كان النَّاسُ يسألون رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، في أمور الدنيا، وذلك من فقه الإسلام، بينما كان الصحابة، رضي الله، تعالى، عنهم، يسألونه في أمور الآخرة، وذلك من الفقه الأعلى، والأعمق. لخَّص ابن تيمية وغيره، ذلك، بقولهم: "ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر، أو يميز الخير عن الشر، ولكن العاقل والفقيه من يعرف خيرَ الخيرين، وشرَّ الشرين". إن الإسلام دين الواقعية والبساطة. وقد سجلت لنا السنة النبوية، ما جاء في "صحيح البخاريِّ"، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ". (عند "مسلم": "أي المسلمين أفضل؟). ويرى ابن القيم، أن "أفضل العبادة" هو: "العملُ على مَرْضاة الربِّ في كلِّ وقتٍ، بما هو مُقتَضى ذلك الوقت، ووظيفته". (مدارج السالكين). وذخرت أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، ببُشريات عظيمة. وهل هناك أعظم من حياة أبدية في الجنة؟ روى عبد الله بن عمر، أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: "إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ؛ جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ: لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ: لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ". (رواه البخارى). وتُعتبر فرائض الصلاة سبيلًا عظيمًا إلى الجنة؛ لحديث عبادة بن الصامت، قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ". (صححه الألباني في "صحيح أبي داود"). وهذه سورة "ليس فيها ذكر جنة ولا نار، ولا دنيا ولا آخرة، ولا حلال ولا حرام، انتسب الله إليها، فهي له خالصة، من قرأها ثلاث مرات.. عدل بقراءة الوحي كله". هكذا وصف السيوطي سورة "الإخلاص"، لحديث أنس، أن رجلًا قال: يا رسول الله: إني أحب هذه السورة: "قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ"، فقال: "إن حبك إياها يدخلك الجنة".(قال الألبانيُ: حديث حسن صحيح). وفي حُسْنِ الخُلُق؛ قال، صلى الله عليه وسلم: "أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خُلُقًا". (رواه الطبراني وصحَّحه الألباني). إنها أسباب كثيرة هيأها الله، تعالى، لدخول الجنة. جعلنا، سبحانه، من أهلها. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد