يحب اللهُ تعالى، العبدَ، الذي يسابق الآخرين إليه، ويكون في مقدمتهم، في كل طاعة، أو عبادة. قال سبحانه: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم".(الواقعة:12). أي: "السابقون في الدنيا إلى فعل الخيرات، هم السابقون في الآخرة إلى الفوز بأعلى الجنات" وفق مفسرين. وقد تعدَّدت الروايات الواردة عن رسول الله، في بيان أحب الأعمال، وأفضلها، عند الله، ما بين: الصلاة على وقتها، والإيمان بالله، وبر الوالدين، والجهاد، والذكر، والنهي عن المنكر، وسلامة الصدر، وعدم إيذاء المسلمين، وقول كلمة الحق.. إلخ. وقد ورد أن أداء الصلاة في أول وقتها؛ أحب الأعمال إلى الله. روى البخاري ومسلم عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: "سَأَلْتُ النَّبِيَّ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا"، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "بِرُّ الْوَالِدَيْنِ"، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". وفي حديث ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ، أنه قَالَ له: "عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً". (مسلم). وروى البخاري ومسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن النَّبِيَّ قَالَ لِبِلاَلٍ: "يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ". قَالَ: "مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ". والدَف بالفتح: الحركة الخفيفة، وصوت النعلين. ومن أوائل الأعمال الصالحة التي يحبها الله أيضا؛ بر الوالدين، إذ قدَّم طاعتهما بعد طاعته، فقال: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا". (الإسراء: 23). وقال صلى الله عليه وسلم: "رَغِمَ أنفُه، ثم رَغِمَ أنفُه، ثم رَغِمَ أنفُه. قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما، فلم يدخل الجنة". (مسلم). والجهاد في سبيل الله، الذي هو بذل النفس والمال في سبيل إعلاء كلمته.. هو كذلك من أوائل الأعمال التي يحبها الله. روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ"، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبْرُورٌ". وفي هذا الإطار تأتي أولوية قول كلمة الحق، وتبليغها، والذود عنها. ففي الحديث: "أفضل الجهاد "كلمة عدل" (وفي رواية: "كلمة حق") عند سلطان جائر". (صححه الألباني). وعقَّب علماء فقالوا: "ذلك.. إذا أَمِنَ القتل، أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به". وروى عبد الرحمن بن الحضرمي قال: أخبرني من سمع النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: "إن من أمتي قومًا يُعطَون مثل أجور أولهم؛ ينكرون المنكر".(صححه الألباني). ومما جاء في أفضلية ذكر الله تعالى، أن رجلا سأل النبي، فقال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله". (رواه الترمذي وصححه الألباني). وتعني رطوبة اللسان: كثرة تحريكه بذكر الله. وروى أحمد وغيره أن رسول الله، قال: "قال الله عز وجل: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني، وتحركت بي شفتاه". (صححه الأرناؤوط). وفي صحيح مسلم أن النبي قال أيضا: "سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات". وفي الصحيحين: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم". ومن أولويات الأعمال أيضا: تعلُّم القرآن. فعن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان عن النَّبِيِّ، قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". (البخاري). وروي عبد الله بن عمر أن النبي قال: "من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن؛ تقضي عنه دَيْنًا، تقضي له حاجة، تنفس له كربة". (صححه الألباني). وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ:" تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ". في هذا السياق تأتي أولوية تجنب الغيبة والنميمة، وإيذاء الناس، باليد أو باللسان. عن عبد الله بن مسعود، قال: سألت رسول الله، فقلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلاة على ميقاتها". قلت: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: "أن يسلم الناس من لسانك". (صححه الألباني). وعن أبي موسى، قال: قلت: يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه، ويده". (البخاري ومسلم) . وعن عبد الله بن عمرو قال: قيل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: "كل مخموم القلب، صدوق اللسان". قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد". (صححه الألباني). ويلاحظ في الأحاديث السابقة أن الجواب قد اختلف باختلاف أحوال السائلين، والأوقات. وعلَّل الحافظ ابن حجر ذلك بأن العمل يكون في وقت ما أفضل منه في غيره. كما أن هُناك قاعدة عامّة يجب على المُسلم أن يلتزم بها، وهيَ أنَّ: "أحب الأعمال إلى الله: أدومها، وإن قلّ".(البخاري ومسلم) ما يدعوه إلى الحفاظ عليها، وإن قلَّت.