الخطيب: الأهلي يسير بشكل مؤسسي متكامل.. ويقوم على التخطيط والانضباط    خالد العناني يزور معرض 50 سنة يسرا في مهرجان الجونة ويشيد برحلتها الفنية    كندا تبحث مع الصين حل الخلافات التجارية وتحسين العلاقات الثنائية    هيئة البث الإسرائيلية: جيش الاحتلال يعاني من نقص حاد في القوى البشرية    أمريكا تعتقل ناجين بعد غارة على سفينة يشتبه في نقلها مخدرات بالبحر الكاريبي    أخبار مصر اليوم| وزير الصحة يؤكد التزام مصر بتنفيذ «نداء القاهرة» لمكافحة سرطان الثدي.. وزير الخارجية يبحث هاتفيا مع رئيس الوزراء الفلسطيني ترتيبات مؤتمر إعادة إعمار غزة    باريس سان جيرمان بالقوة الضاربة أمام ستراسبورج بالدوري الفرنسي    مانشيني يقترب من العودة إلى البريميرليج ضمن قائمة المرشحين لتدريب مانشستر يونايتد    راشفورد: أستطيع بلوغ كامل إمكانياتي مع برشلونة    سقوط فتاة من عقار في العمرانية أثناء نشر الغسيل وإصابتها بكسور    مرشح يتقدم بطعن بعد استبعاده من الكشوف الانتخابية بالقليوبية    على هامش قمة عالمية في الصين.. رئيسة القومي للمرأة تلتقي نائبة الأمين العام للأمم المتحدة    مصر العظيمة.. أول مدير مصرى وعربى لمنظمة اليونسكو.. خالد العنانى يسعى إلى إطلاق "ميثاق مالى جديد ومتنوع وشفاف ومبتكر" يرتكز على مبدأ بدون موارد.. لا يمكن تشغيل الآلة!    انطلاق مهرجان تعامد الشمس بأسوان بمشاركة 8 فرق شعبية وحضور فودة وكمال    فوز ماريا كورينا بنوبل للسلام يعيد التساؤل: هل الجوائز العالمية مسيسة وأداة من أدوات النفوذ الغربي؟    استمرار أعمال التطوير بمستشفى دار الولادة بالإسكندرية    عاجل- وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثي ولكن إسرائيل رفضت رفضا قاطعا    الدويري: لم يكن هناك طلبا لحماس لدى إسرائيل إلا وأكد الوفد المصري عليه    اللواء بحرى أركان حرب أيمن عادل الدالى: هدفنا إعداد مقاتلين قادرين على حماية الوطن بثقة وكفاءة    الإثنين، آخر مهلة لسداد اشتراكات المحامين حاملي كارنيه 2022    في ذكرى ميلاده.. سُليمان عيد صانع البهجة والإبداع    محافظ الدقهلية: افتتاح مخبز المحافظة قريبًا لإنتاج الخبز المدعم و"الفينو" لتخفيف الأعباء عن المواطنين    مصطفى بكري عن سد النهضة: مصر لن تسمح بأي تهديد لمصالحها الوطنية    «الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    مقتل 8 مسلحين في عملية أمنية بإقليم خيبر بختونخوا الباكستاني    توفير وظائف للشباب وذوي الهمم .. حصاد «العمل» في إسبوع    الأرصاد الجوية: توقعات سقوط أمطار على بعض المناطق خلال الساعات القادمة    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    شبكة عالمية: محمد صلاح ضمن أفضل 5 صفقات في تاريخ الدوري الإنجليزي    ريم أحمد تكشف عن تحديات الأمومة في ستات ستات: ابنتي أقوى مني    وكيل المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثى    وزارة النقل تناشد المواطنين للمشاركة في توعية ركاب السكة الحديد من السلوكيات السلبية    قبرص: تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر والجهات الإقليمية الفاعلة أساسي لتعزيز السلام والأمن الإقليميين    بنزيما يقود تشكيل الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    تعاون بين الآثاريين العرب والسياحة.. رؤية جديدة لإحياء الإنسان والحجر    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. منصة "نت زيرو" توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    الخطيب: مشروع الاستاد حلم يقترب من التحقق.. ومؤسسة الأهلي للتنمية المجتمعية هدفها خدمة الوطن    لمدة 14 ساعة.. ضعف وانقطاع