حالة من الجمود السياسى تعصف بالسياسة الإسرائيلية، فى ظل فشل بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى فى تشكيل ائتلاف حكومى مع حلفائه من اليمين واليمين المتطرف. ويخيم شبح الانتخابات المبكرة مع قرار حل الكنيست بسبب انتهاء المهلة المحددة أمام نيتانياهو لتشكيل الحكومة، على الرغم من تصدر حزبه «الليكود» نتائج الانتخابات التى أجريت فى أبريل الماضى بحصوله على 36 مقعدا. وفى ظل هذه الأزمة، كان من الممكن نظريا سحب الاقتراح الذى قدمه حزب الليكود بحل الكنيست فى أى لحظة فى حالة التوصل إلى تسوية لأزمة الائتلاف الحكومى مع انتهاء المهلة لتشكيل الحكومة أمس الأربعاء. ولا يوجد بديل سوى خيار الانتخابات المبكرة، مع استمرار «قانون التجنيد» كحجر عثرة أمام تشكيل ائتلاف يميني، فى الوقت الذى يشترط فيه أفيجدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» تمرير قانون التجنيد للمتدينين الذى يعارضه الحزبان الدينيان «شاس» و«يهوديت هاتورا». ويريد ليبرمان مشروع قانون يهدف إلى جعل الخدمة العسكرية إلزامية لليهود المتشددين مثل غيرهم من اليهود الإسرائيليين. أزمة الحريديم وليبرمان ليست الوحيدة أمام زعيم الليكود، ولكنها أساس كل الأزمات التى ستترتب عليها فى وقت لاحق، فنيتانياهو يخشى قيام الرئيس الإسرائيلى رءوفين ريفلين بتكليف آخر بتشكيل الحكومة. ومع استمرار أعضاء حزبى نيتانياهو وليبرمان فى تبادل الاتهامات حول الأزمة الحالية، هددت الأحزاب المستبعدة من مفاوضات تشكيل الحكومة بتعطيل قرار حل الكنيست ال 21 ودفع احتمال اختيار عضو آخر بالكنيست لتشكيل الائتلاف الحكومي. وإذا لم يتمكن نيتانياهو من تمرير الاقتراح، فإن ريفلين سيقرر خلال يومين تكليف مرشح آخر بتشكيل الحكومة. وأصبح ليبرمان، وزير الدفاع السابق، هدفا لتهديدات أعضاء الحكومة بالاستبعاد من أى مفاوضات مستقبلية، بل ومن تكتل اليمين فى الحكومة القادمة، إلا أن هذه التهديدات لم تثن زعيم «إسرائيل بيتنا» عن شرطه الأساسى بتمرير قانون التجنيد دون أى تعديل لمصلحة الحريديم. وقال زئيف إلكين وزير شئون حماية البيئة إن «ليبرمان، الذى يمتلك حزبه 5 مقاعد يجب ألا يتوقع أن توافق الأحزاب الدينية، والتى لديها 16 مقعدا، على الاستجابة لمطالبه». ولجأ ليبرمان إلى موقع فيسبوك لتبرير قراره بالقول إنه يدعم نيتانياهو لكنه فى الوقت ذاته ضد الأحزاب الدينية «الحريدية». بينما ترى الأحزاب الحريدية والليكود أن «تعنت» ليبرمان سببه ليس قانون التجنيد، وإنما كرهه لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ورغبة زعيم «إسرائيل بيتنا» فى عدم رؤية حكومة خامسة لنيتانياهو. ويعتبر إجراء انتخابات جديدة، بعد انتخابات أبريل، سابقة لم تشهدها إسرائيل من قبل، وسط مخاوف من تكاليفها وحالة الشلل السياسى التى ستنتج عنها، والتى ربما تطول إلى أجل غير مسمي. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الانتخابات ستتكلف نحو 5 مليارات شيكل، بينما قالت وزارة المالية الإسرائيلية إن تكلفة حل الكنيست وتبكير الانتخابات فقط ستصل إلى 475 مليون شيكل. انتخابات 17 سبتمبر المقبل قد تضع نيتانياهو فى مأزق آخر متعلق بأنه قد لا يجد الوقت الكافى لتمرير قانون الحصانة من قضايا الفساد الثلاث التى تلاحقه. وكان النائب العام أفيحاى ماندلبليت قد أعلن توجيه تهم الاحتيال وخيانة الأمانة ضد نيتانياهو فى ثلاث قضايا كسب غير مشروع وتهمة الرشوة فى إحدى هذه القضايا. وكان نيتانياهو يسعى للدفع بقانون حصانة وتعديل قانونى يسمى «بند التجاوز» يسمح للكنيست بإعادة سن قوانين ألغتها المحكمة العليا. وعلى الرغم من ذلك، ترجح استطلاعات الرأى حصول أحزاب اليمين على أغلبية مريحة خلال الانتخابات المقبلة بانتزاعها أكثر من 68 مقعدا فى الكنيست. وفى كل الأحوال، فإن نيتانياهو يواجه صراع الساعات الأخيرة التى ستحدد مستقبله ومستقبل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، هذه الساعات التى ستحسم الخيارات والسيناريوهات التى ستشهدها إسرائيل خلال الأيام القادمة.