أسعار الخضار بمرصى مطروح اليوم في سوق الجملة والتجزئة    رئيس مياه القناة: اصلاح كسور الشبكات المفاجئة في وقت قياسي وأعادة تشغيل الخدمة للمواطنين    المصريين الأحرار: تقرير ستاندرد آند بورز شهادة ثقة لتصنيف مصر الائتمانى    عاجل- رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات التنموية بمحافظة القليوبية    بالصور صمت البيوت المهدمة.. وأصوات عودة النازحين تملأ المكان وجعًا    عاجل- مستشار ترامب: اتفاق شرم الشيخ يفتح باب الأمل لسلام دائم في الشرق الأوسط    مصر.. هجمة مرتدة تاريخية وانتصار جديد على أرض الواقع    لاعبو المنتخب يؤدون تدريبات في صالة الجيم استعداداً لغينيا بيساو.. فيديو    العرفاوي: الدوري المصري قوي.. و"الجزيري" كلمة السر في تجربة غزل المحلة    الأهلي يقرر تغيير اسم مدربه الجديد من سوروب إلى توروب بسبب النطق الصحيح    "فريدة" ابنة بورسعيد تحصد فضية بطولة العالم للسباحة بالزعانف فى العلمين    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة إيجيبت جولد الثانوية للتكنولوجيا التطبيقية    الأرصاد: تكاثر السحب بالسواحل الشمالية والوجه البحرى وفرص لسقوط أمطار    أختي تعرضت للضرب والإكراه.. مفاجآت مثيرة بمحاكمة المتهمة بإنهاء حياة زوجها وأولاده ال 6 بدلجا في المنيا    صندوق مكافحة الإدمان: 1760 سائق حافلات مدرسية خضعوا للكشف عن تعاطى المخدرات    الرئيس السيسي يؤكد التزام مصر بدعم أنشطة ومبادرات منظمة «اليونسكو»    7 معلومات لا تعرفها عن جون لودج مغنى فرقة ذا مودى بلوز بعد وفاته    ابنة إيناس الدغيدي: أمي حققت حلمها واتجوزت وهي فوق ال70 سنة    تعامل وزارة التضامن مع الكبار والأطفال بلا مأوى.. إنفوجراف    تُعلن عن فتح باب الترشح للدورة الخامسة لجائزة الإيسيسكو    الأزهر للفتوى: حرق قش الأرز حرام لما فيه من إفساد في الأرض وإضرار بالنفس والبيئة    مديرية الشباب والرياضة تنهي إجراءات الاجتماع الخاص لنادي دمياط    انتخابات النواب: استمرار توافد المرشحين لتقديم أوراقهم في رابع أيام تلقى الأوراق    محافظ قنا يتفقد مدرسة النهضة الابتدائية بقفط بعد الانتهاء من أعمال رفع الكفاءة    قوات أمريكية تصل إسرائيل للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    الأونروا: لدينا غذاء يكفي غزة 3 أشهر.. ونطالب بالسماح بدخوله فورًا لوقف المجاعة    تفاصيل أولى جلسات سوزي الأردنية أمام المحكمة الاقتصادية.. لم يحضر محاميها    اعرف أبرز مرشحى الحزب المصري الديمقراطى على المقاعد الفردية بانتخابات النواب    المشاط: نتعاون مع البنك الأوروبي لتسريع طرح مشروعات الشراكة    وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية يتفقد عددا من أماكن تجميع قش الأرز    بالأسماء.. الفائزين بمقاعد مجلس النقابة العامة بانتخابات التجديد النصفي للأطباء    رونالدو يسعى لإنجاز جديد في مواجهة البرتغال وأيرلندا بتصفيات المونديال    مهرجان الجونة السينمائي يعرض فيلم «فرانكشتاين» لأول مرة في الشرق الأوسط    الأرجنتين تحبط فنزويلا.. وميسي يظهر في المدرجات    بدء تشغيل وحدة الكلى الصناعية الجديدة بمستشفى كوم أمبو المركزي في أسوان    كيكة البرتقال الهشة الاقتصادية.. طعم خرافي ومكونات بسيطة من بيتك    «الداخلية»: ضبط 6 أطنان دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    تفاصيل تصفية "حازم التُر".. نهاية مروعة لعنصر إجرامي خطير في قنا    عبر صفحات وهمية.. ضبط متهم بالنصب على المواطنين ب«بيع أدوات صحية مستوردة» بالقاهرة    رئيسة «القومي للطفولة والأمومة»: حماية الفتيات وضمان حقوقهن على أجندة أولويات عمل المجلس    فرنسا ضد أذربيجان.. مبابي يغادر معسكر الديوك بسبب الإصابة    مصرع 22 شخصا جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في المكسيك    أسعار البيض اليوم السبت 11 أكتوبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    مصر تتوّج ب13 ميدالية في منافسات الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    في عيد ميلاده.. عمرو دياب يحتفل ب40 عامًا من النجومية وقصة اكتشاف لا تُنسى    هل فيتامين سي الحل السحري لنزلات البرد؟.. خبراء يكشفون الحقيقة    الصين تعتزم فرض قيود شاملة على تصدير المعادن الأرضية النادرة    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    أسعار الدولار اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. وصل لكام؟    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    متطوعون جدد في قطاع الشباب والرياضة    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنات مشرقية
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 09 - 2012


نقد‏:‏ سهير المصادفة :
هل كان الشاعرمحمود قرني يدري وهو يضع قصائده بين ضفتي ديوان جديد بعنوان لعنات مشرقية أنه سيجيب عن عشرات الأسئلة المعلقة في سماء الحياة الثقافية العربية منذ نصف قرن أو يزيد؟ لقد ظللنا طوال ما يقارب عقدين من الزمان لا نخفي آراءنا فيما ينشر من بعض قصائد النثر قائلين بنفاد صبر: إنها تشبه إلي حد كبير قصصا قصيرة ولكنها ركيكة ومبتورة.
