محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    142 مقعدا، الحصر العددي يكشف فوز القائمة الوطنية بقطاعي الصعيد وغرب الدلتا    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    نتائج أولية في انتخابات النواب بالمنيا.. الإعادة بين 6 مرشحين في مركز ملوي    تداول 10 ألف طن و620 شاحنة بضائع في موانئ البحر الأحمر    الفريق أسامة ربيع يبحث سبل التعاون مع هيئة الموانئ البحرية السودانية    الزراعة تتابع عمليات صرف الأسمدة للموسم الشتوي بالمحافظات    وزير السياحة يعقد لقاءات إعلامية خلال زيارته للرياض    وزير الحرب الإسرائيلي يقترح إغلاق إذاعة جيش الإحتلال    الهلال الأحمر المصري يدفع قافلة «زاد العزة» ال71 حاملة أكثر من 8 آلاف طن مساعدات إلى غزة    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل والقنوات الناقلة    كأس العالم للناشئين - موعد مباراة مصر ضد سويسرا في دور ال32    موعد مباراة فرنسا وأوكرانيا في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    براءة عاطل متهم بالتحرش بفتاة في روض الفرج    نفاد مواعيد حجز جلسات "كايرو برو-ميت" بعد 12 ساعة من فتح باب التسجيل    «متحدث الوزراء»: الدولة لديها استراتيجية لتطوير المناطق السياحية    مصر تتسلم شهادة خلوها من مرض التراخوما خلال افتتاح المؤتمر العالمي للسكان    لا يحدث إلا فى مصر    موقف ثابت وتاريخى    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    وزير السياحة والآثار يعقد لقاءات إعلامية مع وسائل الإعلام السعودية والدولية خلال زيارته الرسمية للعاصمة السعودية الرياض    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    الزمالك يكشف تطورات أزمة أرض النادي بأكتوبر    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    العناية الإلهية تنقذ سكان عقار الجمرك المنهار بالإسكندرية.. صور    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    «الداخلية» تقرر السماح ل 42 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    توجيه التربية المسرحية بشرق مدينة نصر يحصد المركز الأول في مسابقة إلقاء الشعر على مستوى القاهرة    المملكة المتحدة تشدد القيود على صادرات الغاز الروسي    المستوطنون المتطرفون يشنون هجمات منسقة ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية    قصر العيني يحتفل بيوم السكر العالمي بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    "فاطمة رشدي.. سارة برنار الشرق" ندوة بدار الكتب اليوم    حمو بيكا يودع إسماعيل الليثي بكلمات مؤثرة: "يا وجع قلبي عليك يا أخويا"    اليوم.. محاكمة 6 متهمين ب "داعش أكتوبر"    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 12 112025    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في سوق العبور للجملة    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة

أملى هذا المقال على ابنتى الكاتبة الشاعرة د. منى حلمى، لعدم قدرتى على قراءة الحروف. أرقد بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة، بعد قرار الفريق أول محمد زكى، وزير الدفاع، بعلاجى على نفقة الدولة. يحوطنى الحب والتقدير، ابتداء بالمدير العام للمستشفى اللواء طبيب بهاء الدين أحمد مرسى، واللواء طبيب إيهاب يعقوب رئيس قسم العيون، واللواء طبيب أحمد فوزى رئيس قسم الأعصاب. وأحظى بالاهتمام من جميع العاملين والعاملات، وهيئة التمريض، وشباب الأطباء والطبيبات. كنت رغم المحن التى مررت بها، أؤمن بأن الانسان برىء حتى تثبت إدانته وأن الطبيعة البشرية، تميل الى فعل الخير.
