لأن سيناء ليست مجرد صحراء أو ملايين من حبات الرمال, ولأن سيناء أرض وعرض وأمن وماض وتاريخ وحاضر ومستقبل لمصر ولكل المصريين, فقد حرصت دنيا الثقافة علي مدي السنوات الماضية أن تحتفل بعيد تحرير سيناء عبر اعادة اكتشاف أرض الفيروز وتوثيق ماضيها وتراثها الثقافي وأنماط المعرفة السائدة في مجتمع سيناء . بحثا عن مشروع ثقافي يحمي المجتمع من الموجات الثقافية والاجتماعية الجديدة التي بدأت تجتاح الثقافة المحلية, وتشي باحتمالات طمس ملامح الثقافة الشعبية الحقيقية, وبخلق أخري مزيفة لا تهدد فقط الهوية الثقافية في شبه جزيزة سيناء والتي تمثل رافدا مهما في تيار الثقافة المصرية, وتجتمع هي وغيرها من الثقافات المحلية ليشكلوا الثقافة الوطنية بل أيضا تكرس لحالة تراجع مستمر للحضور الثقافي المصري, واجهاض لمحاولات تنمية سيناء والاستفادة من مواردها الطبيعية والثقافية بما يحقق تنمية حقيقية مستدامة كفيلة بأن تمتد آثارها لقطاعات ومجالات متعددة مختلفة في بر مصر. في هذا السياق حرصت دنيا الثقافة أن تقدم في السنوات الماضية اطلالة علي تاريخ سيناء وامكانيات استغلال مواردها الثقافية في مشاريع اقتصادية وسياحية تضمن زيادة الكثافة السكانية بسيناء واتساع التوسع العمراني, والتنشيط السياحي للمنطقة وبالتالي تسويق ثقافتها وتراثها الحضاري للعالم بأسرة. الأمر الذي يمكن ان يكون له مردود مادي من حيث العائد الاقتصادي وتوفير فرص عمل للشباب, ومعنوي من حيث حفظ وتأكيد مصرية هوية التراث السيناوي, وبالتالي استعادة جزء مهم من التاريخ والوعي الجمعي المصري, في ظل محاولات أكثر من طرف استلاب هذا التراث أو علي أقل تقدير تفريغه من مضمونه. واليوم ومع اشراقة صباح الخامس والعشرين من ابريل, والاحتفال بأعياد سيناء نحاول عبر السطور التالية أن نتعرف علي بعض من جوانب الحياة في سيناء التي يجسدها بوضوح الموروث الشعبي السيناوي بكل أبعاده ودلالته القولية والسلوكية.
نحاول اليوم أن نرصد ملامح من مأثورنا الشعبي, ذلك الابداع الجمعي الذي أنتجه أبناء سيناء ولايزالون يتداولونه ويستهلكونه ويطوعونه وفقا لمتطلبات ورؤية الجماعة. نتعرف علي موروث تجسده المعارف العامة التي يتداولها الناس ويندرج تحتها الشعر الشعبي. والحكاية والمثل واللغز, والنادرة والأحاجي والسير والمدائح والموسيقي وأغاني العمل والأعياد والمناسبات الاجتماعية والرقص والحركات التعبيرية, الطقوس والمعتقدات والخرافات كالسحر, والتعاويذ, والجان, والرموز الرقمية والالوان ودلالات الجسم الانساني والعادات والتقاليد المتعلقة بدورة الحياة والمعارف والحرف والصناعات التقليدية والفنون الشعبية, نرصد بعضا من هذه الجوانب مع المتخصصين في محاولة لفهم واستيعاب الموتيفات الثقافية المتداولة بين الناس والتوصل لاستراتيجية تزود عن العناصر الأصيلة التي تشكل الهوية الخاصة والمتميزة للشخصية المصرية السيناوية. نحاول أن نقدم عبر السطور التالية قراءة في الثقافة السيناوية, آملين ان يتحول الاحتفال بهذا اليوم لخطة عمل واضحة تكفل استعادة جوهر الثقافة المصرية وتجديدها وتحقيق التنمية الحقيقية علي مستوي الفرد والجماعة, وكل عام ومصر بخير... [email protected]