على مدى يومين احتضنت العاصمة اللبنانيةبيروت مؤتمرا دارت فيه مناقشات حول مستقبل الإعلام الرياضى العربى فى ضوء ثورة الإعلام الرقمي، وهو المؤتمر الذى أولته الأهمية الكبرى وزارة الشباب والرياضة اللبنانية بالتعاون مع إدارة الرياضة بجامعة الدول العربية، وبحثت معظم جلساته عن إجابة محددة، هل سيصمد الإعلام التقليدى وفى المقدمة منه الصحافة الورقية أمام طوفان الإعلام الجديد او الرقمي، وهل يمكن اعتبار وسائل التواصل الاجتماعى صحافة شعبية، وماهو المطلوب من الصحفيين لضمان استمرار مهمتهم ومواجهة موجات الغلق التى فرضت نفسها ليس على العالم العربى وحده وبالاخص لبنان التى اغلقت فيها صحيفتان عريقتان هما السفير والمستقبل، وإنما فى العالم كله هناك صحف اغلقت أبوابها؟. ومن حسن حظى ان الجلسة التى شرفت بادارتها وتحدث فيها الدكتور حمدى حسن استاذ الإعلام ونائب رئيس جامعة مصر الدولية والدكتورة أميرة الحسينى استاذة الإعلام فى الجامعة اللبنانية، تطرقت إلى هذه الأسئلة وتناولت التطور العالمى للاعلام ومدى تأثره بوسائل التواصل، وكيف للإعلام التقليدى ان يستمر ويتكامل مع الجديد, وعرجت فى البداية على اطلالة تاريخية ترصد بداية دخولنا عالم الويب الذى غزا حياتنا عام 1994 من خلال المدونات، ثم سرعان ماتطور الأمر وظهرت وسائل التواصل «الفيسبوك» 2004 و«تويتر» وغيرهما من المنصات الإعلامية التى جذبت جمهورا كبيرا. من هنا يلح السؤال على المراقبين:هل السوشيال ميديا مفيدة ام ضارة؟ ويمكن القول إن البداية كانت نخبوية ولم تكن للعامة وتطور الأمر اكثر بفعل ثورة المعلومات وعرف العالم الاعلام الجديد وتسيد مصطلح عصر المعلومات الساحة بفضل هذه التقنية السريعة والدقيقة، لتبدأ الحرب بين التقليدى الذى يخشى الاندثار والجديد الذى ينتشر بسرعة البرق، وهى حرب طبيعية حدثت قبل عشرات السنين عندما ظهر الراديو فخافت الصحف على توزيعها، من هنا ظهرت تعريفات للإعلام الجديد، فكان ان رآه البعض بديلا للتقليدى فيما رآه آخرون تطويرا للتقليدي، ولايزال الصراع قائما وبحدة، وأن انتصر الرأى القائم على تطوير القديم فهاهى الصحف بعضها تحول إلى مواقع إلكترونية والبعض الآخر اقتحم المجال وأنشأ مواقع إلكترونية، بعدما أكدت الاحصاءات أن عدد مستخدمى الانترنت فى العالم بلغ 3 مليارات شخص منهم ملياران مهتمون بالاعلام الاجتماعى السوشيال ميديا. وتوقف البعض أمام الاعلام الاجتماعى وبدأت الدراسات العلمية تبحث فى مميزاته وعيوبه، وتمثلت المميزات فى مجانيته التى جعلته متاحا للجميع وأنه قرب بين الشعوب ومنحهم فرصة للتعارف الانساني، لكن الوسيط الجديد لم يخل من العيوب التى اعتبرها البعض كارثية، مثل إتاحة المعلومات الشخصية والصور الخاصة لمستخدميها امام الجميع، وإهدار الوقت والتسبب فى تفكك الاسر التى انشغل كل فرد فيها بنفسه، كما انها باتت وسيلة لنشر الشائعات و المعلومات المضللة. وفى الندوة طلب الدكتور حمدى حسن من أسرة الإعلام الرياضى العربى ان يفخروا بأن مهنتهم كانت سباقة فى التخصص من بين فئات وفنون واقسام الصحافة فى العالم، فاول صحيفة متخصصة فى الرياضة صدرت قبل 220 عاما، وتوقف الدكتور حمدى حسن عند مفاتيح البقاء للصحف، مؤكدا انه عبر التاريخ لم تلغ وسيلة إعلامية وسيلة سبقتها، لكن على الصحف أن تجدد محتواها بما يتواكب مع حاجة المتلقى الآن فى ظل الثورة الرقمية، فهو يريد تفسيرا وتحليلا للخبر وليس الخبر نفسه وعلى الصحف ان تعرف امكاناتها وقدراتها ومصادر قوتها، مع تطوير الاخراج الصحفى والاعتماد على الجرافيك وكذلك الأرقام التى هى لغة العصر. اما الدكتورة أميرة الحسينى فأكدت وجود فارق جذرى بين الإعلام التقليدى والجديد، مطالبة التقليدى بالاهتمام بالتحليل والاستنتاج لمواجهة كمية المعلومات الهائلة التى لا يستطيع الإنسان العادى استيعابها. وعلى مدى جلسات المؤتمر الذى اداره بكفاءة الإعلامى اللبنانى حسن شرارة، خلصت المدخلات فى شأن الإعلام الرياضي، إلى أن الإعلام الجديد ممثلا فى وسائل التواصل الاجتماعى قدم فوائد جيدة للرياضة تمثلت فى الإسهام بقياس الرأى العام فى كل مايخص الشأن الرياضى والاستفتاءات الجماهيرية، وبات المعبر عن وجهة نظر الجمهور بدلا من المدرجات، ومنح الفرق الصغيرة قليلة الجماهيرية فرصة الوجود بين الكبار. لكن المؤتمر خلص أيضا إلى عدة سلبيات نتجت عن دخول العامة وعديمى التعليم وقليلى الثقافة، فحولت المشجعين الى محللين يوجهون انتقادات فنية للفرق واللاعبين، كما تسببت فى ازمات للحكام، و نشر الفتن والتعصب البغيض بين الأندية، لكل هذا باتت الدعوة الممكنة الآن تتمثل فى توعية الناس بما يجوز ولايجوز فى التعامل مع التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى نضمن استخداما نافعا يحقق الأهداف الايجابية. لمزيد من مقالات أشرف محمود