رغم أن هضبة الجولان محتلة بالفعل منذ عام 1967 وتبسط اسرائيل كقوة احتلال سلطاتها عليها، فإن اعتراف الرئيس الامريكى دونالد ترامب رسميا بالسيادة الاسرائيلية على الهضبة يمثل تطورا خطيرا، لأنه يكرس لوضع دائم ويمثل انتهاكا صريحا لمقررات الشرعية الدولية، يؤسس لعالم من الفوضى وفرض الأمر الواقع بالقوة، وهو ما يخالف الأسس التى قامت عليها الأممالمتحدة كمنظمة دولية تسعى لحفظ الأمن والاستقرار فى العالم. لذلك سارعت مصر بتأكيد موقفها الثابت، باعتبار الجولان السورى أرضا عربية محتلة وفقا لمقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولى رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذى اتخذته إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائيّة وإدارتها على الجولان السورى المحتل، وعلى اعتباره لاغيّاً وليست له أى شرعيّة دولية. والغريب أن قرار مجلس الأمن الذى أشارت إليه مصر، صدر عام 1981 بإجماع كل الدول الأعضاء بالمجلس بمن فيهم الولاياتالمتحدة والذى يرفض بشكل مطلق قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلى وإجراءاته التعسفية بخصوص الجولان، ويعتبره باطلا ولاغيا ولا أثر قانونيا له، أى أن ترامب يتراجع حتى عن المواقف الامريكية الثابتة فى المحافل الدولية. وليس هذا هو التراجع الأول الذى يقوم به ترامب فى هذا السياق، فقد سبق له فى نهاية 2017 الاعلان عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية اليها، رغم أن الادارات الامريكية المتعاقبة كانت تؤجل تنفيذ قرار الكونجرس بهذا الصدد، لتترك أمر القدس للتفاوض فى أى تسوية سلمية للصراع العربى الاسرائيلي. لقد منحت إدارة ترامب لتل أبيب مالم تمنحه أى إدارة امريكية سابقة، واصبح واضحا أن الرئيس الامريكى يعتمد فى تعامله مع قضايا الشرق الأوسط على الانحياز المطلق والكامل لإسرائيل على حساب الحقوق العربية، وهو ما يتطلب موقفا عربيا جماعيا حاسما فى هذا الموضوع، يمكن التوافق عليه خلال اجتماعات القمة العربية الدورية التى تعقد فى تونس نهاية شهر مارس الحالي. ولا يجب أن تكون الأزمة السورية مبررا لتسليم الجولان لإسرائيل، فالمصالح العليا للأمن القومى العربى تستلزم الحفاظ على وحدة الدولة السورية وكامل أراضيها، وعدم السماح بأى محاولة لتقسيمها، وأن تقوم أى تسوية للصراع العربى الإسرائيلى على الأسس التى سبق طرحها فى مبادرة السلام العربية، فلا سلام دون عودة الأراضى المحتلة، واحترام مقررات الشرعية الدولية. لمزيد من مقالات ◀ رأى الأهرام