المياه غدًا السبت عن 3 مناطق بالإسكندرية    الصحة تنظم ورشة عمل تدريب مدربين لمسئولي التثقيف الصحي    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    شركة حدائق: تحويل حديقتي الحيوان والأورمان إلى نموذج عالمي للحدائق الذكية    منتخب مصر يتقدم والمغرب تتراجع.. «فيفا» يكشف التصنيف العالمي للمنتخبات    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    «الطفولة والأمومة» ينعي ضحايا حادث أسيوط ويؤكد متابعة الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الإعلام.. أزمة الأمة
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 05 - 2019

تعانى الصحافة المطبوعة أزمة تزداد عمقا وصعوبة كل يوم. أهم مظاهر الأزمة هو تناقص عدد قراء الصحف فى كل يوم جديد عن اليوم السابق عليه، ومع تراجع عدد القراء يتراجع اهتمام المعلنين بظهور إعلاناتهم على صفحات الجرائد والمجلات، وتتراجع عائدات الإعلان، وتدخل الصحف فى أزمة مالية تهدد بتوقفها. وبالفعل فقد توقف عديد الصحف فى بلاد كثيرة عن الصدور. أما فى بلادنا فإن الأزمة التى تواجه الصحافة المطبوعة لا تقتصر فقط على الصحف المملوكة للدولة, فالصحف الحزبية والخاصة، وحتى الصحف الإلكترونية، تواجه المتاعب المالية أيضا.
صمدت الصحافة المطبوعة أمام التحدى الذى أثاره فى وجهها التليفزيون، وسيلة الإعلام الأهم فى القرن العشرين؛ أما اليوم فإن الصحافة المطبوعة والتليفزيون يواجهان معا المأزق الذى وضعتهم فيه وسائل الإعلام الجديدة المعتمدة على الإنترنت. كان التليفزيون يقدم الأخبار وبرامج التسلية، فيتجمع الناس فى غرفة المعيشة حول شاشة التليفزيون لمشاهدة المحتوى الإعلامى بانتباه واهتمام, وكان القائمون على التليفزيون يبيعون هذا الاهتمام والانتباه لمعلنين مستعدين لدفع المال الكثير من أجل الوصول بمنتجاتهم للجمهور. كان البرنامج اليومى لحياة الملايين من البشر فى الماضى القريب يتمحور حول برامج التليفزيون. كانت أخبار التاسعة، وفيلم السهرة، والمسلسل اليومي، وبرامج المقابلات والمسابقات هى العلامات التى ينظم الناس من حولها أوقاتهم وبرنامج حياتهم اليومي، لكن هذا لم يعد قائما الآن, لم يعد الناس يتجمعون حول تليفزيون غرفة المعيشة. وبدلا من تلك الشاشة الواحدة أصبح فى كل منزل شاشات عديدة، بعضها فى شكل التليفزيون التقليدي، وأغلبها فى شكل أجهزة أخرى تقدم محتوى متنوعا من الأخبار والتسلية والأفلام والمسلسلات والبرامج والوثائقيات، لدرجة أن بعضا من أشهر المسلسلات والأفلام والوثائقيات التى يهتم بها المشاهدون الآن لم تعرض أبدا على شاشة أى تليفزيون.
الإعلام هو اتصال يتم بأعداد كبيرة من البشر عبر الجريدة أو التليفزيون, وقد ركزت دراسات الإعلام على الطابعين الاتصالى والجماهيرى لهذه العملية، التى عرفت بالاتصال الجماهيرى mass communication، أو الإعلام الجماهيرى mass media، وهو الاسم الذى تحمله أغلب أقسام ومعاهد دراسة الإعلام فى العالم. لقد تغير هذا الآن بعد أن تم تفتيت عملية الاتصال لتصبح اتصالا بأفراد مبعثرين، يستهلكون مواد إعلامية مختلفة فى الأوقات التى تناسبهم. لم يعد هناك جماهير بعد أن تم تفتيت الجمهرة الواسعة إلى عدد كبير من الجماهير الأقل عددا والأكثر تجانسا. فالأجيال الثلاثة التى تعيش تحت سقف البيت الواحد لم تعد تقرأ نفس الجريدة وتشاهد نفس البرنامج التليفزيوني، ولكن أصبح لكل فرد شاشته الخاصة، التى يقرأ ويشاهد عليها مادة مختلفة، يشاركه فيها أقران له فى نفس سنه ونوعه ومهنته من غير أفراد الأسرة, فضعفت الروابط بين أفراد الأسرة، بينما تكونت شبكات جديدة من مستهلكى مواد إعلامية متنوعة يجرى ترويجها على شبكة الإنترنت.
