لا شك فى ضرورة الضرب بيد من حديد على يد كل من يثبت تقصيره فى أداء وظيفته أو العبث بها وإلحاق الضرر بالمجتمع كما شاهدنا بالنسبة لكارثة السكك الحديدية، وكما شاهدنا كذلك على مدى العقود السابقة فى العديد من مرافق الدولة الأساسية، هذا فضلا عن وجوب إعادة النظر فى العقوبات الهزيلة وغير الرادعة لمثل هذه الأفعال الاجرإمية التى تصيب المجتمع بأسره. والواقع أنه مهما يفرض المشرع من عقوبات فان ذلك يجب ألا يغفلنا عن التطرق للأسباب المباشرة لهذه الأفعال، وكذلك للعوامل الكامنة وراء هذه الأسباب التى مهدت لحدوث هذه الكارثة على يد مواطنين مصريين. ولا شك أن دراسة هذه الأسباب بشكل علمى يشكل التزاما على الدولة بالرجوع الى علماء الاجتماع وكل من له خبرة عملية فى هذا المجال، رغم أن هناك من الأسباب ما هو واضح للعيان. فليس بخاف مدى استخفاف العاملين بالعديد من مرافق الدولة بأداء الدور المنوط بهم وغياب وعيهم بالصالح العام. كما لا يخفى خطورة التفكك الأسرى الذى أدى الى النشأة غير السليمة للأبناء تحولهم أحيانا إلى خارجين عن القانون. كذلك من المشاهد غياب إحساس نسبة عالية من المواطنين بأى التزام نحو الدولة ومحاولة الهرب من أداء ما تفرضه عليه الدولة من التزامات. وليس من الإنصاف توجيه اللوم الى المواطن المصرى وحده. فقد عاش الشعب المصرى طيلة قرون عديدة وهو فاقد الثقة فى السلطة الحاكمة بل وحريص على تحديها. ذلك ان هذه السلطة الحاكمة كانت تمثل حكومات من غير المصريين ولم تكن تكف عن إذلاله واستغلاله. ولا شك أن السبيل الأمثل لحث كل مواطن على مشاركة الدولة يكمن فى توثيق الرابطة بين المواطن والدولة وتنمية وعيه بأنه عضو أصيل بها، كما يجب أن يستقر فى ذهن كل فرد أن الدولة تكفل له الأمن والرعاية، كما أنها تحرص على إشراكه فى كل الأمور المتعلقة بالحياة العامة. ومن ناحية أخرى يتعين إدراك المواطن أن انتماءه الأصلى هو للوطن وليس لطائفة او دين بعينه مما يتطلب اتخاذ موقف حاسم من جانب الدولة يقضى على البلبلة التى يعيش فيها المواطنون بالنسبة لهذا الأمر. إن الحدث الذى وقع فى محطة سكك حديد مصر لم يسل دماء مجموعة من المواطنين فحسب بل أصاب الوطن بأسره. وهذا الحدث هو فى واقع الأمر جرس إنذار ينبه كل مواطن الى أن سلامة الوطن ومستقبله هى قضيته الشخصية، وليست قضية الدولة وحدها. لمزيد من مقالات د. فؤاد عبد المنعم رياض