ويبدو أن الشاعر يتعمد هنا أن يجعلنا نقف طويلا أمام أولي صفحات ديوانه لنجد أنفسنا وجها إلي وجه أمام حكاية أنس الوجود مع الورد في الأكمام, ثم نكتشف علي مهل أنه قد اختار أعلي ذروة للسرد في العالم وهي ألف ليلة وليلة لتحملق قصائده في عيني حكاية من حكاياتها بفروسية منقطعة النظير:
في الليلة الأولي
رأت الأشباح تخرج من حواف الكتب القديمة
في الليلة الثانية
رأت الأم تتحدث بإجلال
عن عاشقة ذائعة الصيت
يسوقها ذئب إلي المخفر.
وكنا طوال عقدين من الزمان ندافع عن قصيدة النثر بشراسة أمام سدنة قصيدة التفعيلة قائلين: كانت الأصوات آنذاك في الصحراء لا تزيد عما رصده الخليل فالقافلة تسير والدف قد يصاحب المغني, وصهيل الخيول الممتزج بصليل السيوف من الممكن أن يجمعهما معا الرمل, والحب العذري يمكنه أن ينام قرير العين في المتقارب, ولكننا كنا أيضا حين نقرأ بعض قصائد النثر نثور قائلين: والله هذا ليس بشعر, بل هو حتي هارب من كل أجناس الكتابة.
يعرف الشاعرمحمود قرني كل ذلك وأكثر فيعتلي كل الذروات الموسيقية ابتداء من رتابة خطوات الإبل في الصحراء بما يصاحبها من حداء وحتي أزيز الطائرات وصوت الحافلات المارقة علي الطرق السريعة, والشاعر عارف وقابض علي جمرته ويمضي فتنعتق ورد الأكمام من أسر الحكاية في ألف ليلة وليلة وتحلق طائرة وعابرة للأزمنة علي كل الحكايات المشرقية المهمة في تاريخنا العربي, تضعها بهدوء تحت مجهرها السردي ثم تستمع إلي الشاعر:
يا من يساكن ورد الخد والخال
أبكي لحالك أم أبكي لأحوالي
بنت العصائرتمضي فوق كاحلها
طير الغضي غني, طير الغضي خالي
كل المحبين يشتاقون سكرتنا
كل المحبين أعمامي وأخوالي..
تواصل ورد الأكمام التطلع إلي مستقبلها وماضينا نحن عبر ما لا يزيد عن مائة وخمس عشرة صفحة من القطع الصغير.. تنتشي خلالها أحيانا مع تاجر البن والشيلان ومع العجوز الأعمي بورخيس, ولكنها يطول حزنها أحايين أخري ونكاد نري دموعها أمام عرش الغالب بالله آخر ملوك الأندلس, وأمام طليطلة, وتدوخ رأسها وهي تشهد:
خيولا مطهمة يسرجها الفرسان
مقاليع ومضارب ومجانيق
أساور ذهبية نقشت علي متونها
أسماء ملوك عابرين
وكتبا سوداء لا تحصي.
وتكاد ورد الأكمام تصل إلي ميدان التحرير لتشارك في ثورة الشعب المصري, بل نكاد نراها بيننا آنذاك, ونتساءل بدهشة حقيقية إذا لم تكن هي من بين المحرضين علي الثورة فمن يا تري يكون:
القوارض أكلت
الحبل السري للمدينة
ثم بنت لنفسها أوكارا
سرقوا عقارب ساعة الميدان
ويقولون إن الوقت
ليس أكثر من لعبة
فهو سيف
حط علي رقبة إوزة.
وتواصل ورد الأكمام التي تنتشر في الأزمنة والأمكنة والأنساب اعتلاء ذروات شعرية فاتنة, وتصل إلي ختام إلياذة الشاعر القصيرة/ رحلته وتتأمل مشدوهة سبب استدعائها من حكايتها القديمة ولكنها تردد معه آخر مقطع من سيمفونيته المعقدة والآسرة:
أيها الشرق الحزين
لم يسعك العالم الفاني
فنم قريرا في غسق الأبدية.
ديوان لعنات مشرقية صادر عن دار الأدهم في طبعته الأولي بغلاف مميز للفنانة التشكيلية هند سمير التي تعي تماما روح القصيد, والتي وضعت صورة فارس شرقي.. نعم هو شاهر سيفه في الفراغ ولكن حصانه مطأطئ الرأس في مواجهة كل هذا الغسق. أما صاحب لعنات مشرقية فهو شاعر لا يمتلك فقط أدواته الشعرية وإنما هو يدري تماما ماذا هو فاعل بها وهذا ما جعل المكتبة العربية تحظي بديوان استثنائي وفارق ليس بالنسبة لمشوار محمود قرني الشعري الطويل والذي مر بمحطات إبداعية لافتة كانت..حمامات الإنشاد.. خيول علي قطيفة البيت.. هواء لشجرات العام.. طرق طيبة للحفاة.. الشيطان في حقل التوت.. أوقات مثالية لمحبة الأعداء.. قصائد الغرقي وإنما بالنسبة لمشوار قصيدة النثر المصرية بشكل عام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.