مصر إلي أين؟ سؤال لم يكن طرحه, ممكنا في بدايات الثورة, حيث الاجماع علي هدف اساسي هو اسقاط النظام, لكن كثيرين في مصر يجدون انفسهم اليوم مضطرين لطرحه.. وليس ذلك لأن الآمال والرهانات علي المستقبل تبددت. بل لأن صدام الخيارات دخل مرحلة خطيرة, وهي مرحلة يختلط فيها ماهو ضروري بما هو ضار! الضروري هو النقاش حول شكل الدولة التي يجب أن تكون نقيض النظام الشمولي أو ما يسمي الدولة الفرعونية التي هي دولة أمنية, والضار هو ان يتحول الانقسام بين القوي التي تحررت بسقوط الرئيس المخلوع إلي ما يهدد اكمال الثورة التي لم تسقط النظام بكامله, مما يجعل بناء الدولة عملية عودة إلي الوراء عبر الصدام بين التيارات الليبرالية والإسلامية. لقد كان سوء التفاهم في البداية ان الطرف الذي بدأ الثورة قد تصور ان ثورة25 يناير هي نوع من القطع مع اخطاء الماضي الذي تمثله ثورة23 يوليو وما انتهت إليه علي يد الرئيس الساقط حسني مبارك اقله خلال السنوات الأخيرة, والطرف الآخر وقعت السلطة في يده علي أساس أنه حمي الثورة من دون ان يشارك فيها ورأي في ثورة25 يناير نوعا من اكمال أو تصحيح ثورة23 يوليو. أما الخطأ في تصوري هو بدء مرحلة انتقالية لا دور للثوار في سلطتها بشكل مباشر, ولا في وضع دستورها. والنتيجة الطبيعية لسوء التفاهم والخطأ هي إتساع الخلاف بين القيادات الليبرالية واليسارية من جهة والإسلامية من جهة أخري, الأولي ظلت تطالب بأولوية الدستور الجديد, والثانية تحصنت بالاستفتاء رافضة الفكرة, وقد وجد عدد من المفكرين مخرجا وسطا سموه صوغ مباديء حاكمة للدستور تلزم الهيئة التأسيسية المفترضة التي ينتخبها المجلس النيابي الجديد بان تسترشد بهذه المباديء خلال صوغ الدستور خوفا من ان تسيطر فئة واحدة علي المجلس النيابي, وبالتالي علي صنع الدستور, لكن التيارات الإسلامية رفضت الفكرة التي تحمس لها المجلس العسكري, محتجة بان ذلك يشكل وصاية علي الشعب الذي وافق علي التعديلات الدستورية بأكثرية77% وعلي المجلس النيابي العتيد. في النهاية ليس هناك حتي الآن جواب قاطع عن سؤال مصر إلي أين؟! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى