ربما لا تقع عليها عيناك وأنت تهم بالدخول إلى مسجد «الكشكية» فى شارع المعز، فجلوسها يكون دائما فى زاوية غير مرئية، ولكنها استراتيجية بالنسبة لها. فتجد وأنت تستعد لخلع حذائك فجأة يدا تمتد أمامك وتسمع صوتها قائلة : شىء لله. حفر الزمان على قسمات وجهها خطوطا عمر الواحد منها يقاس بأيام الشقاء. لكن هذه الخطوط على كل حال لا تنفى لمحات من الجمال تمتعت بها أم شعبان فى شبابها.. شبابها الذى أنجبت فيه ولدين وثلاث بنات يستقر كل منهم فى بيته ومع أولاده ، بل يقبل كبيرهم الآن على تجهيز ابنته الكبرى للزواج قريبا. أم شعبان لا تهتم بجفائها وجحودها وتعتز كثيرا بخاتمين أهداهما لها اثنان من أبنائها. بل لا تطأ مواطن الألم فى حياتها كثيرا إن تحدثت إليها، ولا يخلو حديثها أيضا من ابتسامات صافية منبعها الاعتداد بنفسها كسيدة تترفع عن الصغائر. تتقاضى أم شعبان المعاش الذى خصصته لأمثالها وزارة التضامن الاجتماعى و قيمته 350 جنيها ، لا تكفى العلاج ولا الطعام ولا أى بند من بنود حياتها البسيطة جدا ، لذلك قررت زيارة مسجد «الكشكية» كل خميس والجامع الأزهر كل جمعة قادمة من بيتها فى مدينة السلام ليجود عليها أهل الخير بما يعينها على قضاء الأيام المتبقية لها فى الدنيا «مستورة».