لم تمر ذكرى رحيل عبدالحليم حافظ ال 42 فى 30 مارس دون أن تستلهم المناسبة جزءا من روحه وفنه الجميل، فقد احتفلت الأوبرا بذكراه بسلسلة من حفلات «العندليب الأسمر»؛ بهدف إحياء التراث الموسيقى العربى وتعريف الأجيال الجديدة والشباب بالموروث الفني، باعتباره جزءا أصيلا من تاريخ مصر الثقافى والحضارى والجسر الرابط بين الماضى والحاضر والمستقبل. أمس أقيمت أمسية رومانسية بقيادة المايسترو محمد الموجي، على المسرح الكبير، تضمنت باقة من أعمال الفنان الراحل، منها «بلاش عتاب، كنت فين، على حسب وداد قلبي، فاتت جنبنا، صدفة، دويتو احتار خيالي، بتلومونى ليه، حبيبها»، وقام بأدائها نجوم الفرقة الموسيقية «محمد شوقي، محمد متولي، حسام حسني، مى حسن وأحمد عفت»، وضمن سلسلة الحفلات يحيى الموسيقار عماد الشارونى ذكرى «حليم» اليوم على نفس المسرح، بمصاحبة الاوركسترا الخاص به الذى يجمع الآلات الشرقية والغربية حيث يقدم نخبة من اعماله التى اعيد توزيعها بشكل اوركسترالى جديد. من ناحية اخرى استقبل أفراد أسرة عبد الحليم محبى الفنان الراحل فى ذكراه أمام مقبرته بالبساتين، وطالب الموجودون بفتح منزل العندليب لزيارته كعادتهم، ولكن ابنة أخته اعتذرت بسبب مرضها وعدم قدرتها على تأمين المنزل خاصة أنه تم تكسير بعض الأغراض داخل المنزل فى العام الماضى بسبب التدافع قائلة: «السنة اللى فاتت معرفتش أسيطر على الوضع. كما أقامت لجنة تخليد ذكرى عبدالحليم حافظ سرادقا أمام مقبرته لاستقبال المحبين له، وردد البعض العديد من الأغانى له. لن يتسع المجال للحديث عن ظاهرة فنية بحجم «العندليب الأسمر»، بكل جوانبها، فهو لم يكن مطربًا عاديًا أو جيدًا أو عظيمًا، بقدر ما كان «ظاهرة غير عادية» فى الغناء ومجالات أخري، وفى كل مكان حول العالم ورغم رحيله إلا أن عبدالحليم مازال مصدرا للبحث عن أغانيه للاستماع إليها، وتصدر العندليب، مؤشرات محرك البحث «جوجل»، حيث أحيا جمهوره وعشاقه ذكراه عبر السوشيال ميديا، وأمس أصدرت السفارة الفرنسية فى القاهرة بيانا لها عبر صفحتها فى موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، فى ذكرى رحيل العندليب ال 42 والذى وصفته بأسطورة الأغنية المصرية والعربية وجاء فى البيان: «غادرنا عبدالحليم حافظ فى 30 مارس 1977، أى منذ 42 عاما، وفى هذه الذكري، توجه سفارة فرنسا فى القاهرة ثناءً خاصًا لهذا الفنان الذى يعد أسطورة الأغنية المصرية والعربية والذى قدم حفلًا فى باريس مع باليه دى كونجريه». وتابع البيان: «العندليب سحر وما زال يسحر أجيالًا من المستمعين المصريين والعرب بل وأيضًا الفرنسيين، فأغانيه الرومانسية الفريدة تظل مرجعًا لا غنى عنه فى موسوعة الغناء العربي». ويبقى حضور «العندليب» متوهجا فى الثقافة العربية ويظل يغرد ويحظى بحضور لافت على مستوى النخب ورجل الشارع المصري، بل والشارع العربى ككل من المحيط الى الخليج، وتبرهن ظاهرة الحضور المتوهج لعبدالحليم حافظ على أن «المبدع الحقيقى والفنان الملتزم بقضايا وطنه والمعبر» يبقى بعد رحيل جسده وإذ يتفق النقاد على أن «فنان الشعب سيد درويش» أنتج موسيقى مصرية عربية خالصة تنبع من مزاج مصرى خالص، وتعبرعن ثورة 1919 فى مئويتها هذا العام فهم يتفقون أيضا على أن عبدالحليم حافظ هو «ابن وصوت ثورة 23 يوليو 1952» الذى قدم عشرات الأغنيات الوطنية لتعبر عن كل الأحداث الكبرى فى تلك المرحلة وصولا لحرب السادس من أكتوبر 1973، فيشكل النموذج الأكثر وضوحا لعلاقة الفن بالوطن. ولد عبدالحليم حافظ فى 21 يونيو عام 1929 بقرية الحلوات بمحافظة الشرقية، هو رابع أشقائه، توفيت والدته عقب ولادته مباشرة إثر إصابتها بحمى النفاس أما والده فرحل قبل أن يكمل عامه الأول، ليصبح يتيم الأم والأب، وينتقل إلى العيش فى بيت خاله. درس فى المعهد العالى للموسيقي، وكتبت ثورة يوليو 1952 شهادة ميلاده الفنية، عانى بسبب إصابته بمرض البلهارسيا وتفاقم المرض منذ عام 1956 وحتى رحيله فى مثل هذا اليوم عام 1977، عن عمر يناهز 47 عامًا .. وكان وقد تعاون مع العديد من عباقرة التلحين، منهم «محمد الموجي، كمال الطويل، بليغ حمدى وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب»، وتوفى عبدالحليم حافظ بعد صراع مع المرض فى 30 مارس عام 1977، تاركا عددًا كبيرًا من الأغانى الرومانسية والوطنية والأدعية الدينية، التى مازالت ترددها أجيال اليوم من المطربين والمطربات، كما شارك فى بطولة 16 فيلمًا، حققت نجاحًا كبيرًا، وتحظى بإقبال كبير.