* د. سعاد عبد الغفار: الطب الشرعى يرفض تسلم أى حرز دون تأمين أو بياناته غير واضحة.. و«الفض» فى وجود مندوبنا * د. أمين مصطفى : العبث بالأحراز تضليل للعدالة وعقوبته 5 سنوات.. والاستيلاء على المال المنقول منها يصل إلى الحبس 25 عاما للموظف العام * مجدى البسيونى: استبدال الحرز «كارثة».. ونزع إبرة ضرب النار يحول السلاح إلى هيكل معدنى! * رفعت عبد الحميد: لا للاكتفاء بمجالس «التأديب» للمخالفين فى قضايا فك الأحراز فلابد من معاقبتهم جنائيا لعدم التزامهم بقرار النائب العام * أيمن فودة: فض الأحراز لابد أن يكون بحضور الفنى أو لجنة بها عضو فنى * العيب فى التحريز أمر "ضعيف إجرائيا" لا يبطل الأثر القانوني.. والتقارير المعملية "وجوبية وإلزامية".. والتقارير الفنية للاستدلال فقط! * مفاجأة: جرى العرف فى الإدارات التموينية على تحريز المضبوطات وتركها لدى أصحابها!! الحرز.. هو الشاهد الصامت فى أغلب القضايا إن لم يكن جميعها، ورغم أن أنواعه تختلف حسب كل قضية فإنه فى النهاية قادر على تغيير اتجاهها، وتوصيل صاحبه إلى باب البراءة، أو إلى أقصى درجات العقاب والزج به إلى الإعدام. وبين هذا وذاك تجد العديد من القضايا التى تتصدر فيها التقارير الفنية للأحراز المشاهد الأولي، فبين مواد مخدرة أو أسلحة أو ملابس أو أدوات مستخدمة فى ارتكاب الجرائم، أو غيرها من الأشياء نجد تعددا للأحراز التى تختلف فى طبيعتها سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، إلا أنها فى النهاية تبقى على حقيقة واحدة وهى كونها دليلا للإدانة أو البراءة. الواقعة التى فتحت هذا الملف إحالة ستة متهمين من العاملين بوزارة الصحة للمحاكمة التأديبية العاجلة، وذلك على خلفية فض أختام الأحراز المودعة على ذمة عدد من القضايا، وإعدامها رغم احتوائها على مواد مخدرة، وعدم حضور العضو الفنى مما حال دون التأكد من سلامة عملية الإعدام وتنفيذها على الوجه المطلوب وأثار شبهة الريبة والشك حيال التصرف بتلك الأحراز. بداية تشير الدكتورة سعاد عبد الغفار رئيس مصلحة الطب الشرعى وكبير الأطباء الشرعيين الى ان مصلحة الطب الشرعى ترفض أى عينة غير مختومة بالشمع الأحمر أو تكون محرزة بأختام غير واضحة أو غير مقروءة، والحرز لابد أن يكون عليه بيانات الحرز، وتكون مختومة بأحد أختام أعضاء الهيئة القضائية أو من ينوب عنهم عندما أحرز الختم، ويكون هناك سرية تامة فى التعامل مع الاحراز والتقارير الخاصة بها، وإذا رفضنا التسلم نذكر السبب، ويتم إرسال أسباب الرفض فى محضر رسمي، هذا فى كل الأحراز، ونحن نتعامل فى جميع القضايا الجنائية ولا نتهاون فى أى حرز مهما تكن بساطته ويتم هذا فى التحريز لكى يطمئن قلبنا، كما أن من حقنا أن نأخذه مؤمنا، ولابد أن نسلمه كذلك فى وجود ممثل لمصلحة الطب الشرعى عند فك الحرز، ويتم إثبات ذلك فى محضر رسمى والنتيجة تكون فى سرية تامة. * ختم الحرز بضوابط ويضيف الدكتور أيمن فودة كبير الأطباء الشرعيين السابق أن الحرز يكون مضبوطا على ذمة قضية، وختم الحرز يتم بضوابط مع من تعطيه الدولة سلطة الضبطية القضائية مثل النيابة أو الشرطة أو مهندس الحي أو فنى تحاليل أو أغذية أو الصحة، وعندما يتم التحفظ على عينة من محل كعلبة سلمون أو تونة أو مثل ذلك، لا يعتبروها