ذهبت الأمور خطوة أبعد عندما مكنت التكنولوجيا الآلاف من البشر من نشر مواد إعلامية يقومون بإنتاجها وتحريرها، فلم يعد الاتصال يتم من جانب واحد، هو جانب الإعلاميين المحترفين، فى اتجاه الجماهير الغفيرة من المستهلكين. لقد تم تفتيت عملية إنتاج المحتوى الإعلامى بين آلاف من الهيئات والأفراد، بعد أن تم تفتيت الطريقة التى يتم بها استهلاك المنتجات الإعلامية. لقد وفرت وسائل التواصل الاجتماعى المنصة المناسبة لتمكين الآلاف من المواطنين من إنتاج المحتوى الإعلامى الذى يروق لهم، حتى أصبح الكثير من الإعلاميين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعى كمصدر للأخبار، وهو ما تؤكده الدراسات، والتى تؤكد أيضا تراجع ثقة المواطنين فى وسائل الإعلام، وهذه مفارقة كبرى، حيث أدت مشاركة عدد أكبر من المواطنين فى إنتاج المحتوى الإعلامى إلى إضعاف ثقة المواطنين أنفسهم فى وسائل الإعلام.
المؤكد هو أنك تستطيع أن تجد على شبكة الإنترنت تنوعا كبيرا فى الآراء لم يسبق لوسائل الإعلام التقليدية أن قدمته فى أى لحظة فى تاريخها. المؤكد أيضا هو أن كثيرا من الآراء المنشورة على الإنترنت تبالغ فى التحيز والتطرف، خاصة أن التطرف وأساليب التعبير الزاعقة هى الطريقة الأكثر فعالية للفوز فى خضم معركة لفت الانتباه الجارية بين الأصوات الكثيرة المتداخلة على شبكة الإنترنت. المؤكد أيضا هو أن نسبة كبيرة مما يتم نشره على شبكة الإنترنت ينطوى على أخبار كاذبة، وأن التحيز الذى يميز تصرفات الأفراد على الشبكة يجعلهم أكثر استعدادا لتصديق وترويج الأخبار الكاذبة، حتى إن دراسة مهمة بينت أن الأخبار الكاذبة يتم إعادة بثها على تطبيق تويتر بنسبة 70% أكثر من الأخبار الصحيحة, أسهمت وسائل الإعلام فى نهضة الدول وبناء الأمم، وعندما يدخل الإعلام فى أزمة فإن الأزمة تطول الدولة والأمة أيضا. لقد ظهرت القوميات والأمم والدول القومية فى القرن التاسع عشر بفضل وسائل الإعلام، التى سمحت بالتواصل بين ملايين البشر الذين لا يعرفون بعضهم، فمكنت أهالى بلدة صغيرة فى أقصى جنوب الوادى بالتعاطف والتماهى مع سكان مدينة كوزموبوليتانية على ساحل المتوسط، باعتبارنا جميعا مصريين. لقد وحدت وسائل الإعلام هذه الجماعات الصغيرة المتناثرة، أما اليوم فإن وسائل التواصل الاجتماعى والإنترنت تدفع فى اتجاه تفتيت ما استغرق بناؤه قرنين من الزمان.
من الخطأ اختزال أزمة الإعلام فى أزمة أدوات اعتادت النظم الحاكمة استخدامها للدفاع عن بقائها. لقد تعرض الإعلام لاستنزاف المصداقية والمهنية بسبب الإفراط فى استخدامه للدفاع عن الأنظمة، حتى وصلنا إلى وضع تواجه فيه الصحافة المطبوعة والمرئية تحديات وجودية. المشكلة هى أنه مع كل إضعاف لوسائل الإعلام فإن الدولة والأمة تواجه المزيد من التحديات. فالأمة والدولة فى بلادنا لم تنضج بعد إلى حد الاستغناء عن مساعدة الإعلام, ويبقى السؤال عن الطريقة التى يمكن بها استعادة الحيوية والمصداقية للإعلام فى ظل فيضان وسائل التواصل الذى لا يمكن إيقافه.
لمزيد من مقالات د. جمال عبد الجواد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.