42 عاما منذ أن هجر طائر «العندليب» شجرة الغناء ورحل، وكل يوم يمر على رحيله يؤكد حضوره، فهو النغم الخالد، وصوت القلب العربى فى أروع دقاته، وأصدق من حمل حلو النغم بين جنباته ليجعل الأغنية حالة عشق صوفى وثورة حماسية هادرة. ونحن نحتفل بذكرى عبد الحليم حافظ، نكشف عن سر ينشر لأول مرة، خاص بأغنيته الجميلة «ضى القناديل» التى كتبها عاصى الرحبانى عام 1960 لتغنيها زوجته فيروز، على أن يلحنها محمد عبدالوهاب، بعد النجاح الكبير الذى حققه عبدالوهاب مع فيروز فى أغنياتهما الأولى ، وبعد أن لحن عبدالوهاب الأغنية، خشت فيروز من كلماتها وقالت. إنها لا تتفق وطبيعة الشخصية التى رسمتها لنفسها فى أغانيها، فشارع الضباب، وضى القناديل، والمصابيح الملونة، والأرصفة السوداء، كلها أجواء توحى ببنات الليل، لذلك لم يهف قلبها إليها، وترى أن انسحابها أضمن لكرامتها! وسألها عبد الوهاب: وشو رأيك باللحن؟ ردت : رائع!. فقال :إذن انتهت المشكلة، أما زعمك بأن جو الأغنية لا يليق بشخصيتك، فاسمحى لى أن أرد بالقول. إن المطربة الحقيقية هى التى تمثل الأغنية ولا تعيش فصول حكايتها، والكثيرات من المطربات يقلن ما لا يفعلن، بل يصورن ببراعة الصوت ما يريد الشاعر أن يقوله، والشاعر فى «شارع الضباب» هو زوجك عاصى الرحباني. ولاذ عبدالوهاب بالصمت، ولم يشأ أن يستطرد إلى الإقناع، بل رأى ألا يدخل فى جدل مع سيدة يحترم رأيها، وحبس الأغنية فى درج مكتبه ثلاث سنوات لعل «فيروز» تعدل عن رأيها، وعندما يأس أعطاها لعبدالحليم الذى غير بعض كلماتها اللبنانية، وعدل عنوانها من « شارع الضباب» إلى «ضى القناديل».