فاسدة فيتحفظ على عينة ويختمها ببيان وكارت ويتم تشميعها بالشمع الأحمر، وإذا تم فض الأحراز لابد أن يكون بحضور الفنى أو لجنة بها عضو فني، فإذا حدث خلل يكون هناك تلاعب لفساد الحرز ويعتبر خائنا للأمانة وتصل العقوبة جنائية من 3 إلى 5 سنوات وعزل من الوظيفة، والعقوبة ليست إدارية فقط . * المواد المخدرة وبالنسبة لأحراز المواد المخدرة يبعثون كميات صغيرة تقدر بنحو 10 جرامات، حيث يتم وزن الكمية وتظل فى مخازن النيابة، والطب الشرعى يستهلك من 1إلي2 جرام والباقى فى فك الأختام وبعد فضها يتبقى جزء يتم التحفظ عليه، وبعد الحكم جنائيا نأخذ الأحراز ونعيدها للنيابة، أو تذهب لمركز الإعدام بالإسكندرية التابع لوزارة الداخلية، وله شق قضائى يتم بمعرفة لجنة مشكلة من الطب الشرعي. وأشهر أنواع الأحراز : سلاح أو مخدرات أو أغذية أو أدوات جرائم أو عصى أو حديد أو أى أداة لتنفيذ جريمة، ويتم ضبط الحرز على ذمة قضية بخلاف المواد المخدرة طبعا، وإذا كانت الأدوية غير مخدرة مثلا، فمن الممكن أن يكون صاحبها حارسا عليها وليس له الحق فى بيع الأدوية أو التعامل عليها، ولأن هذه المخالفات فى المواد المشروعة التى يتم تحريزها يمكن التصالح فيها. * استبدال الحرز كارثة أما اللواء مجدى البسيونى مساعد وزير الداخلية السابق فيؤكد أن المخدرات كأحراز يتم وزنها ويأخذ جزء منها ويحرز بمفرده، وكذا أى حرز ويتم تحديد باقى الكمية، وإذا حدث تلاعب فى الحرز فهو لا يهدر القضية، ولكن الكارثة أن يتم استبدال الحرز بشيء آخر ويتم فكه للتلاعب، وهنا تباشر النيابة تحقيقها وتؤخذ عينة أخري، و لكن لو كان الحرز مفردا مثل سلاح نارى يذهب جميعه للمعمل الجنائى ويحدث التلاعب بإزالة «إبرة ضرب النار» فيصبح قطعة حديد ومجرد هيكل سلاح ناري، وهنا تكمن الخطورة فى الأشياء التى ليس لها أصل فى النيابة. ولكن إذا بحثنا عما هو الحل من وجهة نظري، فعندما يذهب أى حرز للطب الشرعى يتم تشكيل عدة لجان ثلاثية ورئيس الطب الشرعى يشكل لجنة فجأة، وألا يكون الفنى فى الطب الشرعى واحدا فقط أو معروفا أو لجنة وحيدة محددة، ويتم تشكيل لجان ثلاثية متعددة وعندما يفض الحرز تحدد احداها فى ذات الوقت، وفعلا يتم السيطرة عليه وقطع التلاعب وعندما تكون لجان ثلاثية ويوم فض الحرز يتم تحديدها. أما شكل الحرز فهو شيء متحفظ عليه لحين فحصه فنيا أو يتم الحكم قضائى نهائي، وهو مخدرات أو سلاح أو سموم وأى شيء أو مواد غذائية أو عملة أو أوراق تزييف أو تزوير وهو شيء مضبوط مطلوب فحصه فنيا، ويحرز ويتلف ويختم بالشمع الأحمر، ويختم بخاتم وكيل النيابة، ويوضع معه كارت عليه مواصفات الحرز، وهنا تأتى أول خطوة فى فك الحرز، حيث يتأكد الفنى تماما من سلامة الأختام ويثبت ذلك فى المحضر بأنه غير مزحزح أو سائب، وأخطر أنواع الأحراز المخدرات والسموم والأسلحة والحرز الأخير يوضع فى مخزن مضبوطات لحين البت فى القضية، وأى شيء غير مجرم يتم تسليمه لصاحبه، وإذا كانت مجرمة كالدجاج الفاسد أو المخدرات يتم إعدامها لأنها ضارة وإذا كانت غير ضارة، فمن الممكن أن يستردها صاحبها. ووكيل النيابة هو الذى يحدد أن استمرار وجودها «غير مؤذ» وبعد الحكم بمصادرة المضبوطات يتم بيعها بالمزاد قانونا أو يتم تسليمها لصاحبها بعد الحكم بعدم مصادرتها، وإذا