كان لافتا تقاطر كل هذه الشخصيات لحضور محاضرة عن التعديلات المقترحة على المجلس الدستورى الفرنسى نظمتها الجمعية المصرية للقانونيين الفرانكفونيين وأدارها بكل اقتدار الدكتور المستشار تيمور مصطفى كامل رئيس الجمعية و الذى منح المكان حالة من دفء المشاعر حيث اختص كل من كان موجودا بقاعة النادى الدبلوماسى بشارع طلعت حرب مكان المحاضرة بكلمات عفوية تحمل تقديرا للمكانة العلمية وتنم عن فطنة الجالس على المنصة والمعرفة الشخصية والمهنية بمميزات كل من ذكر اسمه كما لو كان يقرأ من الصفحة الشخصية لكل واحد وهو يخاطب الحاضرين باللغتين العربية والفرنسية بطلاقة وسلاسة. النادى الدبلوماسى الذى احتضن الأمسية كان اختيارا متميزا فهو مبنى تاريخى بديع من الخارج ومبهر من الداخل بقاعاته التى تستدعى عبق التاريخ وطابعه المعمارى الذى يشهد على حقبة خاصة من تاريخ مصر وهو واجهة حضارية يقدم صورة عن التاريخ والمستقبل بأفضل ما تكون ويلمس الزائر للمكان مدى الاهتمام به من جانب وزارة الخارجية وبدعم من الوزير سامح شكرى وزير الخارجية حتى يبقى فى هذا المستوى. عندما نعود إلى المحاضرة للوهلة الأولى يتبادر السؤال ما الذى يجعل شخصيات مثل الدكتور أحمد جمال الدين وزير التعليم الأسبق والدكتور محمد عبد اللاه رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق والمستشار الدكتور طارق عبد العليم نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الأسبق والسفير عبد العزيز سيف النصر مساعد وزير الخارجية الأسبق واللواء دكتور طارق الجمل مساعد وزير الداخلية الأسبق وغيرهم من الشخصيات القانونية الجلوس لساعتين ونصف الساعة للاستماع إلى محاضرة حول التعديلات المقترحة على المجلس الدستورى الفرنسى للبروفيسور فابريك هوركوبيه الامين العام للجمعية الفرنسية للقانون الدستورى الفرنسي. دون شك الإجابة هى شغف المعرفة والحرص عليها والوقوف عند آخر التعديلات المقترحة على المواد القانونية للمجلس الدستورى الفرنسى وهم أعضاء بارزون فى الجمعية، كنت أتابع درجة التركيز التى كانوا عليها كما لو كان هناك امتحان يعقب المحاضرة وأمام مثل هذه المواقف لا يملك المرء سوى أن يعبر بكل المعانى عن التقدير لهذا الإخلاص للعلم والمعرفة وأن تبقى هذه الشخصيات ودائما هى القدوة التى تتطلع لها الأجيال الجديدة وان تضعهم نموذجا فى الحياة. من بين ما قاله البروفيسور هوركوبيه هو إن المقترحات المطروحة تشمل النظر فى عضوية وتشكيل المجلس، حيث يقترح توسيع العضوية من 9 إلى 12 عضوا من خلال اعضاء يقترحهم رئيس محكمة النقض ومجلس الدولة ومحكمة المحاسبات، وتعديل نظام رفع القضايا ليسمح بقيام المواطن العادى برفع الدعوى القضائية أمام المجلس. وقال إن الأسباب التى تفرض هذه الاقتراحات هى محاولة منع التدخلات السياسية فى تشكيله. وأوضح المستشار تيمور مصطفى كامل أن المجلس الدستورى الفرنسى منذ إنشائه يعتمد على الرقابة السابقة على القوانين والاتفاقيات والمعاهدات قبل صدورها، وهو ما يختلف عن رقابة المحكمة الدستورية فى مصر وهى رقابة لاحقة، ولكن تم إدخال تعديلات على المجلس الدستورى الفرنسى ليصبح له رقابة لاحقة أيضا، لكن هذا لا يباشر الا بطريق واحد عبر اللجوء بداية إلى القضاء العادى أو الإدارى حتى يستطيع أن يأخذ الطريق فى مباشرة المجلس الدستورى للرقابة اللاحقة على دستورية القوانين. وأشار إلى أن المحكمة الدستورية العليا فى مصر التى تمثل الحصن الأول للدفاع عن الحقوق والحريات العامة، يمكن أن تستفيد من تجربة تطوير المجلس الدستورى الفرنسي، من خلال مقترحات توسعة التشكيل كما هو معمول به فى النظام الدستورى فى العالم حاليا من خلال إثراء تشكيلها بأعضاء وشخصيات متخصصة وازنة بحيث يكون التشكيل ذا طابع قضائى وتوسيع تخصصات اختيار أعضائها، فضلا عن الاستفادة من التجربة الفرنسية فى إنجاز القضايا حيث تأخذ القضايا فى المجلس الدستورى الفرنسى مدة محددة للانتهاء منها بحد أقصى أشهر. لمزيد من مقالات ◀ ماهر مقلد