استطاعت الهند من خلال تجارب الاقتصاد الرقمى أن تنجز ما أخفق فيه كثيرون فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى المنظومة الرسمية فى البلاد، وقامت من خلال تعميم نظم أكثر كفاءة فى حركة الأموال بتعزيز مواردها السيادية من الضرائب والحفاظ على حقوق البلاد. وتتزامن حاليا مبادرات بمصر للانطلاق نحو الاقتصاد الرقمى الذى يزيد كفاءة نمو الاقتصاد ويحقق فوائد للمواطن والحكومة معا، وحول تجربة الهند فى منظومة التحول الرقمة، كانت هذه السطور مع أخليش ميشرا المسئول بوزارة الخارجية الهندية ومدير المركز الثقافى الهندي. صف لنا تجربة التحول الرقمى فى الهند وفوائدها على جميع الأصعدة؟ استخدمت الهند فى منظومة التحول الرقمى والذى يعنى دمج جميع المعاملات من خلال نظم الكترونية تضمن عدم تسرب النقود خارج البنوك، وعزز من نجاح تلك التجربة انتشار التليفون المحمول فى الهند بشكل كبير، وأحسنا استغلال هذا الانتشار فى الوصول إلى جميع أفراد المجتمع فى دولة يزيد تعداد سكانها على 1٫3 مليار نسمة. ومن خلال تطبيقات التليفون المحمول ضمنا أن تكون جميع المعاملات والمدفوعات فى الاسواق الكترونية، الأمر الذى يعزز من حسن كفاءة حركة الأموال فى المنظومة الاقتصادية للبلاد، وأصبح جميع الباعة فى الشوارع والأسواق يستخدمون هذه المدفوعات، ويتفاعل معها الجميع، وأصبحت كافة المعاملات مرصودة من جميع الجهات وزادت حصيلة البلاد من الضرائب الأمر الذى يمكن البلاد من الاستمرار فى التوسع فى تطوير وتقديم الخدمات وزيادة حركة التوسع فى المرافق العامة التى تخدم المواطن بشكل مباشر. كيف تم بناء هذه المنظومة فى ظل هذا التعداد السكانى الكبير؟ يصل عدد أجهزة التليفون المحمول لدى الأفراد نحو مليار تليفون، وقامت الجهات والبنوك بعمل حملات توعية كبيرة شجعت الأفراد على فتح حسابات مصرفية بالبنوك، لدرجة أن عدد الحسابات التى تم افتتاحها خلال السنوات الخمس الماضية بلغت نحو 350 مليون حساب، وهو مؤشر قوى على إيمان الأفراد بأهمية التعاملات الالكترونية التى تحافظ على مدخراتهم وتمكنهم من حسن استغلالها بشكل يزيد من حجم ثرواتهم. والدور المهم فى هذه المنظومة وعى المواطن بأن حركة أمواله لابد أن تتم من خلال الجهاز المصرفي، بدلا من التعامل النقدى الذى يعرض أمواله للمخاطر، ومكنتنا ثورة الاتصالات من الوصول بمستهدفاتنا بشكل سريع. إذن هل تم دمج الاقتصاد غير الرسمى من خلال التليفون المحمول؟ نعم لعب الانتشار الكبير للتليفون المحمول دورا كبيرا فى تلك الخطوة لأنها قضت على عدد كبير من الإجراءات التى قد تدفع الأفراد للدخول إلى المنظومة الرسمية، لأنه من خلال جهاز فى يده يقوم بعمل جميع مدفوعاته ومشترياته فى آن واحد. وكانت هذه التسهيلات جاذبة جدا على تشجيع الأفراد للانضمام إلى المنظومة الرسمية للبلاد، فضلا عن أننا نقدم له خدمات متنوعة منها تأمين صحى اجتماعى وغيره من الخدمات التى يشعر بأن انضمامه إلى المنظومة الرسمية يحقق له فوائد ويستطيع أن يجنى ثمارها. هل هناك فوائد أخرى للتحول الرقمي؟ نعم نحن مقبلون على انتخابات خلال شهر أبريل المقبل وعدد من يحق لهم التصويت يصل لنحو 900 مليون مواطن، وكان هذا العدد الكبير فى السابق يستخدم الطرق التقليدية فى الانتخابات ومنها البطاقات الورقية للإدلاء بأصواتهم، وكانت هذه الطريقة مكلفة جدا. حيث ملايين الأطنان من الورق التى تم توفيرها بسبب استخدام نظم التصويت الالكتروني، والتى وفت ملايين الاطنان من الورق وتكلفتها الاقتصادية. وأصبحت منظومة التحول الرقمى لكافة القطاعات فى البلاد مهمة جدا للأفراد والحكومات معا، حيت توفر الوقت والجهد والأموال التى كانت تتكبدها البلاد قبل تلك الثورة المعلوماتية. هل يمكن تطبيق تلك التجربة فى مصر ؟ سهولة انتشار التلفون المحمول قصرت الطرق على الدول، ومصر من الدول التى يتصاعد فيها انتشار الهاتف المحمول وبالتالى فإن مصر أمامها فرصة لدمج الاقتصاد غير الرسمى أو الموازى فى المنظومة الاقتصادية الرسمية، بما يزيد من حصيلة البلاد من جهة، ويعزز من مشاركة الأفراد فى بناء اقتصاد بلدهم.