كانت مخدرات ضارة يتم إعدامها، وإذا كانت مفيدة تسلم لشركة أدوية، أما السلاح فيصادر ويباع بالمزاد ويوضع ثمنه فى خزينة الدولة، وإذا كان دجاجا فاسدا - مثلا - يتم إعدامه وتشكيل لجنة من أجل الإعدام، وهنا من الممكن أن يحصل التلاعب، وإذا كان المصنع دون ترخيص مثلا والسلعة صحيحة وسليمة، يتم المعاقبة على الترخيص والتصرف فى السلعة وفق قرار النيابة. * الدليل المادى ويصف اللواء دكتور رفعت عبد الحميد خبير العلوم الجنائية ومسرح الجريمة أن الحرز المختوم بالشمع الأحمر بأنه الدليل المادى للإدانة أو البراءة ولابد أن يتم قبل التحريز عملية «توصيف» يتم خلالها إثبات محتويات الحرز فى محضر رسمى بمعرفة رجال الشرطة والنيابة، ويوضح نوعية دليل الإدانة الواجب تحريزه والمحافظة عليه كما هو وقت ارتكاب الجريمة، وبعد تحرير المحضر الرسمى يتم وضعه داخل وعاء أو علبة ويتم لفها فى أكثر من اتجاه بالشمع الأحمر لمنع التلاعب أو الاستغلال أو اتلاف الحرز أو انقاصه، وخاصة الأحراز الدقيقة والمواد المخدرة والذهب والمجوهرات المسروقة والأسلحة والذخائر، وهناك أحراز مثل الملابس سواء ارتداها المتهمون أو المجنى عليهم، وهناك أحراز مثل أدوات الجريمة كسلاح نارى أو سكين أو عصا أو مطواة أو ما شابه ذلك، وهناك أحراز صغيرة للغاية توضع فى خزينة الشرطة أو النيابة العامة مثل المخدرات متوسطة الأوزان والهيروين أو المجوهرات، وغير مسموح بتداولها إلا بمعرفة النيابة العامة وترسل إلى محكمة الجنايات، وهناك أحراز ورقية مثل المستندات الرسمية المزورة أو أختام شعار الجمهورية أو شهادات التخرج أو نظيرتها من المضبوطات، أما الأحراز ذات الأحجام الكبيرة فلا تحرز ويعين عليها حراسات مثل الشاحنات وسيارات النقل وغيرها. وأوضح أن حدوث عيب فى التحريز لا يعطل الفائدة من الحرز، طالما أن محتويات الحرز كاملة - كما هو ثابت وموصوف فى محضر الضبط - أما إذا حدث تغيير أو اتلاف أو إنقاص فيتحمله آخر من حرزه، أو كان تحت حراسته وولايته مثل مخازن المخدرات ومخازن الإعدام للمواد المخدرة أو الأقراص أو المخدرات الكيميائية وكل منها له طريقة مختلفة للإعدام. إجراءات محددة وقد أقرت التعليمات الفنية للنيابة العامة حول كيفية حدوث التحريز ونظمت - شكلا وموضوعا طريقة اختيار أعضاء اللجنة المشكلة للإعدام، فهو ليس إعداما ماديا فقط، ولكن بإجراءات محددة بشرط حضور كل أعضاء اللجنة المشكلة بمعرفة النيابة العامة، ومنهم الخبير الفنى المختص، مثل خبراء الطب الشرعي، والمعمل الجنائى أو أى خبراء من جهة تعتمدها الدولة، ولا يجوز تكليف جهات خاصة بعملية التنفيذ، حيث يبدأ تنفيذ أعمال اللجنة بمحضر إجراءات بعد تمام حضورها وإثبات حضور كل منهم ببطاقته الشخصية وكارنيه ممارسته المهنة ولا يجوز أن يكون موظفا بالمعاش، أو فى إجازة رسمية، أى أنه لابد أن يكون على رأس العمل وتقوم اللجنة بما فيها العضو الفنى بحصر الأحراز وعدها، والتأكد من سلامة أختامها ومحتوياتها نوعا ووزنا كما هو ثابت بمحضر ضبط الواقعة، وتقليل وزن الحرز لا يعيبه ولا يبطله ولكن تقليل الوزن أمر «ضعيف إجرائيا» ولا يعيب القضية، وبعد المطابقة على محضر الضبط والتتميم بالعضو الفني، يتم الإعدام إنفاذا لقرار النيابة العامة والقضاء ويحدد