وكيل لجنة الزراعة: يجب تمثيلهم فى مؤتمرات الشباب لتوصيل صوتهم إلى المسئولين المزارعون: تكاليف الزراعة باهظة..والرى المطور لم يحل مشكلاتنا نقيب الفلاحين: نطالب بقانون لتوفير معاش وصندوق تكافل زراعى للفلاح
يظل الفلاحون يعانون من مشكلات كثيرة، تتمثل فى صعوبة الحصول على الأسمدة اللازمة لأراضيهم وتوفير التقاوى الجيدة ومياه الرى النظيفة وتسويق محاصيلهم، بالإضافة إلى غياب المهندس الزراعى الذى له دور هام فى توعية الفلاح وإرشاده وتقديم خبراته فى مجالى الإنتاج والتسويق والعمل من أجل تحسين الأساليب التسويقية التى تحقق للمزارع أكبر ربح ممكن وتساهم فى خفض الفاقد فى المحاصيل المنتجة وأيضا توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة حتى لا يضطر الفلاح إلى اللجوء للسوق السوداء للحصول عليها بأسعار مرتفعة تؤثر فى النهاية على أرباح المحصول بعد الانتهاء من الموسم الزراعي.. تفاصيل كثيرة نطرحها فى هذا التحقيق وردود مهمة للمسئولين بوزارة الزراعة حول النهوض بهذا القطاع المهم.
فى البداية يصف محمد أبو راضى (فلاح) بإحدى قرى مدينة العياط محافظة الجيزة، معاناته والتى تبدأ بصعوبة توفير الاسمدة والتقاوى والبذور حيث أن حصة الفلاح لكل فدان أرض يتم استلامها من الجمعيات الزراعية لا تكفى لتغطية احتياجات المزارع ويلجأ الفلاح لشرائها من السوق، أيضاً هناك مشكلة أخرى وهى أن بعض الأسمدة تكون ذات فاعلية ضعيفة أو تؤدى إلى عدم صلاح المحصول كاملا، وكل ذلك فى النهاية يترتب عليه ضعف الناتج الأخير من المحصول. تأخذ المعاناة أشكالا أخرى كما يؤكد محمد أن ما يحصل عليه الفلاح من أرباح أقل بكثير مما يتناسب مع المجهود الكبير الذى يقوم به فى الزراعة، وهو ما يتضح أيضا فى أحد أهم جوانب الفلاح الاستثمارية وهى تربية الماشية فيقول: نقوم بشرائها وبعد تربيتها وتوفير ما تحتاجه من علف لمدة نحو من أربعة إلى ستة أشهر وعند بيعها نجد أن سعرها النهائى لا يعطى ما تكلفته طوال فترة تربيتها، وهى مشكلة بكل المقاييس لأن تربية الماشية أحد أهم المشروعات التى يعتمد عليها الفلاح فى زيادة دخله. على جانب آخر يتحدث (عبد الحميد أحمد) فلاح بالمنوفية عن أحد أهم المشكلات التى تواجه معظم فلاحى مصر وهى مشكلة الري، فيقول إنها المشكلة الكبرى فى قرية الرمالى مركز قويسنا، حيث ان المساحة الزراعية فى قريته تبلغ نحو 4 آلاف فدان مقسمة إلى قطع زراعية صغيرة، وكنا نعتمد فى رى الأراضى على ما يسمى «المساقي» ويتم تغذيتها من ترعة بسطاوى العمومية، ومن نحو 8 سنوات تم تنفيذ مشروع الرى المطور وكان المقصود منه تسهيل الرى وتوفير المياه للفلاحين فى الأحواض وتم الانتفاع من المشروع لفترة بسيطة حيث كان المشروع يعتمد على عدد 2 موتور مياه لتغذية 400 فدان فقط فى حين أن الوضع الأصلى قبل المشروع كان أفضل، لأن المياه كانت تصل إلى الأراضى كاملة لأن كل فلاح كان يروى أرضه بمعداته الخاصة فى الوقت الذى يحدده. ويضيف عبد الحميد أن المشروع فشل بشكل نهائي، وتوقف تماما لأنه كان يتم من خلال وضع المياه فى حجرة خرسانية ونقوم بسحب المياه منها بمواتير رافعة ويتم الرفع داخل المواسير والفتحات التى توزع المياه على الأراضى إلا أنه حدثت حالات سرقة متعددة للمواتير وأحواض المياه والمحابس والمواسير، حيث كان اللصوص يقومون بسرقتها وبيعها لأنها مصنوعة من النحاس وتم ردم «المسقي» وأصبح لا وجود لها نهائيا ولم يعد هناك مصدر للرى إلا هذا المشروع، لذلك حاول الفلاحين اكثر من مرة