برتوكول تعاون بين قضايا الدولة والجامعة الألمانية بالقاهرة لتعزيز الشراكة الأكاديمية والبحثية    وزيرالدفاع يشهد مناقشة البحث الرئيسى للأكاديمية العسكرية    قصر العيني يحصد مراكز متقدمة في مسابقة الطالب المثالي بجامعة القاهرة    بين الدعم الرئاسي وخطط الوزارة.. مسار إصلاح أحوال المعلمين    جامعة المنصورة الجديدة تحصد المركز الثاني عالميًا في مسابقة Robotex الدولية للروبوتات والذكاء الاصطناعي    نديم إلياس: قطاع التغليف ركيزة أساسية لحماية المنتجات الغذائية    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 9 ديسمبر 2025    جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء تعلن عن خدمة جديدة لأصحاب العدادات مسبوقة الدفع بالقليوبية    بريطانيا تعلن مصرع أحد جنودها في أوكرانيا    زيلينسكي: سنسلم خطة السلام النهائية من لندن إلى الولايات المتحدة خلال أيام    كأس العرب، الجزائر يتقدم على العراق بهدف في الشوط الأول    ضبط قائد سيارة سار عكس الاتجاه بالشرقية لتعريض المواطنين للخطر    تنظيم الاتصالات يحذر المواطنين من محاولات اختراق تستغل ثغرات على الهواتف المحمولة    بسبب الطقس السيئ، استمرار العمل بالإجراءات الاحترازية بالسكك الحديدية    محمد مرعي يفوز بالجائزة الكبرى لأحمد فؤاد نجم لشعر العامية والسعيد المصري للدراسات النقدية    قصيدة عشق مصرية فى الدوحة «كتارا» و«الألكسو» يكرمان عمر خيرت    السياح يتغنون ب«الأقصر» | مواكب زهور وفرق موسيقية احتفالاً بالعيد القومى    داعية تكشف طريقة فعالة للوصول للوفاء في العلاقة الزوجية(فيديو)    كيف تحافظين على وزنكِ في الشتاء رغم الجوع المستمر؟    جامعة العريش تشارك في مبادرة "حياة كريمة" بقافلة متعددة التخصصات لحي السبيل بشمال سيناء    مستشار وزير الصحة: ننقل خبراتنا الطبية إلى جامبيا عبر المركز الطبي المصري    إطلاق نار وتخويف وتخريب... تفاصيل حادثة انتهت بالسجن 5 سنوات    هاري كين يقود بايرن ميونخ أمام لشبونة في دوري أبطال أوروبا    خبر في الجول - بيراميدز يحدد موعد سفره إلى قطر لخوض إنتركونتينينتال    كرة طائرة - الزمالك يستهل مشواره بالخسارة أمام برايا البرازيلي في كأس العالم للأندية للسيدات    رئيس الوزراء يستعرض مخطط تطوير المناطق المحيطة بالأهرامات والمتحف الكبير    تعليم العاصمة تحتفل باليوم العالمي لمحاربة الفساد وتطلق مبادرات توعوية    هل يجوز صلاة قيام الليل في التاسعة مساءً؟ أمين الفتوى يجيب    هل يجوز غلق العين في الصلاة من أجل الخشوع؟.. أمين الفتوى يجيب    اتحاد المستثمرين الأفرو- آسيوي يُعلن اختيار محافظ البنك المركزي على رأس قائمة الأكثر تأثيرًا في الاقتصاد الإقليمي والدولي    أحدث تصوير جوي لمشروع إنشاء محطة تحيا مصر 2 بميناء الدخيلة    سقوط أمطار متوسطة على عدد من المناطق المتفرقة في دمياط    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للمجموعة الوزارية للتنمية البشرية    تصاعد حدة القتال بين تايلاند وكمبوديا على طول الحدود المتنازع عليها    فرق البحث تنهى تمشيط مصرف الزوامل للبحث عن التمساح لليوم الخامس    توقف عضلة القلب.. وزارة الشباب والرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب بمباراة الدرجة الرابعة    غدًا.. بدء ماراثون انتخابات "النواب" بالدائرة الثالثة في الفيوم ب22 مرشحًا على 3 مقاعد    تركيا تدين اقتحام إسرائيل لمقر أونروا في القدس الشرقية    استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم لليوم الرابع في العصامة الجديدة    وفاة شخص صدمته سيارة بصحراوي سمالوط في المنيا    غدًا.. فصل الكهرباء عن قريتي كوم الحجنة وحلمي حسين وتوابعهما ببيلا في كفر الشيخ    اليابان: تقييم حجم الأضرار الناجمة عن زلزال بقوة 5ر7 أدى لإصابة 34 شخصا    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    شتيجن يعود لقائمة برشلونة ضد فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    القاهرة الإخبارية: قافلة زاد العزة ال90 تحمل أكثر من 8000 طن مساعدات لغزة    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    شباب الشيوخ توسع نطاق اختصاصات نقابة المهن الرياضية    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    محافظ الدقهلية يتفقد معرض السلع الغذائية بالمنصورة ويوجه بتوفير مزيد من التخفيضات للمواطنين    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث آليات تعزيز التعاون بين البلدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحاسب المسئول قبل وقوع الكارثة!

