كان يشعر دائما بانه سيموت شهيدا ودائما ما كان يحدث زملاؤه بان كل مهمة عمل يخرج فيها سوف تكون هي الاخيرة لكنهم كانوا يقولون له إن اخلاصك في العمل سوف يمد في عمرك سنوات طويله لكنه لم يكن يتصور ابدا ان تكون نهايته علي يد احد زملائه والذي يعمل معه في نفس المنطقة التي يتولي تأمينها لتكون رصاصة الغدر من احد زملائه. وعلي الرغم من انه كان قد وهب حياته للقضاء علي البلطجية واللصوص كان علي النقيض قاتله الذي كرس حياته للاتجار في السلاح ليخالف القسم الذي حلفه عند تخرجه بكلية الشرطة وعلي الرغم من قتله زميله الشهيد حاول الهروب لكن القوات نجحت في القبض عليه لتكون بذلك اغرب الجرائم التي نشهدها في الايام الاخيرة حيث ان القاتل ضابط والمقتول ضابطا وهو ما وضع قيادات الداخلية في حرج بالغ فما الذي يستطيعون فعله؟ فقد سقط منهم شهيدا كان كل هدفه هو القضاء علي الجريمة في المنطقة التي يعمل بها اما الثاني فقد لجا الي الجريمة المحرمة فلم يبالي بشئ سوي الحصول علي المال. فالشهيد تامر حمودة والذي يبلغ من العمر ثلاثين عاما منذ ان تخرج في كلية الشرطة عام2000 وهو يعمل بجد واجتهاد بمديرية امن الجيزة حتي كان محل تقدير زملائه في العمل وعلي الرغم من ترقيته الشهر الماضي الي رتبة رائد وكان الجميع يتوقع له ان يتم تعيينه رئيسا لمباحث الهرم نظرا لجهده المتواصل في تلك المنطقة التي تجمع ما بين الحضر والريف وتشتهر بحوادث السرقة والتنقيب عن الاثار لكنه كان وراء العديد من القضايا التي استطاع الكشف عنها وكان يواصل الليل بالنهار ومضي في ذلك طويلا حتي خلال احداث ثورة25 يناير كان يخرج في الشوارع في محاولة لبث الطمانينة في قلوب سكانها علي الرغم من العصابات المسلحة التي كانت تقتل وتسرق في شارع الهرم الرئيسي وكان ينجح في ضبط بعض هذه العصابات وعندما كان يخرج كان يظن انه لن يعود ولكنه كان يؤدي عمله ويعود ولكن هذه المرة التي كان فيها القتل من نصيبه علي يد احد زملائه ليقف شهود الواقعة من رجال الامن في حالة ذهول فقد شاهدوا الكثير من الجرائم ولكنهم لم يروا باعينهم تلك الجريمة. وبصدمة لمم تتصورها ابدا زوجته تلقت اتصالا من زميله يخبرها بان تامر قد اصيب في حادث وتم نقله الي مستشفي الهرم فهرولت مسرعة وهي تحمل طفلتها التي لم يمض علي ولادتها سوي ايام معدودة وكان قد احتفل بسبوعها وسط حضور اقاربه وزملائه وكانت الفرحه تغمره بان رزقه الله بطفلة بعد ان رزق من قبل بطفلين محمد(3 سنوات) واحمد(5 سنوات) وكان لا يستطيع مشاهدتهم نظرا لكثرة الماموريات التي كان يخرج اليها لثقة رؤسائه به لكنها كانت نهايته. وبعد ان قامت زوجته بالاتصال بوالده واشقائه الذين يقيمون بمنطقة الوراق ليسرعوا الي مستشفي الهرم ولكنها كانت تشعر بانها لن تري تامر مرة اخري وعلي الرغم من ان الليل كان قد اسدل استاره والشوارع كانت خالية من المارة والسيارات الا القليل والمسافة مابين الوراق قصيرة الا انها كانت تشعر بها بانها الاف الاميال وما ان وصلوا الي المستشفي ووجدوا كبار الضباط وزملاؤه امام المستشفي والوجوم علي وجوههم شعرت بانها قد فقدت زوجها لتسقط مغشية عليها بعد صراخ وعويل ويحاول ان ياخذ الاب والشقيقان بيدها الا انهم كانوا قد خارت قواهم لانهم علموا من تلك النظرات بموت تامر وهنا يصعدون الي الطابق الثاني ليلقوا النظرات الخيرة عليه وهم ينادون عليه لكن دون مجيب وكانت الفاجعه عندما شاهدوه مسجي علي ظهره ولم يصدق احدا منهم انه مات حيث ان وجهه كانت تفيض منه الحيويه فهو شهيد الواجب والشهداء عند ربهم احياء والزوجة يراودها الحلم ان ما حدث ليس حقيقيا وتفكر فيما ستقول لطفليه عندما تعود الي المنزل ويسألانها( بابا هاييجي امتي من الشغل) كما اعتادا ان ينتظراه كل يوم ليداعبهما ويقضي دقائق معهم قبل ان ينام ويصبح فيعود مرة اخري الي عمله وقلبها يتمزق الما علي زوجها وطفليها والاحلام التي بنوها فاطاحت بها يد غادرة لم تعرف سوي الحرام وماذا تقول لابنتها التي لم تبلغ من العمر سوي ايام فهل سيوجد في قاموس كلماتها كلمة بابا ام انها سوف تحذف من من القاموس حيث ان صاحبها قد رحل ودارت الدنيا براسها وكانها تطلب ممن حولها ان يكذبوا هذا الخبر ساعات عصيبة جعلت زملاء الشهيد تقشعر ابدانهم وتذكرت الزوجه لحظة وداع زوجها لها واحتضانه لاطفاله قبل ذهابه الي تلك المامورية وكانه كان يشهر بانه لن يراهم مرة اخري اما الاب فلم يستطع تحمل تلك الصدمة بان يسقط اكبر ابنائه شهيدا وهو الذي كان سيتولي رعاية شقيقيه الصغيرين الذين مازالا بالتعليم الجامعي خاصة وانه اصبح مسن فالاب هو اللواء علي حموده الذي كان يعمل علي مدار اربعين عاما يكافح الجريمة وهو ما جعل نجله الاكبر تامر يريد ان يكون مثل ابيه وبالفعل التحق بكلية الشرطة ليحقق حلم والده الذي غرس فيه منذ الصغر ان يكون نصيرا للضعفاء وبالفعل حافظ علي هذا النهج ولكنه لم يكن يعلم انه سوف يفقد نجله في هذا السن الصغير وهو ما جعل الاب يعتصر الما ان يكون قاتله ضابط شرطة ايضا ليقف الاب في جنازة نجله ووالدته يرددان( حسبي الله ونعم الوكيل) ويريدان القصاص العادل ممن اطاح بحلميهما الذي عاشا من اجله وكانا يظنان انه سوف يحملهما الي القبر بعد مماتهما ليفاجئا بانهما هما اللذان يحملانه ولكن شيئا واحدا مازال يجعلهما يريدان التمسك بالحياة هي تربية ابنائه حتي يلتحقا بكلية الشرطة ليدافعا عن الفقراء ويقتصا من المجرمين استكمالا لمسيرة الاب والجد