إصلاح الأمر الا ان السرقات استمرت وبعدما وجد الفلاحون انفسهم فى مشكلة حقيقية ستؤدى إلى ضياع أراضيهم، لجأوا إلى الرى بالمياه الجوفية رغم أنها تسبب الأضرار للارض منها ضعف خصوبة التربة، كما أنها مكلفة فتصل تكلفة المواسير فقط المستخدمة فى الرى إلى 20 ألف جنيه. ويناشد عبد الحميد الحكومة بالتدخل السريع لإنقاذ الثروة الزراعية بالمنطقة لأنها مصدر الرزق الوحيد لهؤلاء الفلاحين بالقرية، وطالب بمساعدة الفلاحين على تحسين مستويات معيشتهم، بعدما أصبحت تكاليف الزراعة باهظة حيث ان إيجار الأراضى الزراعية يبدأ من 7 آلاف جنيه فى السنة الواحدة على أقل تقدير، بجانب ارتفاع الخدمات الزراعية حيت وصلت يومية الفلاح فى أقل من خمس ساعات عمل إلى 120جنيها وكذلك ارتفاع أسعار السولار المستخدم فى الرى والآلات. معاش للفلاح مشكلات الفلاح ليست حديثة أو وليدة اليوم، وهى ظاهرة واضحة أمام أعين المجتمع والمسئولين.. هكذا بدأ حسين عبد الرحمن أبوصدام نقيب الفلاحين حديثه عن مشاكل الفلاحين الموجودة على أرض الواقع منذ سنوات طويلة بلا حلول، فيقول إنها اصبحت مشكلات مزمنة نحاول حلها بقدر ما نستطيع، مطالبا بالإسراع فى إصدار قانون معاشات الفلاح، وتسوية المشكلات الخاصة بالفلاحين المنتفعين من الإصلاح الزراعي، وسرعة إنهاء إجراءات العقود الخاصة بأراضيهم، وإنشاء صندوق للتكافل الاجتماعى للفلاحين. مشكلة المياه وأوضح نقيب الفلاحين أن مصر تعانى من مشكلة (الفقر المائي) وهو ما تحذر منه الحكومة باستمرار وتحاول توعية المجتمع حول المخاطر الناتجة عن ذلك ساعية إلى توعية المواطن المصرى بترشيد استهلاك المياه، حيث ان حصة مصر من مياه نهر النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، إضافة إلى خمسة مليارات متر مكعب من المياه العذبة توفرها المياه الجوفية وخلافة، فيما يبلغ حجم احتياجنا للمياه نحو 110 مليارات متر مكعب تستهلك منه الاغراض الزراعية نحو مليار و800 ألف متر مكعب، وللوصول إلى الأرقام المذكورة نقوم بترشيد المياه وتغيير طرق الرى من الغمر إلى التنقيط، كما نسعى لتغيير طرق الزراعة نفسها من الزراعة المكشوفة إلى الصوب التى تؤدى إلى توفير استهلاك المياه، ونلجأ فى بعض الأوقات إلى عمل تدوير لمياه الصرف الزراعى بعد معالجتها من الكيماويات والأحماض ويعاد استخدامها فى مياه الري. وقد صنف حسين عبد الرحمن أبوصدام مشكلات الرى للفلاحين إلى نوعين، فهناك الفلاحون الذين يزرعون اراضى خارج الزمام «اراضى وضع اليد» والتى ليس ليها نصيب فى مياه النيل، فيقومون بريها عن طريق المياه الجوفية، ونظرا لارتفاع تكاليف هذا النوع من الرى يلجأ هذا النوع عادة إلى الاعتماد على مياه النيل وهو اعتداء صريح على حصة غيرهم من الفلاحين فى الرى وهو ما يؤثر فى النهاية على الحصة المائية للمزارعين. أما النوع الثانى وهم الفلاحون والمزارعون الذين تقع أراضيهم على زمام النيل والترع الفرعية، فأغلبهم يواجه مشكلة فى ان تلك الأراضى تكون فى نهاية الترع فتصل لهم المياه قليلة عن الفلاحين فى بداية الترع الذين يفوزون بالمياه الوفيرة، وأوضح أبو صدام أن حل هذه المشكلة يتم بمخاطبة وزارتى الرى والزراعة لتوفير قنوات وترع إضافية توفر للفلاحين مياه الرى المطلوبة وأيضا تطهير وتبطين الترع حتى لا تقوم بامتصاص المياه وإهدارها. وأكد أبو صدام أن توفير المياه للمزارعين هى مشكلة عامة فى أنحاء الجمهورية وتلجأ الحكومة فى بعض الأحيان لتقليل بعض الزراعات المستهلكة للمياه مثل