هو العلامة الإمام حسن بن محمد بن محمود العطار الأزهري، شيخ الجامع الأزهر فى القرن التاسع عشر الميلادي، واسطة العقد بين المثقفين الأزهريين فى عصره. ولد حسن العطار فى القاهرة عام 1190ه 1776م، وإن كانت بعض المراجع تُرجِّحُ أن ولادته كانت بعد هذا التاريخ بعامين، وكانت وفاته عام 1250ه = 1835م. يشير الشيخ أحمد ربيع الأزهرى من علماء الأزهر والأوقاف إلى أن الشيخ العطار ينحدر من أصل مغربي، وكان والده عطاراً فقيراً يرغب فى أن يعمل فى حانوته، ولكن الصبى كان حاد الذكاء شغوفاً بالعلم، فحفظ القرآن الكريم، والتحق بالجامع الأزهر، وانكب على العلم والتعلم، حتى عُدَّ من نابغى عصره، وشيوخ الأزهر العظام، وقد تولى الشيخ حسن العطار مشيخة الأزهر عام 1246ه = 1830م، وظل فى هذا المنصب حتى وفاته. امتاز حسن العطار بقراءاته الواسعة العميقة للكتب العربية والمعربة فى زمانه، وكان يطرز الكتب التى يقرؤها بهوامشه وتعليقاته، وقاد العطار العقل الجمعى ليس فى الأزهر وحده ولكن فى مصر كلها نحو النهوض، فيقول قولته الشهيرة: “ إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها ، ويتجدد بها من العلوم والمعارف ما ليس فيها”. ف” العلامة العطار – رحمه الله تعالى – كان مدركاً لزمانه، قائماً بواجب الوقت، مستوعباً للأحداث على نحو يمكنه من أن يكون فاعلاً، ومؤثراَ، ومحركا لها، وكان مما يؤرق بال الشيخ العطار ما كان يراه من تخلف فكري، وركود عقلى فى أوساط العلماء الذين وقفوا مقلدين غير مجددين، ومن أجل ذلك تجده يدعو إلى تغيير هذه العقلية، حتى تكون قادرة على النهوض من حضيض التخلف الذى تعانيه الأمة فى شتى الميادين... وكانت جملة إصلاحاته تتجه نحو إصلاح الفكر، وذلك لاقتناعه بأنه بدون إصلاح الفكر لن يكون هناك أمل فى التقدم، لذلك فإنه يُعَدُّ من الرَّواد الأوائل الذين اتجهوا نحو إصلاح التعليم فى الأزهر، وقد وضع بذرة الإصلاح الثقافى فى مصر كلها لتتعهدها الأجيال بالرعاية من بعده حتى تؤتى ثمارها، ويكفى أن نعلم أنه ممن أشار على محمد على باشا لإرسال البعثات للتعلم فى الغرب ووجه تلميذه «رفاعة الطهطاوي» بتسجيل كل ما يراه فى فرنسا وكذا فعل مع تلميذه «عياد الطنطاوي» عندما وجه إلى روسيا فالعطار يؤمن بالتفاعل مع الآخر، والاستفادة من تجاربه، حتى أنك تجده مع بغضه للاحتلال الفرنسى لبلاده لم يقصر فى الاتصال بعلمائهم و البحث فى سر نهضتهم وقوتهم، فعرف من سر نهضتهم ما لم يعرفه غيره، واطلع على بعض علومهم، وشاهد بعض ابتكاراتهم العلمية والصناعية، وأبدى إعجابه بها ، وتمنى أن تكون لبلاده مثل هذه النهضة، ما أحوجنا أن نجعل من العطار أيقونة للنهضة فى بلادنا ونموذجا للتجسير الحضارى بين الشعوب عسى أن نعود بأمتنا وبلادنا إلى ركب الحضارة والمعارف والعلوم . يقول الدكتور أحمد على طه ريان عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: (أحب أهل مكة الشيخ العطار وطلبوا منه الإقامة بينهم بعد وفاة ابن حجر الهيثمى حتى ينتفعوا به، ولكن الطلاب فى الجامع الأزهر أعلنوا أنهم سيتركون الدراسة إذا لم يحضر الشيخ إلى الأزهر، فاستجاب وحضر واستأنف مسيرته العلمية حتى وافاه الأجل 1250ه.