الإعلان المرئي وصناعة المحتوى.. ورشة عمل بجامعة بنها الأهلية    قبل انتهاء مدة البرلمان بشهرين.. مرفت عبد النعيم تؤدي اليمين الدستورية خلفًا للنائبة رقية الهلالي    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي في القليوبية 2025    النواب يستجيب للأزهر بشأن إصدار لائحة قانون تنظيم إصدار الفتوى    إزالة 27 حالة تعد بالبناء على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالبحيرة    محافظ الشرقية يتابع تنفيذ مشروعات الإبراهيمية الخدمية والتنموية    نائب محافظ قنا يتفقد المركز التكنولوجي ويشدد على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    أوكرانيا تعلن عن استعدادها للتفاوض مباشرة مع روسيا    وزير الخارجية الإسرائيلي: حرب غزة مستمرة للأبد إذا بقيت المساعدات بأيدي حماس    وزير الخارجية: مصر تدعم الموقف الإفريقي الموحد بشأن إصلاح مجلس الأمن    قرار جديد في ملف صفقات الأهلي المونديالية    على طريقة مرموش.. تفاصيل عرض احتراف مصطفى شوبير    مصرع مُسنة إثر سقوطها من الطابق الثالث في قنا    الأرصاد الجوية : درجة الحرارة " فى الظل " وصلت 40 درجة مئوية الساعة الواحدة ظهرا على القاهرة الكبرى    نشط مخك وتجنب 14 خطأ.. روشتة تربوية للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة 2025    بينهم سيدة.. القبض على عصابة الزواج المزيفة بالقاهرة    أكتب كي لا أقتل    انطلاق النسخة الثالثة من ملتقى «التمكين بالفن» بالمتحف المصري الكبير الجمعة المقبلة    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم    صحة الدقهلية: إجراء 4800 عملية خلال شهر وإدخال خدمات جراحية جديدة ب8 مستشفيات    سيتى كلوب تضع اللمسات النهائية لإقامة مباراة مصر وغانا بأمم أفريقيا للشباب باستاد السويس    ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 14.2% على أساس سنوي خلال إبريل الماضي.. و4.1% على أساس شهري    البورصة تعلن عن انتهاء الخلل التقني بنظام تداول حقوق الاكتتاب    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    محافظ بنى سويف يكرّم الشاب عبد الله محمد لطفى لإنقاذه مواطنًا من الغرق    انهيار بئر بأحد مزارع المنيا على شخص جارى استخراجه    الجريدة الرسمية تنشر قرار نزع ملكيه أراضى بقنا لتطوير 5 مزلقانات    سنابل الذهب.. توريد 108 آلاف طن قمح محلى إلى شون وصوامع البحيرة    رئيسة بالميراس: مستعدون لمواجهة ميسي في كأس العالم للأندية.. ولن نذهب إلى النزهة بأمريكا    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    تكريم مازن الغرباوي بمهرجان المعهد العالي للفنون المسرحية    لا يهم فهم الآخرين.. المهم أن تعرف نفسك    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟ .. الأزهر للفتوى يجيب    ممدوح عباس يعلن.. وصول توني بيوليس للقاهرة لدارسة إمكانية التعاون مع الزمالك    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    «حماة الوطن» بسوهاج يفتتح 9 وحدات حزبية جديدة بقرى ومراكز المحافظة    رئيس الوزراء يشارك في احتفالية "تكافل وكرامة" ويكرم عددا من شركاء النجاح.. صور    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    النيابة تصرح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب سوء معاملة أسرته في أبو النمرس    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    تامر عاشور يلتقي جمهوره في حفل غنائي بدبي 16 مايو    كندا وجرينلاند ضمن قائمة أهدافه.. سر ولع ترامب بتغيير خريطة العالم    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    ماذا قال دونالد ترامب عن إعادة ضبط العلاقات مع الصين؟    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    قمصان: زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي.. الساعي قصر وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    بالنسبة لهم أكثر من مجرد أكلة.. 5 أبراج تتمتع بمهارات طبخ ممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنسانوفوبيا !

مستريحًا يجلس المهندس ذو اللحية الكثة على أريكته الوثيرة، منح نفسه توصيف (شيخ)، ومنحه تيارهُ صك المتحدث الرسمى باسم السلفية فى مصر، وقرر صانعو هذا التيار أن يمنحوا توصيف (بدعةٍ) على كل براح وهبه الله للإنسان، قرر المهندس ذو اللحية الكثة، أن يُمارس هوايته الدائمة فى توزيع قيود الفتاوى على عقول البشر، كوْنُها الضامن الرئيس لبقاء تخلف العقول بما يؤهلها للاستخدام فى أى وقت، يأتيه السؤال عبر (الإنترنت) البدعة، مستفسرًا عن مصطلح مبتدع هو (قبول الآخر)، ويقرر المهندس ذو اللحية الكثة أن يُفتى عبر موقعٍ أنشأه أصحاب اللحى بعدما أفتت قياداتهم بأن إنشاء الموقع البدعة جائز حال الضرورة دفعًا للمفسدة التى هى مقدمة على جلب المنفعة، والغريب أن محركات البحث العالمية تُظْهِر الموقع متصدرًا للحديث باسم الإسلام على قوائم الفتوى على الشبكة العنكبوتية.
وبعد حمد الله والصلاة على مصطفاه، يقرر المهندس ذو اللحية الكثة أن يفتى مردفًا أما بعد، ليبدأ شرحًا وافيًا لرؤاه حول مصطلح (قبول الآخر) ويكفينا فى صدد الاستشهاد أن نسوق عباراته التى منها (قبول الآخَر أحد آخِر المصطلحات بروزًا لينضم إلى قائمة المصطلحات الرنانة التى يُستخدم معظمها فى ترويج أفكار باطلة كالتقدم، والتنوير إلى آخره, غير المسلمين أولاً نسميهم بالكفار, ثانيًا لا نرغم من يعيش منهم فى بلاد المسلمين على الإسلام ولكننا نرى أن أديانهم باطل وغى وبيان ذلك من أوجب الواجبات -هذا هو الموقف الشرعى الصحيح للمسلم من الكفار الذين يحاولون إخفاء وصفهم بالكفر تحت وصف الآخر, البدع ضلالات يجب إنكارها كالكفريات وإن اختلفت الرتبة)!.
قبل عشر سنوات من طرح المهندس ذى اللحية الكثة رؤاه فى الآخر، كانت صحيفة (معاريف) قد نشرت نص رسالة نادرة أرسلها الحاخام الأكبر فى مدينة القدس عام 1665، إلى كبير الحاخامات المصريين يخبره فيها (أن الأسباط الإثنى عشر المفقودة تم العثور عليها فى إحدى مدن ألمانيا، وأن هذه الأسباط بدأت فى التوجه نحو مكة لاحتلالها وهدم الكعبة حتى يتم تسويتها بالأرض قبل ان يقوم هؤلاء الأسباط بالقضاء على ملك الخليفة العثمانى حتى يصبح المسلمون جميعًا عبيدًا لدى اليهود. وبكل ذلك تتوافر الشروط الواجب ان يوفرها اليهود حتى يظهر المسيح المنتظر، ويعيش اليهود الألفية السعيدة التى يحلم اليهودى بها منذ ميلاده وحتى وفاته)!
وأثناء مواصلة المهندس ذى اللحية الكثة لتنظيراته الرافضة لغيره، يطل علينا مناظرُ له عبر إحدى الفضائيات المسيحية محتلًا نفس مقعد الأول، مُستعليًا على كل الخلق، ومسوقًا لخطاب يقدس ذاته وينفى من عداه قائلاً (نحن أبناء الله وشعبه وهيكله وقدسه ونور العالم، ومن لا يتطابق معهم فى الإيمان هم أبناء إبليس وأبناء الظلمة وحيوانات نجسة هالكة)، ويسوق نصوصه المقدسة لتدعم أطروحاته (أَمَّا هؤُلاَءِ فَكَحَيَوَانَاتٍ غَيْرِ نَاطِقَةٍ، طَبِيعِيَّةٍ، مَوْلُودَةٍ لِلصَّيْدِ وَالْهَلاَكِ، يَفْتَرُونَ عَلَى مَا يَجْهَلُونَ، فَسَيَهْلِكُونَ فِى فَسَادِهِمْ, نعلم أننا نحن من الله والعالم كله قد وضع فى الشرير)، وتتطور هذه المائدة لتُنتج للعالم زعيمًا يرتكز فى دعاياه الانتخابية على كراهية من عداه، وجمع كل متعصبى الدنيا لمباركة حملته فيشجعه (تومى روبنسون) مؤسس الفرع البريطانى لحركة (بيغيدا) المتطرفة، ويدعمه (خيرت فيلدرز) زعيم حزب (الحرية الهولندي) ذو التوجهات المتطرفة، وفى خطاب تنصيبه يُباركه رجلُ دين يؤكد أن (نزول المطر مع التنصيب دليل مباركة الرب)!
فى حالة البحث عن طوق نجاة للإنسانية، لا ينبغى التوقف عن التبعية الدينية للمهندس ذى اللحية الكثة، كما يجب ألا تشغلنا كثيرًا كونه يرتدى جلبابًا أو قميصًا أو قلنسوة، ويستوى فى تأثيرات خطابه كونه شيخًا لتنظيم أو كاهناً يسوق طائفة، أو زعيمًا لحركة أو حزب، فاستخدام الدين فى كلٍ سواء، ونفيُه فى أحيانٍ يسوق إلى ذات الخطاب المتطرف، ولذا يُصبح على كل معنى بالمصير الإنسانى أن يُحدد المستهدف من تسويق هكذا خطاب، وهو التحديد الذى تشير كل أسهمه إلى تهديد مباشر للإنسان، عبر إشاعة خطاب فزعٍ عام يرفض فطرة الله فى خلقه (الاختلاف)، ويلوى أعناق النصوص الصريحة لتستحيل رصاصًا أو قنابل أو نارًا تحرق.
وبالتأكيد على المعنى بالمصير الإنسانى أن يتنبه لتصاعد منحنى الفعل المتطرف، وتحوله إلى تهديد حقيقى للمصير عبر بوابة معاندة فطرة الاختلاف (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ...)، ولهذا ليست القضية فى جريمة حرق المصاحف من قبل رئيس حزب (النهج الصلب) الدنماركى اليمينى المتطرف، قدر ما هى شيوع الخطاب المؤدى لهذا الفعل، والذى ينذر باتساع رقعات الفعل والفعل المضاد، مع الوقوع فى شرك توصيف الحالة باعتبارها إسلاموفوبيا أو مسيحيوفوبيا فى حين أن جميعها تصب فى مشروع أعم يستهدف الإنسان ووجوده ولا نجاة منه إلا باللوذ بأصل الفطرة الإنسانى كونه العاصم من قواصم استشراء (الإنسانوفوبيا).
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.