مازالت كارثة محطة مصر تلاحقنا وتخيفنا بصورها المنشورة وصورها المتخيلة وتقطع علينا الطريق وتستدعى التأمل والتساؤل والتفكير. وهذا أمر طبيعى وصحى ودليل من ناحية على ما استثارته الكارثة من صور الجحيم الدنيوى والأخروي، ومن ناحية أخرى على يقظة المصريين ووحدتهم وشعورهم العالى بأنهم عائلة واحدة.
وكارثة محطة مصر ليست مجرد حريق يستطيع الناس مهما يكن حجمه أن يحيطوا به ويحاصروه ويخمدوه، لكنها انفجار بركان لا عهد لنا به، وزلزال مدمر، ونازلة مفاجئة تجاوزت كل توقع وألجمت الألسنة وأثارت الأسئلة التى لم نفهمها حتى الآن، ولم نجب عليها حتى الآن، وإلا كيف نفهم أن يقع كل هذا الذى وقع لأن سائق الجرار قرر فى يوم هادئ ودون مقدمات أن يتشاجر مع سائق جرار آخر؟ وكيف نفهم أن يترك جراره يتحرك على هواه ويضاعف سرعته حتى يتحول إلى وحش كاسر مكشر عن أنيابه يندفع بأقصى سرعة ليصطدم بالموانع ويناطح الصدادات، ثم يتحول إلى بركان جهنمى متفجر يلتهم الأجساد والأرواح؟ وكيف نفهم ردود فعل المسئولين على كل هذا الذى حدث؟ التحقيق مع السائق وزملائه واستقالة وزير النقل!
هل هو السائق وحده المسئول؟ وهل تصحح استقالة الوزير هذا الفساد المتغلغل المستشري؟ أم أن الأمر يحتاج إلى حساب آخر كان يجب أن يحدث قبل وقوع الكارثة ليمنع وقوعها؟
نعم، هذا هو السؤال الذى يجب أن نطرحه ونصل فيه إلى إجابة صريحة واضحة: نحاسب المتسببين فى الكوارث بعد وقوعها؟ أم نحاسبهم عليها قبل أن تقع؟
وقد قرأنا فيما نشر حول الكارثة أن النيابة أمرت بالقبض على سائق الجرار وحققت معه وأودعته السجن، وأن وزير النقل تقدم باستقالته لرئيس الحكومة الذى قبلها على الفور طبعا. وبهذه الصورة تحققت العدالة. السائق المخطئ محبوس، والوزير المسئول مستقيل. لكن المشكلة أن العدالة التى تحققت بهذه الصورة الباردة ليست إلا قرصات آذان لم يحصل بها أحد على حقه. فحبس السائق واستقالة الوزير لم يعيدا الضحايا الذين أصبحوا رمادا تذروه الرياح إلى الحياة!
