دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    قبل انطلاق قمة شرم الشيخ.. الدولار يتراجع أمام الجنيه ويفقد 18 قرشًا    منال عوض تبحث مع الاتحاد الأوروبي سبل مواجهة التلوث البلاستيكي    قمة شرم الشيخ.. الآثار الإيجابية المحتملة على الاقتصاد المصري بعد اتفاق وقف الحرب في غزة    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    البورصة المصرية تربح 12.1 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    الرئيس السيسي يؤكد لرئيسة وزراء إيطاليا أهمية اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    نقل 154 أسيرا فلسطينيا محررا إلى مصر ضمن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    أغرب ضيف بشرم الشيخ.. سر حضور رئيس الفيفا في قمة السلام؟    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    إصابة 8 أشخاص في تصادم مروع بين ميكروباص وتروسيكل بطريق القاهرة – الإسكندرية الزراعي    «ارمي نفسي في النار عشانه».. سيدة تنقذ طفلها من الغرق في ترعة بالغربية    طارق الشناوي عن عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة: «دليل على انحياز الرقيب الجديد لحرية التعبير»    تأكيدًا لما نشرته «المصري اليوم».. «الأطباء» تعلن نتائج انتخابات التجديد النصفي رسميًا    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    فحص 1256 مواطنًا وإحالة 10 مرضى لاستكمال العلاج ضمن القافلة الطبية بكفر الشيخ    الأهلي يدعو أعضاء النادي لانتخاب مجلس إدارة جديد 31 أكتوبر    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    وزير الري: مصر كانت وما زالت منبرًا للتعاون والعمل العربي والإسلامي المشترك    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    المشدد 3 سنوات لعصابة تتزعمها سيدة بتهمة سرقة موظف بالإكراه فى مدينة نصر    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    حسام زكى: نهاية الحرب على غزة تلوح فى الأفق واتفاق شرم الشيخ خطوة حاسمة للسلام    إلهام شاهين لاليوم السابع عن قمة شرم الشيخ: تحيا مصر عظيمة دايما    ضوابط جديدة من المهن الموسيقية لمطربي المهرجانات، وعقوبات صارمة ل2 من المطربين الشعبيين    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    نتنياهو: ترامب أعظم صديق حظيت به إسرائيل فى البيت الأبيض    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    محافظ الوادي الجديد يشارك فى مؤتمر الابتكار العالمى للأغذية الزراعية بالصين    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    يويفا يستعد لإجراء تعديل على قواعد ملكية الأندية المتعددة بعد أزمة بالاس    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    إعلام إسرائيلى: ترامب يعقد اجتماع عمل مع نتنياهو فى الكنيست    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    القوات الإسرائيلية تداهم منازل أسرى فلسطينيين من المقرر الإفراج عنهم    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    «أسير» و«دورا».. عروض متنوعة تستقبل جمهور مهرجان نقابة المهن التمثيلية    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    جامعة عين شمس تفتح باب الترشح لجوائزها السنوية لعام 2025    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    الكنيست يوزع قبعات بشعار «ترامب رئيس السلام» بمناسبة خطابه في المجلس (صور)    عفت السادات: مصر تستقبل زعماء العالم لإرسال رسالة سلام من أرضها للعالم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    حسام حسن: أتشرف بالتأهل لكأس العالم لاعبا ومدربا.. وصلاح شقيقي الأصغر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحاسب المسئول قبل وقوع الكارثة!

مازالت كارثة محطة مصر تلاحقنا وتخيفنا بصورها المنشورة وصورها المتخيلة وتقطع علينا الطريق وتستدعى التأمل والتساؤل والتفكير. وهذا أمر طبيعى وصحى ودليل من ناحية على ما استثارته الكارثة من صور الجحيم الدنيوى والأخروي، ومن ناحية أخرى على يقظة المصريين ووحدتهم وشعورهم العالى بأنهم عائلة واحدة.
وكارثة محطة مصر ليست مجرد حريق يستطيع الناس مهما يكن حجمه أن يحيطوا به ويحاصروه ويخمدوه، لكنها انفجار بركان لا عهد لنا به، وزلزال مدمر، ونازلة مفاجئة تجاوزت كل توقع وألجمت الألسنة وأثارت الأسئلة التى لم نفهمها حتى الآن، ولم نجب عليها حتى الآن، وإلا كيف نفهم أن يقع كل هذا الذى وقع لأن سائق الجرار قرر فى يوم هادئ ودون مقدمات أن يتشاجر مع سائق جرار آخر؟ وكيف نفهم أن يترك جراره يتحرك على هواه ويضاعف سرعته حتى يتحول إلى وحش كاسر مكشر عن أنيابه يندفع بأقصى سرعة ليصطدم بالموانع ويناطح الصدادات، ثم يتحول إلى بركان جهنمى متفجر يلتهم الأجساد والأرواح؟ وكيف نفهم ردود فعل المسئولين على كل هذا الذى حدث؟ التحقيق مع السائق وزملائه واستقالة وزير النقل!
