أخطر ما يواجه مهنة الصحافة اليوم، وقد تراجعت نسب توزيع كثير من صحفنا إلى أرقام مخزية، هو غياب المعلومات، لذا فليس من حق أحد أيا ما كان، حتى لو كان رئيس الهيئة الوطنية للإعلام نفسه، أن ينهال عليها بين حين وآخر لوما وتعنيفا، أو يفاجئنا مؤخرا بتلك اللائحة العجيبة من الجزاءات، التى تغل كثيرا من حرية الصحافة، فى وقت تترنح فيه المهنة على وقع ضربات عدة من كل اتجاه، حتى صارت فى الرمق الأخير، بينما كثير من المعنيين بهذه الصناعة الثقيلة، صاحبة التأثير والتاريخ العريق، يتابعون لحظات الاحتضار الصعبة، وهم يضعون أيديهم فى الماء البارد. نقول غياب المعلومات، لأن المجال لن يتسع فى تلك المساحة المحدودة، للحديث عن قانون الصحافة الجديد، أو لائحة الجزاءات التى تفتق عنها ذهن الهيئة الوطنية للصحافة والاعلام، أو حتى قانون نقابة الصحفيين الذى لا يزال يثير الجدل بين حين وآخر، ناهيك عن حزمة هائلة من المشاكل، تنتظر النقيب الجديد الزميل ضياء رشوان، وتنتشر مثل قنابل موقوتة بداية من مدخل النقابة، وحتى الممر المؤدى إلى مكتبه بالطابق الرابع، وهى مشكلات تتطلب جهودا جبارة لحلها، أو حتى للاشتباك معها على نحو يصون كرامة المهنة، وحقوق الصحفيين المهدرة. ويقرأ المرء بعض الإحصاءات التى صدرت فى السنوات الأخيرة، والمتعلقة بجانب صغير من تلك الازمة، فيدب اليأس فى قلبه، ويقول استاذنا الدكتور محمد شومان فى دراسة له حول تلك القضية الخطيرة، أن عدد النسخ الموزعة للصحف المصرية، محليا وخارجيا، انخفض فى عام 2016 إلى نحو ستة ملايين وخمسمائة الف نسخة، مقابل سبعة ملايين وخمسمائة الف نسخة تقريبا فى العام السابق عليه، والاحصائية رغم ارقامها الصادمة، تبعث على الأمل، اذا ما قورنت بتقديرات غير رسمية اخرى، تقول بأن معدل توزيع الصحف فى مصر، لم يعد يزيد على 300 ألف نسخة يوميا فى افضل الاحوال. الموضوع جد خطير، وقد سبق وأن دعوت فى غير مناسبة، إلى تنظيم مؤتمر موسع، تتولى نقابة الصحفيين التنسيق له، لمناقشة تلك الازمة، وتقديم قراءة دقيقة لأوضاع الصحافة فى مصر والمنطقة العربية بشكل عام، واهم المعوقات التى تواجه المهنة على كل المستويات، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وسبل الخروج من الأزمة، من خلال اوراق عمل، واستعراض بعض التجارب الاقليمية للتحول إلى الطبعات الالكترونية، مثل جريدة السفير اللبنانية، إلى جانب تجارب اخرى، ربطت بين الورقى والالكترونى باحترافية شديدة. إننى ادعو الزميل الأستاذ ضياء رشوان، إلى البدء فورا فى الترتيب لمثل هذا المؤتمر، ودعوة كافة الزملاء المعنيين بالقضية إلى تقديم أفكار باوراق عمل معتبرة، تتصدى لواحدة من أخطر وأهم الأزمات التى تواجه مهنة الصحافة فى القرن الجديد، عبر تشخيص صحيح لأسباب الأزمة، وصولا إلى حزمة من الإجراءات العاجلة المطلوب تنفيذها، والتعاطى معها بالجدية اللازمة، لإنقاذ مهنة فى مهب ريح عاتية. لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى