أصيب صاحبنا بالتهاب في العين اليسري امتد تأثيره إلي القرنية فنصحه الطبيب بإجراء جراحة لإزالة الالتهاب وزرع قرنية جديدة، فطلب مهلة لاستشارة الطبيبة السويسرية التي سبق أن أجرت له جراحة مماثلة، فأنذره بأن الوقت المتاح قصير جدا قبل أن يؤثر الالتهاب علي القدرة علي الإبصار. وكان يشير بشكل واضح إلي ارتفاع نسبة تعرض العين لما يفقدها البصر. وعندما اتصل بالطبيبة السويسرية أخبرته أنه لا يمكن إجراء جراحة زراعة قرنية أثناء إصابة العين بالتهاب، وأنه سيضطر إلي اجراء جراحة زرع قرنية جديدة نتيجة عدم نجاح الجراحة حتي وإن تمكن الجراح من إزالة الالتهاب. وأخبر الطبيب المصري بما قالته الطبيبة السويسرية التي تحتل مكانة مرموقة بكلية طب ومستشفي جامعة العاصمة برن، فما كان منه إلا أن قال، إن الأطباء الأوروبيين متحفظون جدا وتقليديون، ثم أكد أنه «عامل حساب كل حاجة». ومن جديد تطرق للحالة الحرجة التي تمر بها العين المصابة، وطالب صاحبنا بسرعة اتخاذ قرار قبل أن تسوء حالة العين جدا. بعد ذلك تدخل مساعده الأستاذ المساعد بكلية الطب قائلا، إن أستاذه هو الأفضل في هذا المجال، وأن التشخيص دقيق ولو لم تكن الجراحة ضرورية وبشكل عاجل لاقترح الانتظار، ثم استطرد قائلا إنه لا يسعي وراء العائد المادي. وخوفا من عواقب التأجيل أو إرجاء إجراء الجراحة المقترحة وافق وتوجه إلي الطبيب بعيادته بشارع مصدق ليبلغه بقراره، وليسأله عن التكاليف وبعد أن أبلغه بالتكاليف طلب منه دفع المبلغ كاملا قبل إجراء الجراحة وأن يسلم نصف المبلغ للمحاسب والنصف الثاني للسكرتيرة بالمستشفي. وصباح يوم إجراء الجراحة توجه إلي المستشفي الموجود بالدقي وقبل الدخول إلي غرفة التخدير طلبوا منه التوقيع علي أوراق تعفي الجراح والمستشفي من أي مسئولية، وأنه يتحمل المسئولية كاملة، فسأل ألم يكن من الممكن عرض هذه الوثائق عليه من قبل حتي يتمكن من قراءتها ومعرفة ما تتضمنه، فقالوا إن هذا هو النظام المتبع مع كل المرضي. ولاحظ أنهم لا يغيرون ملاءات «التروللي» الذي يستلقي عليه المرضي لدخول غرفة التخدير. ولم يكن الوقت يسمح بالاحتجاج أو الاعتراض. وتم اجراء الجراحة صباحا، وغادر المستشفي عصر اليوم نفسه. وبدأت متابعة الطبيب لنتائج الجراحة. وبعد مرور ثلاثة أسابيع لم يتمكن من الرؤية. فسأل الطبيب، فقال له إن الأمر يتطلب مزيدا من الوقت بسبب الالتهاب. ومرت أسابيع أخري ولم يتمكن من الرؤية، فأبلغه الطبيب أن الأمر بسيط، فهناك غشاء علي عدسة العين ستتم إزالته بالليزر بعد مرور ستة أشهر علي العملية الجراحية.وبعد مرور الأشهر الستة، أخبره أن الأمر يتطلب إجراء جراحة لإزالة هذا الغشاء. وطلب مجموعة من الأشعات، بعدها قال إن الجراحة خطيرة ونسبة النجاح بها 50% وأنه ينصح بقبول الأمر الواقع. وعاد ليكرر إن الالتهاب هو الذي أدي إلي هذه النتيجة. فرد عليه صاحبنا قائلا: أنت الذي قلت «أنا عامل حساب كل حاجة» وأنت الذي اتهمت الأطباء الأوروبيين بالتحفظ، ثم ألم تحذرك الطبيبة السويسرية من إجراء الجراحة فى أثناء وجود الالتهاب، إلا أنك ارتديت ثياب «عنتر» والآن تتملص من المسئولية بهذه الصورة السخيفة. وحتي هذه اللحظة لم يكن قد تمكن من الحصول علي فاتورة من المستشفي أو الطبيب بالتكاليف لذا سأله عن كيفية الحصول علي مثل هذه الفاتورة، فطلب منه التوجه إلي المحاسب بالمستشفي، ولكن المحاسب طلب مهلة لعدة أيام، بعدها حصل علي فاتورة تضمنت ثمن القرنية وفتح غرفة العمليات ومقابل التخدير والإقامة بحجرة بالمستشفي فقط، وعندما سأل عن المبلغ الآخر الذي دفعه للسكرتيرة، فطلب منه التوجه إليها، فطلبت منه الانتظار لعدة أيام بعدها ستتصل به. وكان سهلا أن يستنتج أنه لن يحصل علي فاتورة بهذا المبلغ الذي حصل عليه الطبيب. لمزيد من مقالات عبده مباشر