د. شريف نصيف : نخدم 4 ملايين مواطن.. والجزء الأكبر من نجاحنا يعود لمساندة الدولة افتتاح أول مصنع لإنتاج الأطراف الصناعية تامة الصنع فى الشهر الجارى د. أشرف لطفى : مركز تحليل الحركة طوق نجاة لمئات الأطفال المعاقين آباء وأمهات: نتمنى التدخل لافتتاح المبنى الجديد فى أقرب وقت لراحة المرضي
قد يكون غريبا أن يتوقف تشغيل مشروع ضخم فى حجم المبنى الجديد للمعهد القومى لشلل الأطفال على تدبير دعم مالى لتركيب «مصعد» موجود بالفعل وأجهزة إنذار وأمور أخرى أقل جدا من تكلفة ما تحقق من إنجاز حتى الآن. ومما لاشك فيه أن إقامة أحد الصروح الطبية المتخصصة يحتاج إلى ميزانية كبيرة وإنفاق مالى ضخم حتى يتم، وقد يتطلب ذلك سنوات من الإعداد، ولكن أن ينتهى بناء صرح خدمى شامخ ينتظره آلاف المرضى دون اعتماد ميزانية لتركيب المصعد الخاص به فهذا أمر يثير التعجب، التقينا مع عدد من المسئولين عن المعهد وبعض المرضى على قوائم الانتظار حتى نعرض الأمر بتفاصيله، وحرصنا على التجول داخل المبنى لرصد الواقع كما شاهدناه وذلك عبر السطور الآتية. بداية تحدثنا مع بعض الآباء والأمهات بالعيادات الخارجية للتعرف عن قرب على كيفية زرع حياة جديدة لهؤلاء الأطفال ومساعدتهم ليصبحوا أطفالا طبيعيين دون إعاقة تمنعهم من ممارسة حياتهم اليومية. وجدنا نماذج لأطفال أُجريت لهم عمليات بالمعهد ولمسنا الفرحة الغامرة تملأ عيون آبائهم وأمهاتهم ورأينا البسمة على وجوه هؤلاء الأطفال وكأنهم ولدوا من جديد، وآخرين يتعلقون بالأمل ويتذرعون بالصبر الجميل ويتابعون العلاج بكل صبر وينتظرون أن يأتى دور أبنائهم فى العلاج بعد مغادرة قوائم الانتظار، يتمسكون بأمل جديد يغير ملامح مستقبلهم ليعيشوا حياة طبيعية ويتركوا بصمتهم داخل المجتمع وفى الحياة بإيجابية وبمشاركة فعالة لبناء الوطن. تقول منى بيومى ربة منزل : ولد ابنى بضمور فى العضلات مما تسبب فى جعله عاجزا تماما عن الحركة، ولكنى بكل أسف أهملت فى علاجه نظرا لسفرى الدائم ووفاة والده؛ مما أدى إلى تأخر حالته، واستطردت وهى تغالب دموعها : لقد كدت أفقد الأمل فى علاجه لولا أن جراحى المعهد قرروا أن حالته سوف تتحسن إذا واظبت على جلسات العلاج الطبيعى وإجراء جراحة له فى أوتار القدم، ونحن على هذا الأمل منذ 5 سنوات تقريبا، وأحلم باليوم الذى أجده طفلا طبيعيا يندمج مع أقرانه ويخرج من حالة الانطواء التى يشعر بها. وفى غرفة الانتظار بالعيادة الخارجية تحدّثت إلينا والدة الطفلة ولاء فريحة التى تبلغ من العمر 11 سنة معربة عن سعادتها بالتحوّل الإيجابى فى حالة طفلتها، حيث جاءت للمعهد وهى تعانى كسرا مضاعفا فى الجمجمة وشرخا فى الحوض، والآن بعد 3 سنوات من العلاج المتواصل وشبه اليومى وخضوعها لأكثر من عملية جراحية تنتظر على قائمة الانتظار لاستكمال علاجها جراحيا. عيادات معهد شلل الأطفال آمال والدة الطفل يوسف ذى السنوات الثلاث كانت دموعها تنهمر فرحا وأخذت تعبر عن فرحتها بجملة قصيرة ولكنها تحمل الكثير من المعانى : «ابنى قدر يقف على رجليه وإن شاء الله يمشي» كنت فاقدة الأمل فى أن يمشى فى يوم من الأيام وترجع ضحكته من جديد.. بهذه الكلمات بدأت حديثها معنا فى أثناء تلقيه جلسة علاج فى معمل تحليل الحركة التابع للمعهد حيث ولد وهو يعانى إعاقة حركية، واختتمت كلامها بمقولة : «ستظل مصر بخير وعامرة بأبنائها المخلصين ما دامت هناك مستشفيات ومعاهد لعلاج غير القادرين والأهم هو امتلاؤها بقلوب رحيمة عامرة تشعر بآلام الناس». الأمل قريب ومن ضمن الحالات التى التقيناها الطفل هاشم 8 سنوات الذى أصيب بضمور فى المخ نتيجة خطأ طبى حدث فى أثناء ولادته ونتج عنه إصابته بإعاقة فى الحركة، يقول والده إنه توجد آلاف الحالات المشابهة لابنه على قوائم الانتظار لإجراء الجراحات اللازمة، ويؤكد فرحته عندما سمع أن هناك مبنى جديدا يشمل غرف عمليات أكثر مما يعنى ان الأمل قريب. وفى معمل تحليل الحركة التقينا والد الطفل أسامة عزت الذى يعالج ابنه من شلل دماغى والذى يتمنى أن تقوم وزارة الصحة بزيادة ميزانية المعهد وجميع المستشفيات الخدمية، لأنها تقدم خدمة بأجر رمزى وتخدم فئة عريضة من المرضى لا يستطيعون تحمل نفقات العلاج. مصنع