من الموضوعات التى تستحق الإشارة إليها، والإشادة بها هو موافقة مجلس النواب أخيرا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن: إصدار قانون إنشاء هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والذى يعد, كما يرى المهتمون والخبراء فى هذا المجال, خطوة غاية فى الأهمية لدعم الابتكارات العلمية، وتشجيع الباحثين فى الجامعات والمراكز البحثية على المساهمة بأبحاثهم وابتكاراتهم فى العمل على تطوير مصر وتقدمها علميا واقتصاديا وصناعيا وحضاريا. ومع التسليم بأهمية عمليات التمويل فى تقدم الإنجازات العلمية والابتكارات التكنولوجية، إلا أننا نرى أن هذا وحده ليس بكاف للتعامل مع معطيات العصر، وإنجازاته العلمية والتكنولوجية، حيث إن التعامل معها، والمشاركة فيها، والعمل على توظيفها واستثمارها، تفرض توافر الثقافة العلمية باعتبارها مطلبا أساسيا للانجاز العلمى، وتوافر المناخ الملائم لتحقيق الابتكارات العلمية والتكنولوجية، وتوفير البيئة المناسبة لتوظيف هذه الابتكارات فى مختلف الميادين والمجالات. فالثقافة العلمية تعد عملية ضرورية للمشتغلين بالعلم، حيث تفرض, كما يرى أهل الاختصاص, ضرورة تحررهم من أسر تخصصهم الضيق، وسد فجوات الفراغ الفكرى لديهم، ويجنبهم الانغلاق فى ثقافة أحادية الأبعاد، أو اختزال العالم ومشكلاته فى عدد محدود من المقولات والمسلمات. بل تجنبهم الثقافة العلمية الوقوع فريسة للأيديولوجيات والأفكار المتطرفة، التى يمكن أن تجد طريقها لطلاب العلم والمشتغلين به كثقافة بديلة للثقافة العلمية التى تفرض بكل أبعادها وتكوناتها فى العمليات العلمية. بل إن الثقافة العلمية لها أهميتها بالنسبة للثقافة المجتمعية، من خلال العمل على علمية هذه الثقافة، بحيث تصبح أخلاقيات العلم والتفكير العلمى موجهة لسلوكيات أفراد المجتمع هيئاته ومؤسساته، وليصبح هذا التفكير فى النهاية نمطا سلوكيا ممارسا خلال الحياة اليومية. وهذه مسئولية كل المؤسسات العلمية والثقافية، والمؤسسات التربوية تعليمية أم أسرية. أستاذ التربية جامعة الفيوم لمزيد من مقالات د. محمد سكران