحيح. المهم أن ننحاز الي ارادة المواطنين أيا كانت اختياراتهم, وألا نفرض عليهم مايكرهونه, ونقع في شبهة عدم الدستورية من جديد. E.mail:[email protected].