بالأمل والصبر ومساندة الزوج استطاعت نبيلة أن تجتاز محنة اصابتها بسرطان الثدي ومع مرور 25 عاماً على هذه التجربة سجلتها فى كتاب اختارت له عنواناً معبراً هو"جرح فى صدرى". لتؤكد أن هذا المرض مهما وصف بأنه خبيث فهو مجرد جرح يلتئم ولا يبقي له أثر, ولكنه يتحول الي ذكري نستفيد ونتعلم منها وهكذا آثرت أن تقرأه كل سيدة تمر بنفس التجربة حتي تعبرها وتنتصر علي المرض بالأمل والصبر أيضا. صاحبة التجربة هي السيدة نبيلة علام المسئولة السابقة بمكتب مدير منظمة الصحة العالمية وتروي تجربتها للمشاركات في الدورة التدريبية التي يعقدها حاليا مركز سوزان مبارك الاقليمي لصحة وتنمية المرأة بالاسكندرية بهدف مساندة مريضات السرطان وتوعيتهن بطرق التشخيص والعلاج والمتابعة, وتستمر الدورة حتي يوليو المقبل, وخلالها يهدي مركز سوزان مبارك نسخا من الكتاب للمريضات ليكتشفن أنه بارقة أمل في اتمام الشفاء واجتياز هذه المرحلة. الدورة التدريبية بدأت في فبراير الماضي بمساندة من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية ومعهد التعليم الدولي ومبادرة سوزان كومن أجل الشفاء. وحول تجربتها مع المرض ورحلتها مع العلاج تقول نبيلة علام إنها اكتشفت بالصدفة شيئا صلبا بحجم اللوزة في صدرها فسارعت باستشارة جراح لم يستغرق فحصه وقتا طويلا ليخبرها بعدها أنه لابد من اجراء جراحة عاجلة خلال يومين لمعرفة نوع الورم وإذا كان خبيثا لابد من استئصال الثدي كله ثم يعاد تحليل حالة العقد الليمفاوية, فإذا كانت ايجابية تخضع لنوع آخر من العلاج الكيميائي أو الاشعاعي. وقالت كان زوجي خلال فترة مرضي دائما عنصر الدعم والمساندة لي ولم يبخل علي بالمال عند الضرورة.. كان يبدو هادئا متفهما للامور.. لم يحاول مطلقا التدخل في أي قرار اتخذته بشأن المرض لانه كان مقتنعا تماما بانها لحظة حاسمة في حياتي وان القرار يجب ان تتخذه صاحبة الشأن وكانت تصرفاته كلها طبيعية حتي انه رفض مرافقتي في غرفتي بالمستشفي وكان يتصرف بطريقة طبيعية جدا يستمع الي الموسيقي المفضلة لديه.. يأتيني بالمجلات المحببة لي.. لم يفقد أبدا روح الدعابة.. والحق ان هدوء اعصابه وتصرفاته التي تنم عن الحب والمودة والرحمة كان لها اثر كبير في تدعيم شعور الطمأنينة التي احتوتني منذ البداية.. اما أمي فكانت تردد دائما انني بخير. وعندما استعدت وعيي كاملا بعد العملية اخبرني زوجي وهو يحاول اخفاء مشاعره الحقيقية بأنه ورم خبيث وان كان في مراحله الاولي إلا ان الطبيب فضل ان يكون الاستئصال كاملا للثدي.. ورفض أن اتناول أية مقويات حتي امنح نفسي فرصة ليستعيد جسمي نفسه بنفسه.. وبعد ثلاثة أيام جاءت نتيجة التحليل تفيد بأن الغدد الليمفاوية سليمة.. حمدت الله ولكني لم اغفر لنفسي تلك الحصيلة البسيطة من المعلومات عن هذا المرض الذي يصيب امرأة من كل عشر نساء ولم أسامح نفسي علي جهلي بأهمية الكشف الذاتي الشهري الذي يساعد علي اكتشاف المرض في مراحله المبكرة ويجعله اكثر قابلية للشفاء مع علاج اقل تعقيدا واكثر نجاحا,وقبل مغادرة المستشفي نصحني طبيبي بضرورة اجراء كشف شهري لمدة عام يشارك فيه استاذ باطنة وجراحة,ولم اهمل هذه التعليمات بل انني كنت اقوم بجانب ذلك بفحص ذاتي للثدي السليم.. كما نصحني بعدم التنقل من طبيب لآخر لأن ذلك يؤدي لفقدان الثقة بالطبيب المعالج ويشتت الأفكار.. بعد ثمانية أشهر تكرر نفس السيناريو شيء صلب في آخر الجرح الملتئم.. اكد لي الجراح صحة شكوكي مؤكدا ان ذلك لا يثير أي قلق فهذا ما يطلقون عليه التناثر وأزال الجراح الورم مستخدما المخدر الموضعي ثم قام بتعريض المنطقة كلها للاشعاع كاجراء وقائي لمدة شهرين متتالين بعد مرور ثلاثة أسابيع من العملية ثم اضيف اليه برنامج للعلاج الكيميائي بشرط ان تثبت الفحوصات خلو الكبد ونخاع العظم من السرطان.. وبعد ظهور نتائج الفحوصات كان لابد أن أتبع علاجا وقائيا بالاشعة يستغرق خمس دقائق يوميا لمدة شهرين. الآن وبعد ربع قرن اشعر بأنني فزت بكل ما كنت اصبو اليه.. ولكن ذلك لم يجعلني انسي أهمية الفحص الذاتي الشهري ورغم ان غالبية اورام الثدي من النوع الحميد غير انه في كثير من الاحيان تكون بداية السرطان عبارة عن تغيرات بسيطة جدا في الثدي ككتله بسيطة.. او افرازات من الحلمة.. او تغير في الجلد.. ويستطيع الطبيب بالفحص او باستعمال الاشعة التشخيصية ان يكتشف الورم الخبيث في اولي مراحله. ولم ينس الطب ايضا مظهر المرأة بعد جراحة استئصال الثدي فلجأ الي جراحات تركيب الثدي الاصطناعي. وفي النهاية توجه نبيلة رجاء لعلماء اللغة بالبحث عن لفظ آخر يسمي به السرطان لأن هذه الكلمة لما تثيره من تشاؤم لا تمثل حقيقة المرض الذي اصبحت نسبة الشفاء منه كبيرة بفضل الله وحده.