فى قمة شارك فيها زعماء روسيا والصين وعدد كبير من البلدان الآسيوية، حذر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين من مغبة سياسات واشنطن ومواصلتها الحروب التجارية التى قال انها تجرى عمليا دون اعتبار لقواعد أو منطق أو قانون. وفيما توصل زعماء البلدان الآسيوية المشاركة فى القمة إلى ما يشبه الإجماع حول قضية القدس والاتفاق النووى مع إيران وإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، اتخذت اسرائيل وحدها موقفا مضادا للبيان الختامى الصادر عن هذه القمة. ما أن انتهت قمة رؤساء بلدان «مجموعة شنجهاي» التى تضم روسيا والصين والهند وبلدان آسيا الوسطي، وعُقِدَت فى بيشكيك عاصمة قيرغيزستان فى نهاية الاسبوع الماضى مؤكدة ثوابت العمل فى الفضاء الاوروآسيوي، حتى شخصت الانظار إلى دوشانبى عاصمة جمهورية طاجيكستان المجاورة فى انتظار بدء أعمال الدورة الخامسة لقمة «سيكا» - مجموعة «التفاعل وإجراءات بناء الثقة فى آسيا»، التى جرى تأسيسها فى أكتوبر من عام 1992 بمبادرة من رئيس كازاخستان السابق نور سلطان نزارباييف، وشارك فيها زعماء وممثلو 27 من بلدان القارة الآسيوية وفى مقدمتها روسيا والصين والهند، إلى جانب بلدان آسيا الوسطي وكذلك مصر وإندونيسيا وقطروإيران وتركيا واسرائيل. فى دوشانبى تمحورت كلمة الرئيس الروسى حول تأكيد مواقف بلاده تجاه ثوابت العمل فى الفضاء الأوروآسيوي، ولا سيما ما يتعلق بضرورة إقامة نظام عالمى «عادل»، وتعزيز التعاون بين الدول الآسيوية فى مجال «مكافحة الإرهاب»، فيما تناولت ما قامت وتقوم به روسيا من جهود على الساحتين الاقليمية والعالمية وما يتعلق بالاوضاع فى أفغانستانوسوريا إلى جانب الوضع فى شبه الجزيرة الكورية والموقف من الاتفاق النووى الإيراني. وكان بوتين قد أشار فى هذا الصدد إلى «ان انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووى عقّد تنفيذه وأثر بشكل فعلى على جهود منع انتشار الأسلحة»، مؤكدا أن الحل الوحيد يكمن فى التزام جميع الأطراف بالاتفاق. وحول الأوضاع فى سوريا، أكد بوتين «ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم»، مشيرا إلى أن «الحكومة السورية تسيطر على معظم أراضى البلاد»، فيما جدد دعوته إلى ضرورة «تنشيط عمل اللجنة الدستورية السورية». ومن ذات المنظور أكد المجتمعون ما سبق وأكدته قمة «مجموعة شنجهاي» حول أهمية الحوار والتعاون فى مجال مكافحة الارهاب والتطرف، إلى جانب الابتعاد عن الحروب التجارية وسياسات الضغوط التى تمارسها الولاياتالمتحدة. وأضاف زعماء قمة «بناء الثقة والتعاون بين بلدان القارة الآسيوية» ما يكاد يبدو القاسم المشترك لكل المحافل والمؤتمرات والقمم الدولية، والذى يتعلق فى معظمه بالبرنامج النووى الإيراني، والموقف من كوريا الشمالية والأوضاع فى سورياوأفغانستان واليمن ومنطقة الشرق الأوسط. وكانت الدول المشاركة فى قمة «التعاون وبناء الثقة فى آسيا» قد أعلنت معارضتها لأى عقوبات أحادية الجانب ولتطبيق القوانين الوطنية خارج حدودها.