في كل وجه كلام يقال وحكاية نقشت أحرفها علي الملامح لكنها لا تقرأ علي عجل، فقط في لحظات سكون ناظريك إلي الوجوه يتكشف لك سرها وحكايتها، وثمة التقاء يحدث في منطقة الشعور فيفشي ما أخفاه سكوت الألسن. هذا مارمي إليه الفنان الشاب مصطفي عبدالجواد في معرضه «لحظة سكون»، بدار الأوبرا. يقول مصطفي إنه أراد من الزائر لحظة سكون ليتذوق ما ترمي إليه اللوحة من مشاعر متضادة ومنسجمة علي الوجوه التي اختارها لينحتها خياله علي الورق، مشيرا إلي أن المعرض يضم 18 بورتريها، كل منها يحكي قصة مختلفة، فبعضها يمثل واقعية مفرطة وأخري تغرق في التفاصيل فتحكي قصة رجل مشرد رث الملابس للتعبير عن عوزه الشديد وإلي جواره الكثير من الموز لكنه لا يعبأ به في رمزية لعزة نفسه وتمنعه عن مد يده رغم حاجته، وينقلنا في لوحة أخري إلي حالة من السعادة تملكت رجلا لم يكن بيده سوي كوب شاي في رمزية إلي النفوس الراضية التي تمتلئ بها الشوارع المصرية، ثم ينقلب إلي وجوه الأطفال فيحصل منها علي شعورين مميزين، أحدهما لبنت فازت برغيف خبز بعد معركة في طابور طويل ووجهها تكسوه نشوة المنتصر التي تمتزج ببراءة الطفلة وحلاوة ضحكتها، فيما ينتقل بالصورة إلي البحر بسعته ليسجل لنا قسمات وجه المراكبي ذي التسعة أعوام يعتلي البحر في نشوة لم تحرمه من مرح الطفولة .. وكما ان الوجوه متنوعة فإن موهبة الفنان الشاب أيضا متنوعة، فنجده يعرض أيضا بورتريهات لعمارة من داخل حارات شعبية بدرب اللبان مرسومة علي ورق غامق ليؤكد رسالته أننا بحاجة إلي لحظة سكون لنري الصورة كاملة، فحتي العشوائيات تحمل بداخلها بعضا من جمال لكن لا يراه المتعجل، ويختار لبورتريهات مساجد الباطنية ألوان السوفت باسيل مع أقلام الحبر ليمنح العمارة العريقة روحا من الحداثة. وللمفارقة فإن الفنان مصطفي عبد الجواد كان قد حصل علي بكالوريوس الفنون التطبيقية من جامعة حلوان، مما يعني أنه ليس مجال دراسته، لكنه أحب هذا الفن.