أتفق تماما مع ما قاله د. عمرو الشوبكي في حواره مع الزميل محمد القزاز والمنشور علي صفحات الأهرام أمس ورفضه قانون الانتخابات الحالي. مشيرا الي أن النظام الانتخابي الأمثل لمصر هو نظام الانتخاب الفردي, ومعترفا في نفس الوقت, بأن الأحزاب والقوي المدنية قد وقعت فريسة لسوء فهم أو ربما سوء تقدير, حينما طالبت بهذا القانون الذي يحتاج الي تعديل عاجل, وطالب بالعودة الي النظام الفردي, أو علي الأقل عكس النسبة الحالية في قانون الانتخابات الحالي, بحيث يصبح الثلثان للفردي والثلث فقط للقوائم. د. عمرو الشوبكي خاض تجربة انتخابية ناجحة, ولا أحد يستطيع أن يشكك في مواقفه قبل وبعد الثورة, ومن ثم فلابد من الاستماع بهدوء الي وجهة نظره بعد أن وضعت أول انتخابات برلمانية أوزارها أمس بانتهاء جولة الإعادة في مرحلتها الثالثة, وبقراءة مبدئية لنتيجة الانتخابات نجد أنها أسفرت حتي الآن عن فوز الحرية والعدالة بنحو188 مقعدا, والنور111, والوفد37, والكتلة28, والاصلاح والتنمية9, والوسط8, والثورة مستمرة8, والمواطن المصري4, ومصر القومي6, والحرية5, وكل من الاتحاد المصري والمستقلين الجدد والعدل والعربي الناصري والمصري الديمقراطي مقعد واحد, والاتحاد2, في حين حصل المستقلون علي12 مقعدا فرديا حتي الآن وقبل ظهور نتيجة المرحلة الثالثة, وعلي أقصي تقدير يمكن أن يصل عدد المستقلين الي20 مقعدا بما يوازي4% من إجمالي عدد المقاعد أو ربما أقل, في حين أن عدد المنتمين للاحزاب القديمة أو الجديدة لا يتجاوز5% من إجمالي عدد السكان و95% منهم لا ينتمون ولا يرغبون في الانضمام الي أحزاب. قانون الانتخاب الحالي قانون سيئ السمعة, لأنه جاء علي عجل ودون رغبة من الشعب المصري, وأتمني لو تم طرح طريقة الانتخاب المفضلة للشعب في استفتاء عام بحيث يختار ما بين القوائم والفردي أو المختلط, وفي ظني أن الشعب المصري لا يعرف إلا النظام الفردي ولا يرغب في نظام غيره لأنه الأقرب الي طبيعة الشعب المصري, لكن القوي السياسية بسوء تقدير منها أصرت علي نظام لا يحبه المصريون وسبق أن طبقه النظام السابق حتي تم الطعن عليه بعدم الدستورية وقضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته ليعود النظام الفردي, الي أن تم ابتكار هذا القانون الغريب والعجيب الذي نسف فرص المستقلين في الفوز في الانتخابات لأن الدائرة الفردية أصبحت3 دوائر كاملة تحتاج الي مال قارون وصبر أيوب وقدرة سليمان لكي يستطيع المرشح أن يجوب تلك الدائرة الشاسعة ويتواصل مع مواطنيها, وبالتالي فإن قانون الانتخابات قد أخل بتكافؤ الفرص بين المستقلين والحزبيين وحرم المستقلين من فرص الفوز المتساوية مع الحزبيين, لأن الحزبيين ينتمون الي تنظيمات قوية منتشرة وخاصة تيار الإسلام السياسي في كل الدوائر, كما أن تيار الإسلام السياسي يقوم بالصرف علي مرشحيه ولا يحملهم أدني نفقات, في حين المرشح المستقل يخوض الانتخابات علي نفقته الخاصة وبجهده الفردي. النظام الفردي ليس عيبا أو نقيصة, فهو النظام المعمول به في نحو95% من دول العالم, ويكفي أنه مطبق في أعرق الديمقراطيات في العالم مثل بريطانيا صاحبة التجربة الديمقراطية العريقة التي تمتد الي ما يقرب من800 عام, وأمريكا أم الديمقراطيات في عالمنا المعاصر, وحينما حاول حزب الأحرار الاشتراكيين في بريطانيا تغيير النظام الفردي الي القوائم لجأت الحكومة الي استفتاء الشعب واختار الشعب البريطاني النظام الفردي. النظام الحالي ظلم الشباب والمرأة والكفاءات ممن لايملكون الامكانات المالية وحرمهم من فرص الفوز, ويكفي أن كل النساء قد فشلن فشلا ذريعا في الحصول علي أي مقعد في الدوائر الفردية, وكذلك الأمر مع عدد كبير من المرشحين الأكفاء الذين فشلوا لاتساع الدوائر بصورة مذهلة. أتمني لو أعاد مجلس الشعب الجديد النظر في قانون الانتخابات الحالي, حتي وان اقتضي الأمر طرحه للاستفتاء العام ليقول الشعب كلمته وليختار الشعب ما يريد. المزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة