تواجه مهنة الصحافة فى السنوات الأخيرة، سلسلة من التحديات، لا تتوقف فحسب عند حدود الارتفاع المضطرد فى اسعار الورق والاحبار، وكلفة تجهيز الصحف، والانخفاض الملحوظ فى مجال الاعلانات، فى ظل عزوف الوكالات الاعلانية الكبري عن الاعلان فى الطبعات الورقية، والاتجاه نحو الاعلان الالكتروني، عبر مواقع ال سوشيال ميديا، على ما توفره الاخيرة من سرعة فى الانتشار، والوصول الى اكبر قطاع ممكن من المستهدفين في الحملات الاعلانية. ولعل قراءة سريعة لنسب التوزيع للمطبوعات المصرية المختلفة، خلال السنوات الاخيرة، وهي من الاسرار الكبرى التى تحتفظ بها المؤسسات، ولا تطلع عليها الا نفر قليل من مجالس اداراتها، فضلا عن المعنيين بشئون التحرير، تكشف الى حد كبير عمق الازمة التى تواجهها الصحافة المطبوعة، في ظل عزوف قطاع كبير من القراء عن متابعة الدوريات الورقية، والاكتفاء بما توفره المواقع الالكترونية بحضورها الطاغي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من معلومات واخبار، كثير منها ملفق او على الاقل يفتقد الدقة، وهو ما يفرض حزمة من التحديات يتعين مواجهتها بالشجاعة الكافية، لانقاذ مهنة في مواجهة عاصفة عاتية، قد تقتلع كثيرا من مؤسساتنا الصحفية من الجذور. لا توجد ارقام معلنة للحجم الحقيقي للازمة، لكن تقارير صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير بوضوح الى انخفاض معدل توزيع الصحف المطبوعة بنسب تصل الى 40% خلال السنوات الخمس الماضية، وهي النسب التى دفعت مدير توزيع احدي الجرائد اليومية الخاصة الى القول بأن الصحافة الورقية فى مصر، في طريقها إلى المقابر!. انني أدعو هنا مؤسسة «الاهرام» العريقة، ممثلة فى شخص رئيس مجلس ادارتها نقيب الصحفيين الاستاذ عبد المحسن سلامه، والصديق الاستاذ علاء ثابت رئيس التحرير، الى الدعوة لمؤتمر موسع، تتولي «الاهرام» بما تملكه من حضور في المشهد الصحفي العربي والاقليمي، التنسيق له بالاشتراك مع الهيئة الوطنية للصحافة، لمناقشة تلك الازمة، وأن يتم دعوة متخصصين وخبراء فى هذا المجال من مصر والمنطقة العربية، لتقديم قراءة دقيقة لاوضاع الصحافة في مصر والمنطقة العربية، واهم المعوقات التى تواجه المهنة على كل المستويات، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وسبل الخروج من الأزمة، من خلال اوراق عمل، واستعراض بعض التجارب الاقليمية للتحول الى الطبعات الالكترونية مثل جريدة السفير اللبنانية، الى جانب تجارب اخري، ربطت بين الورقي والالكتروني باحترافية شديدة. إن دعوة مؤسسة الاهرام لمثل هذا المؤتمر، بالتنسيق مع الهيئة الوطنية للصحافة، تنطلق بالاساس من دورها الرائد في الصحافة العربية، بهدف التصدي لواحدة من أخطر وأهم الأزمات التي تواجه مهنة الصحافة في القرن الجديد، عبر تشخيص صحيح لأسباب الأزمة، وصولا الى حزمة من الإجراءات العاجلة المطلوب تنفيذها، والتعاطي معها بالجدية اللازمة، لإنقاذ مهنة في مهب ريح عاتية.