هل هو السائق وحده المسئول؟ وهل تصحح استقالة الوزير هذا الفساد المتغلغل المستشري؟ أم أن الأمر يحتاج إلى حساب آخر كان يجب أن يحدث قبل وقوع الكارثة ليمنع وقوعها؟
نعم، هذا هو السؤال الذى يجب أن نطرحه ونصل فيه إلى إجابة صريحة واضحة: نحاسب المتسببين فى الكوارث بعد وقوعها؟ أم نحاسبهم عليها قبل أن تقع؟
وقد قرأنا فيما نشر حول الكارثة أن النيابة أمرت بالقبض على سائق الجرار وحققت معه وأودعته السجن، وأن وزير النقل تقدم باستقالته لرئيس الحكومة الذى قبلها على الفور طبعا. وبهذه الصورة تحققت العدالة. السائق المخطئ محبوس، والوزير المسئول مستقيل. لكن المشكلة أن العدالة التى تحققت بهذه الصورة الباردة ليست إلا قرصات آذان لم يحصل بها أحد على حقه. فحبس السائق واستقالة الوزير لم يعيدا الضحايا الذين أصبحوا رمادا تذروه الرياح إلى الحياة!
وقد يبدو هذا الكلام وكأنه هزل فى مقام جاد جدا، لأن أحدا لا يستطيع أن يطالب القاتل بإعادة ضحيته للحياة، اللهم إلا الزير سالم الذى نهض ليثأر من جساس قاتل شقيقه الملك كليب فى حرب استمرت أربعين سنة وسقط فيها ضحايا كثيرون بيد الزير سالم الذى لم يكن يشفى غليله سقوطهم، لأنه لم يكن يطلب قتيلا ثمنا لقتيل، وإنما كان يطلب من فقده، وكان يقتل خصومه ليوسعوا أمامه الطريق إلى روح شقيقه طالبا عودته حيا. وهذه هى العدالة الحقة كما كان يراها. لكن كليبا لم يعد للحياة بعد أربعين سنة من الحرب، لأننا لا نستطيع أن نعيد الحياة لمن مات، وإنما نستطيع أن نحمى الأحياء من الأخطاء والأخطار التى تهدد حياتهم. نستطيع فقط أن نضمن للضحايا المرشحين ألا يلقوا هذا المصير إذا تكررت الأخطاء التى أدت لسقوط من سقطوا فى محطة مصر. فإذا قمنا بما يجب أن نقوم به لإنقاذ المرشحين للموت من أن يموتوا فنحن بهذا المعنى نعيدهم للحياة.
ونحن نعلم أن كارثة محطة مصر ليست الأولي، بل هى الرابعة فى سلسلة الكوارث التى احترقت فيها قطارات السكك الحديدية فى السنوات الأخيرة وراح ضحيتها مئات المواطنين، وحقق فيها مع المسئولين، واستقال فيها قبل الوزير الأخير ثلاثة وزراء، فضلا عن الخسائر المادية التى تقدر بالملايين والخسائر المعنوية التى لاتقدر بثمن. فقدان طفل لأبيه أو فقدان والد لولده خسارة لاتقدر بثمن. فإذا كانت الكارثة الرابعة قد وقعت فليس لدينا ضمان بأن تكون هى الأخيرة. بل نحن نرى من الآن أن هذه الكارثة الرابعة لم تكن الأخيرة، فالذى حدث فى محطة مصر منذ أسبوعين حدث فى محطة الاسكندرية منذ أسبوع، سوى أن القدر وحده لم يسمح لأخطائنا وعيوبنا أن تأخذ مداها وتصل فى الاسكندرية إلى ما وصلت إليه فى القاهرة، وقبلها فى الصعيد عند العياط، وقبل ذلك فى مزلقان منفلوط، وإنما تلطف بنا فى الاسكندرية وحصر الخسائر فى نطاق محدود. والسؤال هو: هل نستطيع أن نتعلم من القدر ونتنبأ بما يمكن أن يحدث؟
والاجابة: نعم. لأن ما يحدث لايحدث فجأة وإنما تسبقه بدايات ومقدمات يشير بعضها لبعض ويؤدى بعضها لبعض. لهذا نستطيع أن نتوقعها ونراها فى بداياتها وأن نحاسب المسئولين عن الكارثة قبل وقوعها. لكن هل يحق لنا أن نحاسب أحدا عن شيء لم يقع؟ نعم، إذا كان من نحاسبه موظفا عموميا أو مسئولا تولى منصبه ليحقق أهدافا محددة فى وقت محدد بطرق ووسائل وشروط نستطيع نحن أصحاب المصلحة أن نراقب أداءه، وأن نسائله لنفهم ما يجرى فى دائرة عمله ونتأكد من يقظته ونزاهته وصحة توجهاته.
نحن نجعل التجنيد إجباريا لنحمى أنفسنا ونحذر أعداءنا. ونجعل التعليم إلزاميا لنرسم فى الحاضر صورة المستقبل. ونوقف شرطى المرور فى مفترق الطرق يراقب السيارات ويوقف منها ما يرى ضرورة إيقافه ليتأكد من توافر شروط السلامة . رخصة القيادة موجودة، ومدة سريانها صالحة، وأنبوبة إطفاء الحريق جاهزة، وقائد السيارة منتبه ملتزم، فاذا ارتاب الشرطى فى شيء تصرف بما يمنع وقوع الحادثة التى يمكن أن تكون كارثة.
وكما يؤدى شرطى المرور واجبه فى الشارع يؤدى نواب الأمة واجبهم فى البرلمان. يراقبون الحكومة، ويستجوبون الوزراء، ويحاسبون المسئولين عن وقوع الحوادث قبل أن تقع.

لمزيد من مقالات ◀ بقلم أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.