الأطراف الصناعية سألنا الدكتور شريف نصيف عميد المعهد القومى لشلل الأطفال عن السبب الحقيقى وراء عدم تشغيل المبنى الجديد حتى الآن فرد قائلا : إن المعهد يُعد صرحا طبيا شامخا يرتاده أكبر عدد من ذوى الإعاقة الحركية الذين يصل عددهم إلى نحو 4 ملايين معاق، وهو الأمر الذى يتطلب التوسعة فى المبنى والتطوير بشكل مستمر لإستيعاب تلك الأعداد، وعلى الرغم من إنشاء مبنى ملحق بالمبنى الرئيسى وتجهيزه بجميع الأدوات والأجهزة الطبية وغرف العمليات لإستيعاب تلك الكثافة العددية؛ فإن المبنى لم يتم استخدامه حتى الآن انتظارا لتركيب الأسانسير الملحق به، حيث يقف نقص الدعم المالى حائلا أمام استخدام هذا المعهد الخدمى العملاق ! ويوضح أهمية المبنى الجديد الملحق بالمبنى الأصلى الذى إستغرق إعداده سنوات لاستيعاب الأعداد الزائدة من المرضى والقضاء على قوائم الانتظار، حيث يستقبل يوميا ما لا يقل عن 1500 مريض أغلبهم من الأطفال الأقل من 12 عاما، ويهدف فى المقام الأول لعلاج المعاقين بجميع حالاتهم سواء التابعون للتأمين الصحى أو العلاج على نفقة الدولة أو العلاج بالمجان، بالإضافة إلى العيادات الخارجية فى تخصصات جراحة العظام والعلاج الطبيعى وجراحة المخ والأعصاب وتخصصات الأسنان والأطفال حرصا على توفير جميع الخدمات العلاجية التى يحتاجها المعاق وتقليل معاناته فى الانتقال بين أكثر من مكان، والحاجة باتت مُلحة للتوسع فى العيادات الخارجية من أجل استيعاب أكبر عدد من المرضى وإجراء جميع الفحوص والعمليات بلا قوائم انتظار، والمبنى الجديد الملحق بالمعهد يعد قوة إضافية كبيرة تحتوى على 10غرف عمليات ونحو 300 سرير، بالإضافة إلى غرف رعاية مجهزة بأحدث أجهزة التعقيم المركزى وأجهزة الموجات التصادمية المستخدمة فى تصحيح التشوهات سواء الخلقية أو المكتسبة، بالإضافة إلى قاعة للمحاضرات وأخرى للندوات، مجهزتين بأحدث الوسائل العلمية. معمل تحليل الحركة استكملنا جولتنا داخل أقسام المعهد لمشاهدة حجم الخدمات الطبية التى يقدمها على الطبيعة، وتوقفنا عند معمل تحليل الحركة الذى وصفه الدكتور أشرف لطفى إستشارى جراحة العظام والمشرف على المعمل بأنه ثالث معمل من هذا النوع فى مصر، وهو الوحيد فى الشرق الأوسط الذى يتعامل مع جميع أنواع الإعاقات الحركية جراحيا وطبيا ومن خلال العلاج الطبيعى المكثف، ويحتوى على 10 كاميرات عالية الدقة تعمل بالأشعة تحت الحمراء، مثبتة على بلاطات لقياس القوة ورصد وتحليل الحركة خصوصا فى حالات إصابات الرياضيين وأصحاب الإعاقة، فضلا عن الخدمة العلاجية المتخصصة التى يقدمها المعهد فى مجال جراحات العظام خاصة عند الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة وأصحاب الإعاقات الحركية والذهنية، ومن أبرزها إجراء عمليات إطالة العظام وعلاج الكسور والتشوهات. ويرى الدكتور رياض أباظة استشارى المخ والأعصاب أن أهم ما يقدمه المعهد هو التشخيص الدقيق والرؤية الثاقبة فى معاملة ذوى الإعاقة والذى يعد الجزء الأهم للتوجيه نحو العلاج السليم. قوائم الانتظار مصنع الأطراف الصناعية وعبر ممر طويل يؤدى إلى الجانب الآخر من المبنى وجدنا أنفسنا أمام مصنع للأطراف الصناعية يزدحم بالعمال وماكينات العمل لإنتاج كل احتياجات المعاقين، فهو يحتوى على ورشتين إحداهما لإنتاج الأطراف الصناعية والجبائر وأجهزة شلل الأطفال، والأخرى لإنتاج الأحذية والكراسى المتحركة، واصطحبنا داخل الورش ناصر لطفى المشرف على المصنع والذى أوضح أن المصنع مزمع افتتاحه خلال يونيو الجارى وسيقدم إنتاجا لأطراف صناعية كاملة وتامة الصنع بأيدى العمال المصريين وليس كما كان يحدث سابقا من إستيراد الأطراف وتجميعها فى مصر، فذلك سيحدث فارقا كبيرا فى التكلفة على المريض، كما يمكن أن نبدأ بالتصدير للخارج بصفتها أطرافا صناعية تامة الصنع. معهد فنى صناعي وعلى مقربة من الورش يوجد معهد فنى للتمريض به قسم أطراف صناعية أنشئ خصيصا لتدريب طلبة التعليم الصناعى والتمريض وهناك تحدثنا مع ناصر حسنين «عامل» الذى يطالب بضرورة بناء مركز لقسم الأطراف الصناعية وزيادة تأهيل العاملين، ويتطلع إلى إرسال بعثات من العاملين للاطلاع على أحدث التطورات فى المجال نفسه.