* الفرنسيون يبكون تاريخهم .. وحكومتهم تدعو إلى مؤتمر دولى للمانحين لإعادة ترميم الكاتدرائية بعد 9 ساعات من التهام النيران لتاريخ أشهر كاتدرائية فى العالم وأهم معالم فرنسا، خاطر رجال الإطفاء بأرواحهم من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من آثار ومقتنيات كاتدرائية نوتردام «السيدة العذراء»، وصبوا المياه على الأطلال المحترقة للمعلم التاريخى الذى يقع فى قلب العاصمة باريس، ويعود تاريخ بنائها للعصور الوسطى بينما يحاول المحققون معرفة سبب الحريق. وتعد الكاتدرائية أرقى نماذج الطراز المعمارى لكاتدرائيات العصر القوطى فى فرنسا ويزورها أكثر من 13 مليون شخص سنويا. وقال مكتب المدعى العام فى باريس إنه بدأ تحقيقا بشأن الحريق، وأشارت عدة مصادر فى الشرطة إلى أنها تعمل حاليا بناء على افتراض أن الحريق حادث غير متعمد. ومن جانبه، قال لوران نونيز وزير الدولة بوزارة الداخلية الفرنسية إن هناك جيوبا من النيران لا تزال مشتعلة داخل المبني، وستكون هناك حاجة لإجراء فحوص شاملة لمتانة هيكل الكاتدرائية، مضيفا أن «الحريق تحت السيطرة لكن لم يتم إخماده بشكل كامل». وأشار نونيز إلى أن سبب الحريق الذى التهم كاتدرائية نوتردام لا يزال غير معلوم، وإن السلطات تواصل تحقيقاتها لمعرفة كيف اندلع الحريق. وظل المئات من رجال الإطفاء يكافحون الحريق لمدة 9 ساعات قبل أن يصبح تحت السيطرة وتمكنوا من إنقاذ برجى الجرس والجدران الخارجية للكاتدرائية، إلا أن السقف انهار، كما انهار برج الكاتدرائية الذى يعود تاريخه إلى ثمانية قرون. وأعلن متحدث باسم فرقة الإطفاء الفرنسية أنه تم بشكل كامل إطفاء الحريق الهائل الذى تسبب فى إلحاق أضرار جزئية بالكاتدرائية التاريخية فى باريس، وأضاف «سنستمر فى مراقبة أى جيوب متبقية للحريق وتبريد الأجزاء التى لا تزال ملتهبة، مثل الإطارات الخشبية». وأفادت فرق الإطفاء بأن الحريق «مرتبط على الأرجح» بورشة الترميم التى تشهدها الكاتدرائية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمى منذ 1991. وقد تمكن رجال الإطفاء من إنقاذ برجى الجرس الرئيسيين والجدران الخارجية من الانهيار قبل السيطرة على الحريق، وحاولوا إنقاذ الآثار الدينية والتحف الفنية التى لا تقدر بثمن، وأصيب أحد رجال الإطفاء بجروح خطيرة، وهى الإصابة البشرية الوحيدة التى وردت تقارير عنها. ومن جهتها، قالت آن هيدلاجو رئيسة بلدية باريس إن بعض التحف الفنية التى كانت فى الكاتدرائية تم نقلها إلى الخارج، ووضعها فى مخزن آمن، واقترحت عقد «مؤتمر دولى للمانحين» فى العاصمة الفرنسية بهدف إعادة بناء كاتدرائية نوتردام. ومن جانبه، قال الأسقف باتريك شوفيه كبير قساوسة كاتدرائية نوتردام إنه تم إنقاذ إكليل الشوك المصنوع من القصب والذهب ورداء يعتقد بأن الملك سان لويس ملك فرنسا فى القرن الثالث عشر ارتداه. وكان قد تم نقل التماثيل النحاسية التى تجسد الحواريين الاثنى عشر وكتاب الأناجيل الأربعة الأسبوع الماضى بواسطة رافعة فى إطار أعمال الترميم. وحاول الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون التقليل من خطورة الكارثة التى أصابت فرنسا والعالم بحالة من الصدمة والحزن، حيث تراجع عن إلقاء الخطاب الذى كان مقررا أن يوجهه إلى محتجى السترات الصفراء. وقال ماكرون الذى بدا متأثرا بشدة: «تفادينا الأسوأ، وإن كنّا لم ننتصر فى المعركة بعد»، وأشار إلى أن فرنسا ستطلق حملة لإعادة بناء الكاتدرائية، بما فى ذلك جهود لجمع التبرعات ومناشدة الموهوبين من أنحاء العالم للمساهمة. وأضاف: «سنعيد بناءها معا، ستكون بلا شك جزءا من المصير الفرنسى ومشروعنا للسنوات القادمة». وانتقل الرئيس الفرنسى إلى موقع الحريق مع زوجته بريجيت وبعض وزرائه، ووجه الشكر إلى خدمات الطوارئ ورجال الإطفاء. وقال وزير الثقافة فرانك رييستير لمحطة «سى نيوز» التليفزيونية «إنها رمز لبلدنا كان مهددا بالدمار»، وأضاف أن رجال الإطفاء الذين دخلوا الكاتدرائية المحترقة أنقذوا العديد من كنوزها، لكن بعض اللوحات لا تزال فى الداخل ومهددة بالتلف بسبب الدخان والمياه. وفى غضون ذلك، دعا رئيس أساقفة باريس جميع القساوسة فى المدينة إلى قرع الأجراس فى لفتة تضامن مع نوتردام. وشن اليمين الفرنسى هجوما على الحكومة، حيث وصف الحريق بأنها 11 سبتمبر الفرنسية، وصدرت بالفعل مناشدات لجمع تبرعات فى الولاياتالمتحدة لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام، بينما نقل عن الرئيس التنفيذى لمجموعة تجارية للسلع الفاخرة فى فرنسا قوله فى بيان نشرته وكالة الأنباء الفرنسية إنه سيتعهد بدفع 100 مليون يورو لجهود إعادة بناء الكاتدرائية، كما أعلن الملياردير برنار أرنو المساهم الرئيسى فى مجموعة تجارية أخرى تبرعه بمبلغ 200 مليون يورو. وأطلقت مؤسسة «فونداسيون دو باتريموان» الخيرية المعنية بحماية التراث الفرنسى حملة عالمية لجمع تبرعات لإعادة بناء الكاتدرائية، حيث من المرجح أن يتكلف ذلك مئات الملايين من اليورو. وأثار الحريق صدمة بين الفرنسيين، حيث تابع أبناء باريس والسياح مشهد احتراق الكاتدرائية بمزيج من الصدمة والحزن، نظرا لأن هذه الكاتدرائية الواقعة فى جزيرة إيل دو لا سيت فى نهر السين تعد معلما رئيسا ومزارها سياحيا مهما فى وسط العاصمة الفرنسية.