وعلى الرغم من تقارب وجهات النظر بين كبريات البلدان الاسيوية تجاه أهم محاور جدول أعمال القمة، فقد شهدت اجتماعاتها الجانبية خروجا عن الإجماع من جانب إسرائيل، ولا سيما إزاء الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط والموقف من القدس والبرنامج النووى الإيراني، فضلا عن الدعوة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وهو ما انعكس لاحقا فى رفضها الموافقة على بنود البيان الختامى ذات الصلة، فى توقيت شهد ما يشبه إجماع البلدان المشاركة فى هذه القمة تجاه هذه القضايا. وننقل عن وكالة انباء «انترفاكس» ما ذكرته حول ان البلدان المشاركة فى القمة خلصت إلى «ضرورة مراعاة الاعتبار لميثاق الأممالمتحدة والقواعد المعترف بها ومبادئ القانون الدولي، ورفض أى ضغوط سياسية واقتصادية غير شرعية على أى دولة من الدول المشاركة فى القمة، خاصة الدول التى تعانى شعوبها من العواقب السلبية للإجراءات القسرية أحادية الجانب فى المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية». وكان البيان الختامى قد أشار أيضا إلى «تمسك البلدان المشاركة فى القمة بمبادئ القانون الدولي، بما فى ذلك عدم قبول استخدام القوانين الوطنية خارج حدودها خلافا لمبادئ القانون الدولي، وتأكيد ضرورة بذل كل الجهود الرامية إلى الحيلولة دون استخدام أراضيها من جانب أى حركات او منظمات انفصالية، ربما فى إشارة إلى عدد من القضايا الخلافية ومنها قضية «كشمير» التى تتمحور حولها الخلافات بين الهند وباكستان. وتقول المصادر الرسمية إن المجتمعين خلصوا إلى موقف موحد تجاه تأييد ما وصفه البيان الختامى الصادر عن القمة ب«الاقتصاد العالمى المكشوف»، الذى يسمح لجميع البلدان والشعوب بالمشاركة فى توزيع فوائد العولمة، إلى جانب تمسكهم ب«النظام التجارى متعدد الجوانب والمكشوف والشفاف وغير التمييزي»، استنادا إلى القواعد والمعايير الدولية، والذى تم إنشاؤه على أساس منظمة التجارة العالمية، ومعارضة كل أشكال «سياسات الحماية». أما عن الموقف من البرنامج النووى الإيرانى فقد خلص المجتمعون إلى «تأكيد دعم بلدانهم لخطة العمل المشتركة الشاملة الخاصة بالاتفاق النووى مع إيران، التى أكدت فاعليتها، وترحيبهم بتنفيذ إيران الكامل لكل التزاماتها فى المجال النووي» وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلا عن دعوتهم لكل الاطراف المعنية لتنفيذ التزاماتهم الكاملة التى نصت عليها خطة العمل المشتركة الشاملة وقرار مجلس الأمن رقم 2231»، فى إشارة لا تخلو من مغزى إلى انسحاب الولاياتالمتحدة من هذا الاتفاق فى العام الماضي. وفيما أكدت البلدان المشاركة فى قمة دوشانبى دعمها «لإقامة منطقة خالية من السلاح النووى وكل الأنواع الأخرى لأسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط على أساس الاتفاقات التى تم التوصل إليها بصورة طوعية بين الدول المعنية فى هذه المنطقة»، وتمسكها» بحق الفلسطينيين فى إقامة دولة مستقلة ذات سيادة كاملة فى إطار حدود ما قبل الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية»، إلى جانب «الرفض القاطع لأى حل أحادى الجانب قد يؤدى إلى تغيير واقع القدس»، وأعلنت اسرائيل وكما سبق الذكر، عن رفضها الانضمام إلى البيان فيما يتعلق بهذه القضايا. وعلى مستوى اللقاءات الثنائية توقف الإعلام الروسى عند لقاء الرئيس بوتين مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى ، فيما أبرز ما كشف عنه اللقاء من مساهمة قطر فى العديد من مشروعات الاستثمار المشترك مع روسيا، والتى قال أمير قطر إنها تجاوزت المليارى دولار، معربا عن استعداد بلاده لتقديم المزيد من الاستثمارات المالية. وكشف الرئيس بوتين عن ان بلاده تقدم الدعم والمشورة إلى قطر فى مجال استعداداتها لتنظيم مونديال كرة القدم لعام 2022، والاستفادة مما حققته موسكو من انجازات هائلة خلال تنظيمها للدورة الماضية للمونديال فى عام 2018.