* رئيس الكاف يبرئ ذمة الحكم المصرى من سوء الأداء بعدم استدعائه للتحقيق! * الاتحاد المصرى سلك القنوات الشرعية وقدم الالتماس بالفعل ويأمل فى الأخذ به * الانفعال ساق أصحابه لاتهام المغاربة.. وبعد ساعات لم يجدوا شيئا يقولونه * هل قام جريشة بتطبيق التعديلات الجديدة قبل إقرارها وسريان العمل بها؟ ليس من بيننا أحد لم يحزن أو يغضب لما لحق بحكمنا الدولى جهاد جريشة من إيقاف لمدة ستة شهور بقرار من الاتحاد الإفريقى لكرة القدم بعد يومين فقط من إدارته لذهاب نهائى أبطال إفريقيا، غير أن الحزن والغضب لم يكونا يوما مدعاة للانفعال وإطلاق الاتهامات بلا دليل، أو اعتبارها فرصة لتصفية حسابات شخصية عن طريق تحليلات واستنتاجات، فى الوقت الذى تترك فيه الحقائق وهدوء البحث عنها دون محاولة لتتوه مع الزمن. والاقتراب من هذا الملف الشائك بحثا عما به من حقيقة أو اعتراه من خيال يقتضى البحث فى كل طرف من أطراف الموضوع، وهي: الحكم نفسه، والكاف، والاتحاد المصري، مادام يرى البعض أنه هو السبب الرئيسي. أولا: الحكم نفسه .. جهاد جريشة، ليس هناك شك أنه من أفضل حكام القارة الإفريقية بدليل أنه مثلها مرات عديدة فى البطولات الدولية، كما أن إسناد إدارة مباراة له بحجم نهائى دورى الأبطال الإفريقى خير دليل على ذلك، غير أننا يجب ألا ننظر فقط بعيون مصرية لأدائه فى تلك المباراة، وأن نفكر جيدا فيما ذهب إليه أصحاب العيون المحايدة ، وهل أنه بالفعل طبق التعديلات الجديدة قبل أن يسرى تطبيقها رسميا وفى مقدمتها احتساب لمسة اليد حتى ولو لم تكن عن عمد . ثانيا: الاتحاد الإفريقى لكرة القدم ( كاف ) .. الحقيقة أنه لا يمانع أحد فى أن يقوم أى اتحاد بمحاسبة التحكيم والحكام لديه، إذ إن أقدارهم ساقتهم عبر عمر كرة القدم أن يكونوا الشماعة الأولى التى تعلق عليها الأخطاء، إلا أن السرعة فى إصدار القرار، تسرب معها إلى النفس أن هناك ظلما وغبنا قد وقع على جريشة، وحتى الآن لم يعرف من الكاف كيف صدر هذا القرار بهذه السرعة، وهل كان من لجنة الحكام الأفارقة أم كان من رئيس الاتحاد نفسه، وكان من الأجدى أن تكون للقرار حيثيات فنية معلنة، إلا أن ذلك كان سيعرض المباراة إلى مطب الإعادة إذا كان بالفعل هناك خطأ فى تطبيق القانون، وهو ما أحسبه سببا فى عدم الكشف عن الأسباب الحقيقية لهذا القرار. يؤكد ذلك أن ما أعلنه أحمد أحمد رئيس الكاف من أسباب تتركز على سوء الأداء، وهى أسباب فى حد ذاتها تحفظ لحكمنا الدولى كرامته من أى اتهامات تلاحق الكثير من الحكام فى القارة السوداء. والحقيقة أن الكاف لم يقصر فى مواجهة هذا الملف، ولم يجبن عن اقتحامه، وقد أقدم على شطب عدد من حكامه ثبتت تحقيقاته أنهم دخلوا دائرة الفساد .. (لاحظ أن جريشة لم يتضمن قرار إيقافه الاستدعاء للتحقيق كما جرى مع حكام آخرين فى مواقف مشابهة). غير أن اختيار حكم من شمال إفريقيا لإدارة نهائى الأبطال بطرفين من شمال إفريقيا، لم يكن قرارا موفقا فى ظل الحساسيات التى تحكم العلاقات الكروية بين فرق هذا الشمال، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما حدث مع الحكم الجزائرى قبل أكثر من عام عندما تصدى لإدارة ذهاب النهائى بين الأهلى والترجى التونسي، ومعه كان على الكاف ألا يقع فى المطب نفسه حماية لحكامه، وعدم تأصيل تلك الحساسية. أما الارتكان إلى أن الكاف سلم مفاتيحه للأشقاء المغاربة، فإن الأحداث اللاحقة لم يستقم معها هذا الاتهام، ونحن نتابع صراخ الشكوى منهم عن ظلم بين يشعرون به، بل ينوون معه التصعيد إلى أبعد الحدود تضامنا مع ناديهم الوداد، بل الأمر أيضا جعلهم يفتحون ملف نهائى الكونفيدرالية مشيرين إلى ظلم تحكيمى طال نهضة بركانهم خلال ضربات الترجيح التى حسمت اللقب لغير مصلحتهم. ثالثا: الاتحاد المصرى لكرة القدم .. الذى سارع البعض لإلصاق تهمة به وبرئيسه بإظهاره أنه لا يساعد حكامه والمصريين بشكل عام فى الكاف، وهو الاتحاد نفسه المتهم دائما بأنه السبب فى ضعف مستوى التحكيم المصري، وهما اتهامان متضادان، ورغم ذلك ذهب الكثيرون إلى التشكيك فى أن هذا الاتحاد لم يلتمس من الكاف ضد هذا القرار، على الرغم من أنه هو الذى أعلن من نفسه نيته التقدم بهذا الالتماس ، ولم يكن تحت ضغط أى جهة، وربما يكون طلب الكاف الأخير عبر ايميل للاتحاد المصرى بسداد ثلاثة آلاف دولار رسوما قبولا لمناقشة الالتماس، وفى ذلك رد عملى على من تسرعوا فى اتهام الاتحاد. تبقى الإشارة إلى أنه لا يمكن قياس القوة والضعف لأعضاء الكاف بمخالفة اللوائح، ومن يثبت عليه ذلك فلن تتركه بطبيعة الحال الجمعية العمومية، والتمسك بالقنوات الشرعية يعكس تحضر سالكيها وينبع من انتمائهم لدولة ترسخ لهذا المبدأ فى علاقاتها الدولية، وفى الوقت نفسه لا تستهين بأى ما يواجهها، على نحو اتحادات أخرى لم تحرك ساكنا وأحد حكامها يتعرض لموقف مشابه لما واجهه جريشة.