التسريبات المنسوبة إلى الإدارة الأمريكية عن صفقة القرن تلقفتها معظم وسائل الإعلام وتناولتها بالتحقيق والتحليل برغم أنها لا تزال مجرد تسريبات أو على الأدق تخمينات - كما وصفها كثيرون - وبالونات اختبار لجس مدى تقبل الرأى العام العربى والفلسطينى للبنود المطروحة فى صورة تسريبات إعلامية، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تتعاط معها ولم تتورط فى الرد أو التعقيب. وكانت منظمة التحرير الفلسطينية قد أكدت مرارا أن الولاياتالمتحدة لم تقم بعرض أى خطط للتسوية على الفلسطينيين، وأنها تطالب الاتحاد الأوروبى بالتمسك بحل الدولتين كخيار أحادى لا يستطيع أى مفاوض فلسطينى تجاوزه، كما طالبت منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعى للفلسطينيين فى الداخل والخارج بعقد مؤتمر دولى للسلام تحت رعاية الأممالمتحدة تشارك فيه الدول الأعضاء الدائمة فى مجلس الأمن، وبهذه المطالبة تسعى منظمة التحرير إلى تحييد ترامب والإدارة الأمريكية بالنسبة للقضية، وبرغم أن تحقيق الطلب الفلسطينى مستبعد لأنه يحتاج إلى إرادة دولية تواجه طموح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وهذه الإرادة لا يتوافر لها المناخ المناسب ولكن الفلسطينيين يستخدمون الأسلحة الناعمة المتاحة لديهم فى تعرية الموقف الأمريكى المنحاز فى الوقت الذى تدور فيه آلة الموت الإسرائيلية على قطاع غزة منذ مطلع شهر رمضان. حماية دولية ومع ضراوة الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة المنكوب أصدرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بيانا صحفيا نددت فيه بالاعتداءات الإسرائيلية على القطاع واستهداف الرضع والنساء وتدمير المنازل والمؤسسات العامة، وطالبت منظمة التحرير المجتمع الدولى بتبنى فكرة توفير حماية دولية للشعب الفلسطينى وعقد مؤتمر دولى للسلام تحت مظلة الأممالمتحدة، وأكدت أنه وفى ضوء الانحياز الأمريكى للاحتلال الإسرائيلى فإن الولاياتالمتحدة لم تعد مؤهلة لتلعب دور الوسيط النزيه، وعليه فلابد من عقد مؤتمر دولى تحت مظلة الأممالمتحدة وتوسيع دائرة المشاركة إلى جانب مشاركة الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن. وبينت أن هذا التصعيد يتزامن مع تكثيف النشاط الاستيطانى والاستعمارى فى الضفة واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى والقدس، وتدمير منازل المواطنين بذرائع مختلفة. وأن حكومة الاحتلال لا تحترم القوانين والمواثيق الدولية، وفى مقدمتها اتفاقيات جنيف الأربع، التى تؤكد حماية المدنيين، ولم تحترم أيضا اتفاقات التهدئة المتكررة التى وافقت عليها لوقف العنف والأعمال العسكرية بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة. ويمكن القول إن تخوفات منظمة التحرير الفلسطينية من الولاياتالمتحدة وإدارة ترامب فى محلها وما يحاك بليل من تحت المائدة ودفع به الإعلام العبرى على سبيل التكهنات أو التسريبات يقضى على البقية الباقية من القضية الفلسطينية، ومن يقول إنه لا جدوى من بيانات منظمة التحرير فهو مخطئ لأن هذه البيانات التى تعلن الرفض للاحتلال وتشرح للعالم غطرسة القوة التى تمارسها إسرائيل والولاياتالمتحدة أبقت شعلة القضية واكتسبت يوما بعد يوم مؤيدين ومتعاطفين وإجماع برلمانات العالم على الحق الفلسطينى. تأليب ضد الولاياتالمتحدة إذا كان الطرف الفلسطينى لا يملك سلاح القوة الذى يستطيع التصدى به للدفاع عن حقوقه، فلديه سلاح الكلمة والحق والشرعية وقيادة حملة دبلوماسية تشرح لدول العالم غطرسة القوة الأمريكية والعسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين والعزل فقد طالب السفير الفلسطينى لدى الأممالمتحدة رياض منصور الاتحاد الأوروبى بتولى مسئولية الدفاع عن حل الدولتين، إذا ما تجاهلت خطة السلام الأمريكية المرتقبة إقامة الدولة الفلسطينية. وقال منصور فى مؤتمر صحفى فى بروكسل إنه حض المسئولين الأوروبيين على أخذ المبادرة ومنع الولاياتالمتحدة من أن تكون اللاعب الأبرز فى عملية السلام فى الشرق الأوسط، وحث الاتحاد الأوروبى على الدعوة لمؤتمر دولى يؤكد الإجماع العالمى على حل الدولتين للنزاع الفلسطينى الإسرائيلى، ولم يتوقف السفير الفلسطينى عند هذا الحد بل طالب روسيا بتعزيز نشاطها الدبلوماسى فى الشرق الأوسط، وأن تعمل الدبلوماسية الفلسطينية على جميع المسارات مع كل دول العالم لتعرية بشاعة الاحتلال من جهة وفضح ممارسات ترامب والإدارة الأمريكية من جهة ثانية.