نحن نتحدث عن الناس الذين لديهم تحت غطاء الدين مشروع سياسى وعن مشروع الإسلام السياسى الذى يسعى إلى الانفصال عن جمهوريتنا.. وفى هذه النقطة تحديدا طلبت من الحكومة ألا تبدى أى تهاون. الكلمات السابقة لم تصدر من زعيم عربى يحارب جماعة الإخوان ,أو من رئيس مسلم يواجه جماعات متطرفة .. ولكنها صدرت من دولة تعد واحدة من أم الديمقراطيات فى العالم ,وعلى لسان الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون الذى تحدث بلهجة حادة وحاسمة فى مؤتمر صحفى يوم الخميس الماضى حين أكد أن الإسلام السياسى يمثل تهديداً لبلاده ويسعى للانعزال عن الجمهورية الفرنسية ,ودافع بشدة عن العلمانية مشيراً إلى أنه يتحدث عن طائفية قائمة فى بعض أحياء من الجمهورية .. وعن الانفصال عن المجتمع الذى ترسخ فى بعض الأحيان لأن الجمهورية لم تف بوعودها. لقد تعهد ماكرون خلال تصريحاته الحازمة التى لم تخل من قلق على مستقبل بلاده بإغلاق المدارس والمؤسسات الثقافية التى لا تحترم قوانين الجمهورية .. ولكن السؤال المهم الذى يفرض نفسه الآن هو : هل تقتصر تهديدات ماكرون على الجماعات المتطرفة فقط أم تنال من الجالية الإسلامية كلها فى فرنسا والتى يقدر عددها بأكثر من خمسة ملايين من مجموع سكان فرنسا الذى يناهز ال 67 مليون نسمة؟ وهل ستغذى تلك التصريحات من ظاهرة الإسلاموفوبيا التى تنتشر فى كل أنحاء أوروبا وأمريكا؟ الحقيقة أن ماكرون اختار عباراته بدقة وعناية, ووجه انتقاداته فقط للمتطرفين الذين يستخدمون الدين لأغراض سياسية وليس المسلمين العاديين.. وبالرغم من ذلك فإننا لا نستبعد أن يستغل المغرضون وأصحاب الفكر اليمينى الغربى هذه التصريحات للخلط بين إتباع الديانة والمتطرفين المسلمين الذين يحرفون النصوص ويفسرون الدين على هواهم .. خاصة مع ارتفاع الصيحات الهجائية التى تطالب بطرد المسلمين المهاجرين وعودتهم إلى ديارهم وتعمد نشر العبارات المؤذية والمعادية لهم على جدران المساجد والمدارس والمنشآت .. وهو الأمر الذى يحتاج إلى متابعة وحكمة وحنكة عند تنفيذ تصريحات ماكرون . لمزيد من مقالات مسعود الحناوى