عنى الإسلام بتقوية الأواصر بين أفراد المجتمع حتى تسود بينهم المحبة والتعاطف والتعاون التى تعتبر ركيزة أساسية من ركائز الأمن والاستقرار ودعامة من دعائم السلام والتضامن الاجتماعي. والإحسان إلى الجار خلق من الأخلاق الإنسانية التى تميز بها الإسلام. ولقد ورد الأمر الإلهى بالإحسان إلى الجار فى قوله تعالي: «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب..»، كذلك دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا الخلق الرفيع فقال: «مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، كما قال: «خير الجيران عند الله خيرهم لجاره». وليس أدل على شدة اهتمام الإسلام بالإحسان إلى الجار من أن كثرة العبادة لا تغنى عنه، فقد روى أن رجلاً قال: يا رسول الله إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهى سيئة الخلق تؤذى جيرانها بلسانها، فقال عليه الصلاة والسلام: «لا خير فيها هى من أهل النار». كذلك بلغ اهتمام الإسلام بالإحسان إلى الجار أنه جعله مرتبطاً بالإيمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن» قيل من يا رسول الله؟ قال: «الذى لا يأمن الجار بوائقه» (أى شره أو غشه وظلمه). ولا يقتصر الإحسان إلى الجار على الجار المسلم، بل يمتد إليه ولو كان نصرانياً أو يهودياً والإحسان إلى الجار متعدد الجوانب، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حق الجار على الجار، فقال: «إن استقرضك أقرضته، وإن استعانك أعنته، وإن احتاج أعطيته، وإن مرض عدته، وإن افتقر عدت عليه، وإن أصابه خير هنيته، وإن أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات اتبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذيه بريح قدرك إلا أن تغرف له، وإن اشتريت فاكهة فاهد له، وإن لم تفعل فأدخلها سراً ولا تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده». وفوق ذلك دعا الإسلام إلى الصبر على إيذاء الجار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يحب الرجل له جار السوء يؤذيه فيصبر على أذاه ويحتسب حتى يكفيه الله بحياة أو موت».