مكان الإعدام وهل هو مسموح به من عدمه، ولا بد ألا نكتفى للمخالفين بمجالس «التأديب» فى قضايا فك الأحراز بالمخالفة، ولابد من معاقبتهم جنائيا وليس تأديبيا لعدم التزامهم بقرار النائب العام، ففى واقعة وزارة الصحة يمكن للمتهمين الطعن فى الجنايات لبطلان الضبط لانعدام وجود العنصر الفني، والادعاء أن الأحراز لا تخصهم ولذلك لابد من معاقبة المخالفين منعا لتكرار الواقعة. وقال إنه جرى العرف فى الإدارات التموينية - مثلا - بأن يتم التحريز وتركه عند أصحابه! * وجوبية وإلزامية ويضيف اللواء رفعت أنه سواء كان التقرير الفنى المعملى من معامل الطب الشرعى أو معامل الداخلية أو معامل وزارة الصحة، فالتقارير المعملية فى مواد المخدرات وجوبية وإلزامية يأخد بها القاضى فورا دون مناقشات كدليل إدانة للمتهمين، طالما تستند إلى نظريات علمية راسخة ومستقرة وتأخذ بذلك جميع دول العالم، أما التقارير الفنية الأخرى فمن الممكن الأخذ بها أو لا، أو الأخذ بجزء منها، وهنا يلزم استدعاء العضو الفنى مع جميع أعضاء اللجنة وامتثالهم أمام النيابة العامة والقضاء لتوجيه تهمة إعدامهم مضبوطات بطريقة غير مشروعة إذا حدثت مخالفة بعدم وجود عضو فنى أثناء الإعدام. * التكييف القانونى والعقوبة ويشرح الدكتور أمين مصطفى محمد أستاذ القانون الجنائي بجامعة الإسكندرية وعميد حقوق الإسكندرية أن المادة 56 من قانون الإجراءات الجنائية تلزم مأمور الضبط القضائى بتحريز كل الأشياء والأوراق التى تفيد فى كشف الحقيقة أو تكون أداة الجريمة أو محل الجريمة، ويقوم بتحريزها وختمها بختمه ووصفها وصفا دقيقا والتوقيع عليها وتقديمها للنيابة العامة، ومن الممكن أن تكون هذه الأشياء مخدرات أو أسلحة أو أوراقا مزورة أو نقوداً مزيفة، ويتم تحريزها من مأمور الضبط القضائى وختمها وعرضها على النيابة العامة، وعندما تعرض على النيابة فيجب عليها - طبقا للمادة 57 من قانون الإجراءات التى تفض الحرز فى حضور المتهم أو وكيله- أن تقوم بعد ذلك بإعادة غلق الحرز وختمه بختم النيابة وإرفاقه بالأوراق، وهذا الحرز من الممكن أن يكون أوراقاً أو أشياء بكميات كبيرة أو صغيرة أو حتى أجهزة وترفق بالملف أو توضع فى خزينة المحكمة أو مخزن النيابة، والأصل أن تبقى الأحراز، ويتم ضمها لملف القضية والإحالة للمحكمة التى سوف تحاكم المتهم والمحكمة بدورها تقوم بفك الأحراز فى حضور المتهم أو وكيله وإعادة التحريز مرة أخري.وفى أى مرحلة موجود فيها الحرز وصادف أن عبث أحدهم بالحرز لابد من معرفة الهدف من المساس بالحرز، فهل هو الاستيلاء عليه من قبل المسئول عن الحرز حينها - مثل أمين المخزن أو الكاتب - فإذا عبث أحدهما واستولى على الحرز يعتبر جريمة »اختلاس مال عام« لأنه تسلمه باعتباره »موظف عام« والعقوبة هنا تصل للسجن المؤبد وخاصة الأحراز غير المشروعة فى ذاتها وكذلك المشروعة، وهناك فرق بين فض الأحراز وفض الأختام على المحلات مثلا - وفض الشمع الأحمر، فعقوبتها الحبس مدة أقصاها 6 اشهر وهنا لابد من التمييز بين أمرين : فالحرز فى ذاته أصبح مالا منقولا يخص جهة حكومية، أى »مال عام«، أما فى المحال التجارية فإذا عبث بالحرز التالف يكون تضليلا للعدالة، وتصل العقوبة للسجن 5 سنوات لانه عبث بالأدلة. الأحراز مهمة فى اثبات البراءة