من كمال عقل النبى صلى الله عليه وسلم، سرعة إقامة الحجة على المعارضين وقطع شغبهم وجدالهم بالباطل، فلا يستطيعون مجاراته أو مكابرته، بل لا يسعهم إلا الإذعان والتسليم، ومن صور ذلك كما يقول الدكتور عبدالستار عبدالغفار رئيس قسم الحديث بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر ما جاء عن أبى أمامة رضى الله عنه قال: إن فتى شابا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لى بالزنا!! فأقبل القوم عليه فزجروه، فقال صلى الله عليه وسلم: ادنه، فدنا منه قريبا. فقال صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأمك؟ قال: لا! والله، جعلنى الله فداك فقال صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم :أفتحبه لابنتك؟ قال: لا!، والله يا رسول الله، جعلنى الله فداك. قال صلى الله عليه وسلم ولا الناس يحبونه لبناتهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلنى الله فداك، قال صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لأخواتهم ثم قال صلى الله عليه وسلم: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلنى الله فداك. قال صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لعماتهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلنى الله فداك. قال صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. فالنبى صلى الله عليه وسلم لم يغضب ولم يثر وإنما كلمه كلاما سهلا، أقنعه إقناعا تاما، وردد وكرر، حتى قبح هذا الفعل فى نظره، فأبغضه وابتعد عنه، ولم يقف عند حد الإقناع، وإنما دعا له - وهو مستجاب الدعوة - فاقتنع الرجل، وهداه الله، وهذا من كمال العقل.