فى عام 1917، فازت جانيت رانكين من ولاية مونتانا بمقعد فى مجلس النواب، لتصبح أول امرأة تنتخب فى هذا المنصب، بعد مرور 128 عاما على انعقاد أول كونجرس للولايات المتحدة. ومنذ ذلك التاريخ تقريبا لم تتوقف معركة المرأة الأمريكية شأنها شأن الملايين من السيدات حول العالم. وبعد مرور 102 عاما، تحول رقم 1 إلى 131 وهوعدد النساء العاملات فى الكونجرس بمجلسيه فى دورته ال 116 الحالية. وسجلت انتخابات التجديد النصفى لعام 2018 تغييرا واضحا فى التمثيل السياسى للمرأة. فللمرة الأولى، تتولى أكثر من 100 امرأة مقاعد فى مجلس النواب - من أصل 435 مقعدا - منهن عضوات سود ومن أعراق مختلفة. وتغيرت بالتالى صور التمثيل السياسى لتظهر كل شخصية بوجهة نظرها الخاصة فى المعتقدات السياسية والأهداف الشخصية والتاريخية. فمنهن أول امرأة من قدامى المحاربات ، وأول النساء الأمريكيات من السكان الأصليين ، وأول امرأة مسلمة، وأول امرأة رئيسا لمجلس النواب - والقائمة تطول. ولسخرية القدر، هذا الصعود النسائى لم يكن ليحدث بدون الرئيس الحالى دونالد ترامب، وذلك بسبب شعور الأمريكيات بالخطر سواء فى قوانين حمايتهن من التحرش أو الرواتب أو حتى النظرة التقليدية لهن. وعلى الرغم من أن عام 1992 كان يطلق عليه فى السابق عام المرأة فى السياسة الأمريكية، بسبب العدد القياسى من النساء اللاتى تم انتخابهن حيث كن 47 فى مجلس النواب و4 فى مجلس الشيوخ ، فإن المكاسب الفعلية التى حققتها النساء فى انتخابات 2018 فاقت التوفعات. لكن هذا تغير الآن وضربت المرأة فى العامين الماضيين وحدهما خير مثال لصمودها ورفضها للتراجع. وكان دخول نانسى بيلوسى الكونجرس مجددا فى 2019 لاستعادة منصبها كزعيمة للديمقراطيين بمجلس النواب بمثابة الدليل القاطع على أن المرأة موجودة بقوة اكثر من أى وقت مضى وباقية لتستمر. فعندما انضمت بيلوسى إلى مجلس النواب فى عام 1987 ، كانت هناك 23 نائبة فقط. ولكنها فى 2007 ، كانت أول امرأة تنتخب رئيسة لمجلس النواب . وفى عالم حركة «موتى تو»(انا أيضا) التى وقفت أمام التحرش بمعناه الفعلى والمعنوى حول العالم الذى مازال يحاصر المرأة فى كل ركن، لم تتوقف بيلوسى أمام محاولات التقليل من شأنها ولتعود بقوة فى ما لا يزيد عن شهر لتثبت لترامب قوتها فى إخضاعه للقانون ورفضها لإملائه شروطه على الشعب والمهاجرين، بل ومدت يد الصداقة والحوار مع الجمهوريين. ولم تستسلم كذلك المرشحة للرئاسة» إليزابيث وارن» أمام وصف ترامب علها ب»بوكاهونتاس» لتصويرها على أنها ناكرة لجذورها العرقية. ومن قبلها هيلارى كلينتون التى وصفها بأنها قاسية وغير صادقة، إلا أنها ألهمت الكثير من الفتيات والنساء بتحركاتها الواثقة للفوز بالبيت الأبيض لتصبح أول امرأة تترشح عن حزب رئيسى لرئاسة الولاياتالمتحدة. وكذلك الرسوم الكاريكاتيرية ولقطات الفيديو التى سخرت من النائبة اللاتينية الأصل أوكاسيو-كورتيز. ولم تتوقف هذه أو تلك بل ازدادت شعبيتهن وأكدن قربهن من نبض الشعب بكل طوائفه لتحقيق تكافؤ حقيقى فى السياسة والأجور والمجالات الأخرى متسلحات بتحالف متنوع من النساء. وتوجن فوزهن بمقاعد الكونجرس بمظاهرة رمزية ارتدين فيها جميعهن اللون الأبيض، وفاء للحركة النسائية التى حاربت من أجل حق المرأة فى التصويت. اليوم، تضاعف عدد السيدات فى المجالس التشريعية خمس مرات، وأعلنت 4 مرشحات عزمهن خوض الانتخابات الرائاسية لعام 2020 ليواصلن التقدم. إن شغل النساء لمناصب منتخبة أمراً مهماً لأنه يجعل الكونجرس والهيئات السياسية أقرب إلى الشعب. بالتأكيد ستجد هؤلاء «المحاربات» من يحاول إحباطهن، ولكن صمودهن سيبقى سر قوتهن.