مصر الي أين؟ سؤال لم يكن طرحه ممكنا في بدايات الثورة, حيث الإجماع علي هدف أساسي هو إسقاط النظام, لكن كثيرين في مصر يجدون أنفسهم اليوم مضطرين لطرحه.. وليس ذلك لأن الآمال والرهانات علي المستقبل تبددت بل لأن صدام الخيارات دخل مرحلة خطيرة. وهي مرحلة يختلط فيها ما هو ضروري بما هو ضار! الضروري هو النقاش حول شكل الدولة التي يجب أن تكون نقيض النظام الشمولي أو ما يسمي الدولة الفرعونية التي هي دولة أمنية. والضار هو أن يتحول الانقسام بين القوي التي تحررت بسقوط الرئيس المخلوع إلي ما يهدد اكمال الثورة التي لم تسقط النظام بكامله, مما يجعل بناء الدولة عملية عودة إلي الوراء عبر الصدام بين التيارات الليبرالية والإسلامية. وفي كلتا الحالتين الديمقراطية ليست امتحانا في علم الفيزياء, ولا هي خاصة بالنخبة, كما كانت تجري في فيينا قبل ألفي عام, عندما كان علية القوم هم من يختارون حكام الشعب.. فمن يقرر الآن هو الواقف في طابور الانتخاب وغالبا معدل ثقافته بسيط, ربما لم يجتز امتحان الثانوية. ولأن الرئيس محمد مرسي هو الرئيس الأول المنتخب في تاريخ جمهورية مصر. كل الذين سبقوه, محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك, أخذوها عنوة أو تم تعيينهم, وبالتالي نحن أمام تحول تاريخي لا بد أن نعترف بحقيقته, وقبل ذلك أن نقدر قيمته. من أجل ذلك فإننا نري أن التيارات الأقدر علي الإسهام في إعادة تشكيل الخريطة السياسية هي تلك التي تمتلك وجودا حقيقيا علي الأرض.. ولن تنجح من التيارات السياسية الجديدة إلا ما ينطلق من رؤية فكرية متماسكة تميزه عن غيره, ويعبر حقيقة عن مصالح فئات مجتمعية يتصل بها ولا يعزل نفسه عنها في قاعات الفنادق. في النهاية ودون تجن علي الحقيقة نؤكد أنه ليس هناك حتي الآن جواب قاطع عن سؤال مصر إلي أين؟! المزيد من أعمدة محمود المناوى