الأرز، مع استنباط بعض السلالات، وكذلك الاعتماد على الرى بالمياه المختلطة بمياه الصرف الزراعى بعد تنقيتها من الكيماويات. أما عن مشكلة (مستلزمات الزراعة)، فيؤكد نقيب الفلاحين أنها السبب الرئيسى لاستنزاف طاقة الفلاح والتهام أرباحه من المحاصيل، مؤكدا أنها من المشكلات التى طالب الحكومة بالسعى لحلها، قائلا: نحن نطلب منذ سنوات خفض أسعار مستلزمات الزراعة حتى تتناسب مع الفلاح، وايضا تعديل التشريعات الموجودة التى من شأنها دعم الفلاح وتفعيل دور المهندسين الزراعيين، وكذلك تفعيل قانون الضبطية القضائية للمهندسين الزراعيين ليتمكنوا من القيام بدورهم فى محاسبة الفلاحين غير الملتزمين الذين يقومون بالرى بمياه الصرف الصحى دون معالجة او يقوم برش ادوية محظورة او زراعة نباتات تمت هندستها وراثيا بطريقة تضر المواطنين، كما نطالب المسئولين بتوفير الأسمدة المدعمة فى الجمعيات الزراعية، كما يجب إعادة هيكلة توزيع الكيماوى بموجب الحيازات، حيث أن 80% من الحيازات اقل من فدان والفدان له شيكارة ونصف فقط، وبالتالى فإن الفلاحين الذين يملكون أقل من 6 قراريط لن يتم صرف كيماوى لهم. وينصح أبو صدام الفلاحين بالعودة إلى الزراعة الطبيعية أو ما يسمى (الزراعة العضوية) وقانون الزراعات العضوية موجود بالفعل فى مجلس النواب، والذى يوجه الفلاح باستخدام مكونات زراعة طبيعية بدلا من الكيماويات الصناعية، كما يطالب الحكومة بعمل حملات توعية للفلاح لزيادة ثقتهم فى أهمية الابتعاد عن تلك المبيدات والكيماويات، وتوعيتهم بأهمية وطريق الزراعة الطبيعية التى توفر لهم تكاليف كثيرة وتعطى محصولا أكثر جودة. فيما يقول النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب عن مشكلات الفلاح وأسبابها والحلول المقترحة، أن مياه الرى لا تصل لتغطية الترع بشكل كامل ودائم مما يعيق الفلاحين عن زراعة أراضيهم، ويلجأ الفلاح للاعتماد على بدائل للرى وتكلفة مبالغ باهظة، كما أن هناك عدة أسباب تؤثر على إنتاجية الفلاح، بسبب عدم توافر القوانين والتشريعات التى من شأنها دعم الفلاح، مطالبا بتطبيق المادة 29 والخاصة بإلزام الحكومة إعلان سعر المحاصيل قبل الزراعة بمدة كافية وتوفير مستلزمات الإنتاج بما يوفر هامش ربح مناسب للفلاح وهو ما لم تفعله الحكومة، ولا يستطيع الفلاح تنظيم خطة زراعته السنوية، وفى النهاية يقوم ببيع محاصيله بأسعار بخسة بسبب عدم تطبيق الدستور على الفلاحين . ويوضح النائب رائف تمراز ان مستلزمات الإنتاج للمزارع أصبحت باهظة الثمن مما يدفع الفلاحين للاعتماد على منتجات غير معتمدة سواء كيماويات أو مبيدات، ولا يوجد عليها رقابة من وزارة الزراعة، كما أن الوزارة لا توفر المرشدين الزراعيين لتوعية الفلاح بأساليب الزراعة السليمة خاصة وان نسبة الأمية بين الفلاحين عالية، لذلك يجب على الوزارة تكليف المهندسين الزراعيين وطلبة الطب البيطرى بتواجدهم بجانب الفلاح بما لديهم من وعى زراعى وإطلاعهم على آخر مستجدات البحث العلمى فى مجال الزراعة السليمة وتنمية المحاصيل وزيادة الإنتاجية. وناشد وكيل لجنة الزراعة بإعادة النظر فى نسبة فوائد الديون عن الفلاحين فى البنك الزراعى المصري، ويجب وضع حلول سريعة كى يستطيع الفلاح زراعة أرضه فى أمان، لافتاً إلى غياب مشاركة الفلاح كممثل لأحد أطياف الشعب المصرى بمؤتمرات الشباب التى يعقدها رئيس الجمهورية، حيث إنها تعد فرصة لعرض ما يواجهه من عقبات، مطالبا بوجود شباب الفلاحين فى تلك المؤتمرات أسوة بباقى الأطياف الموجودة بها.