وقد يبدو هذا الكلام وكأنه هزل فى مقام جاد جدا، لأن أحدا لا يستطيع أن يطالب القاتل بإعادة ضحيته للحياة، اللهم إلا الزير سالم الذى نهض ليثأر من جساس قاتل شقيقه الملك كليب فى حرب استمرت أربعين سنة وسقط فيها ضحايا كثيرون بيد الزير سالم الذى لم يكن يشفى غليله سقوطهم، لأنه لم يكن يطلب قتيلا ثمنا لقتيل، وإنما كان يطلب من فقده، وكان يقتل خصومه ليوسعوا أمامه الطريق إلى روح شقيقه طالبا عودته حيا. وهذه هى العدالة الحقة كما كان يراها. لكن كليبا لم يعد للحياة بعد أربعين سنة من الحرب، لأننا لا نستطيع أن نعيد الحياة لمن مات، وإنما نستطيع أن نحمى الأحياء من الأخطاء والأخطار التى تهدد حياتهم. نستطيع فقط أن نضمن للضحايا المرشحين ألا يلقوا هذا المصير إذا تكررت الأخطاء التى أدت لسقوط من سقطوا فى محطة مصر. فإذا قمنا بما يجب أن نقوم به لإنقاذ المرشحين للموت من أن يموتوا فنحن بهذا المعنى نعيدهم للحياة.
ونحن نعلم أن كارثة محطة مصر ليست الأولي، بل هى الرابعة فى سلسلة الكوارث التى احترقت فيها قطارات السكك الحديدية فى السنوات الأخيرة وراح ضحيتها مئات المواطنين، وحقق فيها مع المسئولين، واستقال فيها قبل الوزير الأخير ثلاثة وزراء، فضلا عن الخسائر المادية التى تقدر بالملايين والخسائر المعنوية التى لاتقدر بثمن. فقدان طفل لأبيه أو فقدان والد لولده خسارة لاتقدر بثمن. فإذا كانت الكارثة الرابعة قد وقعت فليس لدينا ضمان بأن تكون هى الأخيرة. بل نحن نرى من الآن أن هذه الكارثة الرابعة لم تكن الأخيرة، فالذى حدث فى محطة مصر منذ أسبوعين حدث فى محطة الاسكندرية منذ أسبوع، سوى أن القدر وحده لم يسمح لأخطائنا وعيوبنا أن تأخذ مداها وتصل فى الاسكندرية إلى ما وصلت إليه فى القاهرة، وقبلها فى الصعيد عند العياط، وقبل ذلك فى مزلقان منفلوط، وإنما تلطف بنا فى الاسكندرية وحصر الخسائر فى نطاق محدود. والسؤال هو: هل نستطيع أن نتعلم من القدر ونتنبأ بما يمكن أن يحدث؟
والاجابة: نعم. لأن ما يحدث لايحدث فجأة وإنما تسبقه بدايات ومقدمات يشير بعضها لبعض ويؤدى بعضها لبعض. لهذا نستطيع أن نتوقعها ونراها فى بداياتها وأن نحاسب المسئولين عن الكارثة قبل وقوعها. لكن هل يحق لنا أن نحاسب أحدا عن شيء لم يقع؟ نعم، إذا كان من نحاسبه موظفا عموميا أو مسئولا تولى منصبه ليحقق أهدافا محددة فى وقت محدد بطرق ووسائل وشروط نستطيع نحن أصحاب المصلحة أن نراقب أداءه، وأن نسائله لنفهم ما يجرى فى دائرة عمله ونتأكد من يقظته ونزاهته وصحة توجهاته.
نحن نجعل التجنيد إجباريا لنحمى أنفسنا ونحذر أعداءنا. ونجعل التعليم إلزاميا لنرسم فى الحاضر صورة المستقبل. ونوقف شرطى المرور فى مفترق الطرق يراقب السيارات ويوقف منها ما يرى ضرورة إيقافه ليتأكد من توافر شروط السلامة . رخصة القيادة موجودة، ومدة سريانها صالحة، وأنبوبة إطفاء الحريق جاهزة، وقائد السيارة منتبه ملتزم، فاذا ارتاب الشرطى فى شيء تصرف بما يمنع وقوع الحادثة التى يمكن أن تكون كارثة.
وكما يؤدى شرطى المرور واجبه فى الشارع يؤدى نواب الأمة واجبهم فى البرلمان. يراقبون الحكومة، ويستجوبون الوزراء، ويحاسبون المسئولين عن وقوع الحوادث قبل أن تقع.

لمزيد من مقالات ◀ بقلم أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.