فى طفولتى، وخلال مراحل عمرى المختلفة، سببت لى أفعال الناس الكثير من الأذى لكن إيمانى بقدرة الانسان، امرأة أو رجلا، على تغليب الخير، والحب والتسامح، ونبذ الكره والضغائن والانتقام لم يتزعزع يوما. وقد شاهدت قصصا إنسانية عظيمة، من أبسط الناس، تؤكد قدرتهم على العطاء دون مقابل، وتثبت أن النبل الإنسانى، متغلغل فى أعمق الجذور. لم تعد العلوم الإنسانية، تتكلم عن الطبيعة البشرية الثابتة، للإنسان امرأة أو رجلا، بل عن الدوافع، التى تقود البشر الى سلوك معين, تحت ظروف اجتماعية، وسياسية معينة. فى محنتى الأخيرة اكتشفت، بل أعدت اكتشاف قوة الحب فى الانتصار على الشدائد، وقوة الانسان على النجاة من المرض، أو حتى الموت.
كل يوم هناك القصص للبشر، نساء ورجالا، المريضات والمرضى الذين أوقفوا تغلغل السرطان فى أجسادهم، رغم تأكد الطبيب من أن حالتهم ميئوس منها. واذا بالطبيب يموت قبل المريض. واذا المريض بقوة الحياة، وارادة التحدى، يقهر الخلايا الخبيثة. بل أصبحت هذه القصص، مألوفة، بعد أن كانت يوما من العجائب، والنوادر. وكم هو عجيب هذا الانسان، امرأة أو رجلا، الذى يفجر كل لحظة، الحقيقة الأزلية الأبدية المتجددة، أن حب الحياة ليس مجرد غريزة تتدفق دون سيطرة. ولكنه إرادة، واعية يمكن للإنسان أن يتحكم بها ويوجهها بالقوة التى يريد، أينما شاء.
تظل العلوم الطبيعية والانسانية ومنها علم الطب قاصرة عن فهم ذلك الإنسان العجيب، الذى يتنبأ له الجميع بالموت أو فقدان البصر أو فقدان الحركة أو فقدان العقل والمنطق والذاكرة او حتى الجنون. فاذا بهذا المجنون أو المجنونة تكتشف من الفنون والعلوم ما لم يكتشفه عباقرة العلم وجهابذة الطب. نعيش فى عالم شديد القسوة على الفقراء والضعفاء والنساء، شديد الظلم على منْ لا يملك أسلحة السلطة والمال، شديد البطش بالانسان الذى لا يملك إلا الحلم، والأمل. لكن مهما تكن قسوة وظلم وبطش هذا العالم، الا أنه يقف عاجزا أمام الانسان الممتلئ بالأمل، والانسانة التى ترفض أن تُستلب أحلامها فى عالم أكثر انسانية، وعدلا، وحرية. هذا العالم الذى ينفق المليارات من الدولارات، على انتاج أسلحة الدمار الشامل، ويقتل الآلاف من الأبرياء، ويدمر فى حروب مختلفة المدن، والقرى، الآمنة، لا يمكنه تدمير الضمائر الحية المتشبثة بتأسيس حضارة عالمية جديدة.
ربما الزلازل والفيضانات والحرائق وحوادث الارهاب والأعاصير واحتمالات الافلاس والخسارة المادية، ومصائب الأقدار غير المتنبأ بها، غير المنطقية، لا تخيف العالم، مثلما يخيفه الانسان، الذى لا يتسرب اليه اليأس، والاحباط رغم الفشل أو الهزيمة، ويظل مشحونا بطاقة أمل لا تنضب. والأمل لا يقترن دائما بالنجاح، وتخطى الحواجز. هناك نجاح يصعد على أكتاف تجارب من الفشل. والسقوط من فوق أحد الحواجز، يمدنا بالقوة واليقظة اللازمتين للحواجز القادمة. حينما يسألوننى عن معنى النجاح، أقول: إنه الانتقال من فشل الى فشل دون فقدان الأمل، والنهوض بعد الوقوع عدة مرات. كان يمكن لفصيلة البشر أن تندثر، من فوق كوكب الأرض، لولا الانسانة، والانسان، الذى يؤمن أن حقه فى الأمل، وحلم التغيير، أول حقوقه الإنسانية وأيضا أول واجباته. لست أبالغ حين أقول إن الأيام التى أقضيها فى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة، أعادت الى الثقة فى وطن عظيم وُلدت فوق أرضه وشربت من نيله ونعمت بشمسه ونهلت من حضارته العريقة.
لمزيد من مقالات ◀ د. نوال السعداوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.