هل يمكن القول بأن غياب عادل إمام عن شاشة رمضان هذا العام هو الذى فجر كل مشاعر الحب الفياضة نحوه بمناسبة عيد ميلاده التاسع والسبعين.. والجواب دون تردد نعم لأن الذى حدث هذا العام لم يحدث من قبل سواء عندما بلغ عادل إمام سن الستين أو عندما وصل إلى سن السبعين أو حتى عندما احتفل قبل سنوات قليلة مع أسرته وأقرب أصدقائه بالعيد الماسى لمولده لبلوغه سن الخامسة والسبعين. أريد أن أقول بعيدا عن عواطفى الشخصية كزميل وصديق لعادل إمام فى الدراسة وفى ساحة العمل العام لما يقرب من 60 عاما متصلة أن ما حدث فى الأيام الماضية هو استفتاء تلقائى على شعبية ومكانة عادل إمام فى نفوس المصريين والعرب من المحيط إلى الخليج وهذا الاستفتاء يمنحه لقب الزعيم عن جدارة بالتصويت الشعبى المباشر وبالتزكية شبه المطلقة له من جانب زملاء المسيرة ورفاق الطريق الذين ارتفعوا بشهاداتهم فوق أى حساسيات تفرضها الغيرة الفنية المبررة! وربما أسمح لنفسى بحكم المعايشة منذ سنوات الصعود والطموح الأولى أن أبدى رأيا حول سر هذه الشعبية الجارفة نحو عادل إمام أنه رغم كل ما تعرض له فى مسيرته من حملات ظالمة بدوافع فنية وأخرى سياسية فإنه تعامل مع مهنته منذ اللحظة الأولى كإنسان وفنان رأى فى نفسه موهبة ربانية وقدرة ذاتية على التعبير الصادق عن النماذج المتعددة للشخصية المصرية من قاع المجتمع وحتى قمة الهرم فيه مستهدفا دق أجراس التنبيه حول المشكلات والأزمات التى يعيشها الناس وإلباسها بحرفية ومهارة عالية ثوب الكوميديا الراقية.. وأظن أن القريبين من عادل إمام يعرفون دوره المشارك فى السيناريو والحوار وأحيانا فى الإخراج من أجل أن تظهر الشخصية التى يجسدها بالصورة والخيال الذى يرسمه فى ذهنه لتحقيق ثنائية الإحساس عند المشاهد بالوجع والفرح فى آن واحد. والحقيقة أن عادل إمام لو لم يكن فنانا لأصبح سياسيا مرموقا شأنه فى ذلك شأن صديقنا المشترك فى سنوات الدراسة ورحلة الصعود والطموح المشترك فى ساحة العمل العام الفنان المبدع صلاح السعدنى حيث كنا نحن الثلاثة طلابا فى كلية الزراعة جامعة القاهرة نتنافس فى عدد الكتب السياسية التى نسعى لاستعارتها والتهام محتواها بأكثر مما كنا نهتم بالكتب الجامعية المقررة علينا. وأقول صراحة: إنه من حسن حظ عادل إمام ومن حسن حظنا أن الفن تغلب فى داخله على السياسة ومكنه من أن ينشئ أكبر مؤسسة فنية لصناعة البهجة فى النفوس. خير الكلام: فى مطلع الشباب تبهرنا الحياة ولا نراها وعندما نقترب من الشيخوخة نرى الحياة ونندم على ما فاتنا منها! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله